خرج اغلب محترفي الجزائر في الملاعب الأوروبية من مولد سوق الانتقالات الصيفية بلا حمص رغم أن الكثير من التقارير الإعلامية المحلية والأجنبية كانت ترشحهم لتغيير الأجواء نحو وجهات أفضلعلى الأقل من الناحية الفنية خاصة بالنسبة لبعضهم ممن تألقوا الموسم الماضي فإرتفعت أسهمهم في بورصة اللاعبين أو ممن خيبوا ففتحت أبواب الرحيل أمامهم للمغادرة ، بل أن بعضهمضيع ناديهدون أن يمضي لأي ناد آخر وأصبح بلا فريق ومكانته في المنتخب باتت مهددة ومشاركته في نهائيات كأس أمم إفريقيا 2013 في حال بلغها الخضر يحوم حولها الكثير من الشكوك. وسيجبرهم هذا الواقع على معايشة دكة البدلاء و انتظار الميركاتو الشتوي لتحقيق أحلامهم.

وبدا واضحا أن الأزمة المالية التي تعرفها القارة العجوز منذ العام 2008 لا تزال تأثيراتها السلبية سارية المفعول وخاصة بالنسبة للأندية الصغيرة ذات الموارد المالية المتواضعة و التي يقصدها في الغالب اللاعبين الجزائريين.

فرياض بودبوز صانع العاب المحاربين ونادي سوشو الفرنسي وبعد موسم جيد ساهم خلاله في إنقاذ ناديه من شبح الهبوط للدرجة الثانية رشحته الصحافة الجزائرية ليكون ضمن أغلى الصفقات في السوق الأوروبية وأكدت في تقاريرها بان انتقاله لأحد كبار الدوري الفرنسي خاصة اولمبيك مرسيليا أو نادي ليفربول الانكليزي مسألة وقت ليس إلا ، قبل أن يتضح مع إغلاق السوق بان تلك التقارير كانت زائفة ومجرد فبركة إعلامية بلا هدف ، فبودبوز لا يملك في الوقت الحالي سوى البقاء في سوشو والاجتهاد أكثر لتقديم أداء فني راق وهو السبيل الوحيد الذي يتيح له الانتقال إلى ناد يلبي طموحاته ، لكن الازدراء الذي قوبل به من قبل عشاق سوشو قد يؤثر على معنوياته بالسلب ويدفعه إلى قبول أي عرض للهروب من جحيم العنصرية الفرنسي وربما يدفعه إلى الانتقال إلى دوري أوروبي آخر.

ويبقى الغريب في موضوع انتقال بودبوز أن الأخير لم يصله أي عرض بشكل رسمي رغم أن بعض الخبراء يعتبره من أفضل اللاعبين في الدوري الفرنسي .

وبدوره الظهير جمال الدين مصباح مرشح ليعيش أسابيع صعبة مع نادي جمعية ميلان الايطالي بعدما فشل هو الآخر في الانضمام إلى فريق آخر رغم إدراكه بان استمراره في الميلان قد لا يخدمه خاصة في حال خرج من الحسابات التكتيكية للمدرب ماكسي ميليانو اليغري في الكالتشيو وفي دوري أبطال أوروبا كما لا يخدم ناديه الذي عمل كل ما بوسعه للتخلص منه غير آن المفاوضات مع أندية ايطالية منها باليرمو باءت بالفشل .

الحارس الأساسي للخضر رايس مبولحي وضعيته ساءت أكثر ، فبعدما رفض ناديه كريليا سوفيتوف البلغاري تسريحه و عدم تجديد عقده مباشرة بعد نهاية الموسم بسبب راتبه الشهري العالي بالنسبة لخزينة الفريق فشل في إيجاد ناد ينقد مسيرته من الضياع و هو حاليا بلا ناد و مكانته في المنتخب لم تعد مضمونة إلا في حال وافق على الانضمام إلى إحدى الأندية الجزائرية برخصة استثنائية من قبل الاتحاد خدمة لمصلحة المنتخب الذي يعاني من قلة الحراس المميزين.

وسيواصل المهاجم العربي هلال سوداني مشواره في أوروبا ضمن نادي فيتوريا سيتوبال على الأقل لموسم آخر رغم انه هو الآخر و وفقا لبعض الصحف الجزائرية الرائدة في الفبركة أكدت بأنه مطلوب و بشدة من قبل اولمبيك مرسيليا .

وما على المهاجم عبد القادر غزال إلا الصبر مع نادي باري الايطالي بعد انتهاء إعارته لنادي ليفانتي و فشله هو الآخر في تغيير الأجواء.

كما سيواصل ثلاثي الدوري القطري مجيد بوقرة و نذير بلحاج و كريم زياني مغامرتهم الخليجية و عودتهم إلى الملاعب الأوروبية أصبحت شبه مستحيلة مع تقدمهم في السن و تراجع أدائهم البدني الذي لم يعد يؤهل بعضهم حتى للعودة إلى المنتخب.

وبقي متوسط الميدان عامر بوعزة الذي قيل ذات يوم بان صراعا بين الجزائر و فرنسا يدور للظفر بخدماته بقي بلا ناد رغم انه كان من السابقين لتغيير الأجواء من نادي ميلوال الانجليزي امونيا نيقوسيا القبرصي لكن الأجواء هناك لم تعجبه فقرر فسخ عقده معه .
وحسب متابعين لشؤون محترفي الخضر في أوروبا فان العامل الفني ليس وحده من تسبب في فشل مساعيهم بل هناك عامل آخر أكثر أهمية يتعلق بوكلاء اللاعبين الذين يتعاملون معهم و خصوا بالذكر وكيل أعمال بودبوز ففي الوقت الذي رحل زميله في النادي مارتن مارفين إلى نادي ليل بطل فرنسا قبل موسمين بقي رياض معلقا في سوشو ، و يرون هؤلاء بان محترفي الجزائر يتعاملون في الحقيقة مع سماسرة يركزون فقط على مصالحهم الشخصية دون الاكتراث بمستقبل موكليهم من خلال الموافقة على العروض الأقل من الناحية المالية بالنسبة لما يحصل عليه اللاعب على أن يأخذ الوكيل حصة الأسد ، و يستندون في ذلك على أن الكثير من الحالات كان أصحابها قريبين من أندية كبرى قبل أن يوافقوا على الانضمام لأندية متواضعة ، و خصوا بالذكر وكيل أعمال بودبوز كريم أكليل الذي يحتكر أعمال جل المحترفين الجزائريين في القارة العجوز و حتى الدوليين الذين يلعبون في الجزائر و من ضمنهم المهاجم اليافع إسلام سليماني الذي تعاقد مع أكليل في بداية الميركاتو الصيفي و وقتها كان مرشحا بقوة للاحتراف في أوروبا بالنظر إلى المستوى الكبير الذي قدمه سواء مع ناديه شباب بلوزداد أو مع المنتخب الوطني قبل أن يجد نفسه يجدد عقده مع بلوزداد .

وأمام هذا الوضع فما على هؤلاء اللاعبين سوى تغيير وكلائهم و البحث عن آخرين ممن ينقبون عن العروض الأفضل لموكليهم و يربطون مصالحهم و بمصالح اللاعب.

وعلى عكس هؤلاء فان عدد من الجزائريين نجح في استغلال الانتقالات الصيفية على الأقل من الجانب الفني و يأتي على رأس هؤلاء المدافع رفيق حليش الذي تخلص من جحيم فولهام الانجليزي الذي انضم إليه في أغسطس العام 2010 في صفقة اعتبرها الجمهور الجزائري من أفضل صفقات محترفي الخضر في أوروبا بعدما تألق مع المنتخب في نهائيات كاس العالم و كاس أمم إفريقيا ، غير انه بقي بلا منافسة و لم يلعب منذ يونيو 2010 لغاية انتقاله أي مباراة رسمية مع ناديه و حتى عندما حاول التخلص من وضعيه السيئة العام الماضي بالانتقال إلى سوانسي سيتي فشل لأسباب إدارية ، و ها هو يعود من حيث آتى بالتوقيع لنادي اكاديميكا البرتغالي لموسمين على أمل بعث مسيرته الاحترافية و استعادة إمكانياته خاصة أن ذلك تزامن مع استدعائه مجددا للمنتخب من قبل المدرب البوسني وحيد خليلوزيدش الذي يبقى يراهن عليه لقيادة الدفاع بعد اعتزال عنتر يحيى و إصابة بوقرة.

وكان حليش قد غادر الدور الجزائري من نادي نصر حسين داي نحو نادي بنفيكا في يناير 2018 و أعاره الأخير إلى مواطنه ناسيونال ماديرا أين لعب لغاية انتقاله إلى فولهام .

كما نجح المهاجم فتحي غيلاس في تثبيت عقده مع نادي رامس الذي ينشط في الدرجة الثانية بفرنسا بعد موسم ناجح قضاه معه على سبيل الإعارة أنهاه هدافا للنادي.

وعاد المدافع رضا مادوني إلى الدوري الفرنسي مجددا بعد سنوات من مغادرته موقعا لنادي نانت احد اعرق الأندية الفرنسية و بطل الدوري لمرات عديدة قبل أن يهبط إلى الدرجة الثانية ، قادما إليه من نادي اتحاد برلين من الدرجة الثانية الألماني . و من نفس الوجهة إلى نفس الوجه غادر المدافع الدولي الأسبق حبيب بلعيد نادي انتراخت فرانكفورت لينضم إلى نادي سيدان الفرنسي بعد موسم مخيب لم يلعب فيه سوى مبارتين.

أما الوجه الجديد في المنتخب المهاجم إسحاق بلفوضيل فيمكن القول انه حقق صفقة ناجحة فنيا بعدما انتقل من اولمبيك ليون النادي الذي ترعرع فيه إلى بارما الايطالي الذي سيتيح له فرصة تفجير قدراته التقنية العالية التي يزخر بها صاحب العشرين ربيعا.

كما عرفت الأيام الأخيرة للسوق انتقال المهاجم ياسين براهيمي لنادي غرناطة الاسباني معارا لموسم واحد من نادي رامس الفرنسي ليجاور مواطنه حسن يبدة رافعا بذلك عدد محترفي الجزائر إلى خمسة بعد كل من يبدة و فيغولي و مهدي و كادامورو.

ونجح المهاجم اليافع سليم كركار في مغادرة غلاسغو رانجرز الهابط إلى الدرجة الرابعة في اسكتلندا و الانتقال إلى شارلتون الانجليزي أما المهاجم محمد شعلالي ففضل مغادرة نادي أبردين الاسكتلندي و العودة إلى الجزائر حيث سيلعب مع بطل الدوري وفاق سطيف.