تمكنت فتيات فلسطينيات من نقل الرياضة النسوية، رغم ضعف الامكانيات والقدرات، من المشاركات المحلية إلى المحافل الدولية، وذلك بفضل أدائهن والمتابعة الحثيثة من الجهات المختصة التي أتاحت لهن مثل هذه المشاركات.
ورود صوالحة مع مدربها ساهر جودة |
تخوض ورود صوالحة، ابنة العشرين عاماً من قضاء نابلس في الضفة الغربية تدريبات مكثفة بعد اختيارها كممثلة لفلسطين في أولمبياد لندن القادمة، ضمن ألعاب القوى والجري لمسافة 800 متر.
وتستعد صوالحة، حالياً للسفر والانضمام في المعسكر التدريبي الخاص الذي سيقام في العاصمة القطرية الأسبوع المقبل، وحتى بدء انطلاق فعاليات الأولمبياد المقررة في شهر تموز المقبل.
وأكد عبد الناصر صوالحة، والد ورود، في اتصال هاتفي مع quot;إيلافquot; أنه يسعى دوماً إلى تشجيع ابنته التي تمكنت بفضل موهبتها ودعم أهلها وإشراف مدربيها من تحقيق نتائج متميزة.
وقال: quot;إن ورود ستمثل فلسطين في الأولمبياد القادمة، وهذا يعدّ مفخرة له وإنجازاً فلسطينياً مهماًquot;.
وأكد أن ابنته بدأت منذ أيام الدراسة بالمشاركة في ألعاب القوى ورياضة الجري التي هوتها منذ نعومة أظافرها هي وشقيقاتها اللواتي اتخذن منحى تعليمياً آخر عند الدراسة الأكاديمية.
ولفت إلى أن ورود، هوت الرياضة واختارت تخصص الرياضة، في جامعة النجاح الوطنية لتواصل مشوارها التعليمي.
وعما إذا كانت النظرة المجتمعية تقف عائقاً أمام مثل هذه المشاركات لكونها فتاة، رفض الأب هذه النظرات ونوّه إلى كونه سعيداً وفخوراً بمشاركات ابنته على الصعيدين المحلي والخارجي.
وقال: quot;أمارس رياضة الجري مع ابنتي بصورة دائمة وأدعمها وأشجعها باستمرارquot;، مؤكداً أن هناك عوائق تقف أمام تطور ابنته في هذه الرياضة نظراً لغياب وجود المضامير وعوائق مادية.
وأثنى على جهود ومتابعات اتحاد ألعاب القوى الفلسطيني، الذي يقدم الدعم والتشجيع لورود، فيما أشاد بجامعة النجاح لإتاحة المجال لتدرب وتدريب ورود.
الرياضة منذ الصغر
ورود في إحدى المشاركات |
بدورها، أكدت ورود صوالحة، في لقاء خاص مع quot;إيلافquot; أن الرياضة عاشت معها منذ الطفولة ونمت بنموها وكانت أولى مشاركاتها في سن الثالثة عشرة ضمن مباريات الدوري في المدارس وضمن بطولات الجري والوثب والتحمل.
وقالت: quot;بعد نجاحي في امتحان الثانوية العامة ورغم تفوقي وحصولي على معدل 93% في الفرع الأدبي اخترت دراسة تخصص الرياضة في جامعة النجاح لتنمية مهاراتي وقدراتيquot;.
وحول مدى تقبل الأهل لتخصصها، أكدت وجود نصائح وإرشادات باختيار تخصص آخر، ومع ذلك لم تكن هناك معارضات وفي نهاية الفصل الدراسي الأول حصلت على معدل أكاديمي عالٍ وحصلت على منحة تفوق وحظيت بتشجيع إضافي.
ومع الفصل الدراسي الأول سعت ورود، إلى الانضمام إلى فريق الجامعة لألعاب القوى، حيث لاقت الاهتمام من قبل المدربين لتنمية مهاراتها، مؤكدة أن المدرب ساهر جودة تطوع لتأهيلها والإشراف على تدريبها بشكل مستمر.
ولفتت إلى مشاركاتها في أنشطة وفعاليات الجامعة على المستوى المحلي وعلى مستوى الجامعات الفلسطينية في مسابقات المسافات المتوسطة والطويلة والوثب العالي والوثب الثلاثي.
جوائز متعددة
وبخصوص الجوائز والمراكز المتقدمة التي حصلت عليها في ظل مشاركاتها، أكدت أن أول مركز حصلت عليه كان في المدرسة حين كان عمرها 14 عاماً في سباق المدارس لمسافة أربعة كيلو مترات، وفي الجامعة حصلت علىجوائز عدةوميداليات وحظيت بتكريم لائق من قبل رئيس الجامعة وذلك ضمن مشاركاتها في الأنشطة اللامنهجية.
وحصلت على العديد من الجوائز خلال مشاركاتها في المسابقات على مستوى الوطن ضمن منافسات المسافات المتوسطة والطويلة.
وعن طبيعة وكيفية اختيارها ممثلة لفلسطين، قالت ورود: quot; بتاريخ 15\10\2011 جرى سباق لاختيار اللاعب الذي سيمثل فلسطين في أولمبياد لندن 2012 وجرت سباقات عدةفي جامعة بير زيت لمسافات مائة متر ومائتي متر وثمانيمائة متر وألف وخمسمائة مترquot;.
وأضافت: quot;شاركت في سباقات مسافات 800 متر و1500 متر، وحصلت في السباقين على المركز الأول وبناء على ذلك تم اختياري لأمثل فلسطين في الاولمبياد القادمةquot;.
وضمن الاستعدادات لتأهيل ورود على المستوى الدولي، اختارت بعثة فلسطين لأولمبياد لندن واللجنة الأولمبية والاتحاد العام لألعاب القوى أن تشارك ورود ضمن بطولة العالم للصالات المغلقة، والتي أقيمت في تركيا مؤخراً، بمشاركة أبطال العالم في ألعاب القوى.
وحول هذه المشاركة، قالت ورود: quot;كانت فعلاً عبارة عن مشاركة وليست منافسة، حيث كانت المرة الأولى لي بدخول هذه الأجواء وشعرت بالخوف والإرباك، وذلك نظراً لوجود آلاف الحضور، والتنافس على المضمار الخاص بمثل هذه البطولات، التي تفتقر إليها فلسطين، كما أنها المرة الأولى التي أرتدي فيها الحذاء الخاص بهذه السباقاتquot;.
وأوضحت أن هذه المشاركة جاءت بناء على رغبة رئيس اللجنة الأولمبية اللواء جبريل الرجوب، ورئيس بعثة فلسطين لأولمبياد لندن، والاتحاد الفلسطيني لألعاب القوى بهدف تأهيلها وتطوير قدراتها.
وعن مستوى الفائدة الذي حققته من هذه المشاركة، قالت ورود: quot;إن هذه المشاركة قدمت لي الخبرة اللازمة وعلمتني كيف يكون الانخراط في أجواء البطولات العالمية وسط حضور الآلاف والاندماج مع اللاعبينquot;.
وبخصوص الحذاء الذي قدمته لها اللجنة الأولمبية، أكدت عدم اعتيادها على الجري فيه كما أن مشاركتها في تركيا كانت المرة الأولى التي ترتدي فيها الحذاء الخاص بهذه الألعاب.
وأشادت بدور جامعة النجاح التي وفرت لها البيئة والأرضية الخاصة بالتدريب ومدربها الكابتن ساهر جودة، كما ثمنت دور اللجنة الأولمبية وبعثة فلسطين لأولمبياد لندن والاتحاد الفلسطيني لألعاب القوى لتوفير الدعم والتشجيع.
وأوضحت أن التحسن في أدائها كان واضحاً ضمن مشاركاتها وتدريبها، حيث اختلفت القراءات الزمنية في مسافات 800 متر و1500 للأحسن بين ما قدمته في جامعة بير زيت عند اختيارها وبين ما قدمته في تركيا.
وتستعد ورود، وشاب من قطاع غزة هو بهاء الفرا، حالياً للسفر والانخراط في المعسكر التدريبي في قطر تحضيراً للأولمبياد التي ستشارك بها ورود في مسافة 800 متر، فيما سيشارك بهاء الفرا بمسافة 400 متر.
العوائق
وأكدت أن العوائق التي واجهت مسيرتها كثيرة ومن بينها: غياب وجود الحوافز التشجيعية للاعبين، الأمر الذي يقلل من حماستهم بالاستمرار أحياناً.
وأوضحت أن مشكلة اللاعبين في مجال ألعاب القوى تقف عند عدم توفر حقول التدريب المناسبة وغياب وجود المضامير.
ولفتت كذلك، إلى غياب الدعم الرسمي والمؤسساتي الرسمي والخاص والأهلي إضافة إلى عدم اهتمام المؤسسات النسوية.
وبينت أنها تتكبد أعباء التنقل والتوجه للتدريب وتتحملها على حسابها الخاص.
وعبرت عن فخرها وسعادتها كونها ستمثل فلسطين وجامعتها في البطولة الدولية القادمة.
وعما إذا كان الحجاب يقف عائقاً أمام مشاركتها، نفت ذلك وقالت: quot;الحجاب التزام، ولا ضير بمشاركاتي في الحجابquot;.
وتسعى ورود من خلال مشاركتها إلى الوصول إلى رقم أفضل وأن تحسن من مستواها في المشاركات الخارجية وأن تقدم لفلسطين انجازاً متميزاً ومتقدماً، مؤكدة أن مشاركتها في أولمبياد لندن القادمة ستكون بداية مشوارها.
تجدر الإشارة إلى أن ورود صوالحة سترفع العلم الفلسطيني في المشاركات النسائية الرياضية الدولية للمرة الثانية بعد غدير غروف التي سبقتها في أولمبيات بكين 2008.
يذكر أن ورود، تنحدر من أسرة قوامها عشرة أشخاص سبعة بنات وشاب ويقع ترتيبها الرابع بين صفوف الأسرة.
المدرب والتدريب
من جهته، أكد المدرب ساهر جودة، والمحاضر في كلية الرياضة في جامعة النجاح الوطنية، أنه وضمن بطولة أولمبياد اتلانتا العام 1996 كان قد أختير لتمثيل فلسطين في الأولمبياد إلا أن مشكلة تتعلق بجواز السفر وقفت عائقاً أمام مشاركته.
وأوضح أن مشاركة ورود في هذه الأولمبياد تعدّ هامة جدا بالنسبة له كونها استطاعت تحقيق حلمه، وهو الآن يشرف على تأهيلها وإعدادها لخوض غمار هذه المنافسات.
وقال جودة: quot;أشرف على تدريب ورود للعام الثالث على التوالي وقد أثبتت جدارتها في اختبار جامعة بير زيت، وتخضع لبرنامج تدريبي مستمر وهي في تحسن دائمquot;.
وعن المشكلات التي تواجههم في عملية التدريب والإعداد، أوضح أن هناك العديد من الجوانب التي تعيق التدريب وتأهيل اللاعبين للمشاركات الدولية ومنها عدم توفر الإمكانات اللازمة وغياب وجود الصالات المغلقة المهيئة لألعاب القوى وغياب الدعم المادي اللازم لتحفيز المشاركين.
وبين جودة، أنه سيستمر بالإشراف على ورود وسيتابع تدريبها المكثف في قطر ضمن المعسكر التدريبي حتى يوصل رسالته على أكمل وجه، مؤكدا أن كل ذلك من أجل فلسطين وجامعة النجاح الوطنية.
وأثنى على دعم جامعة النجاح ورئيسها الدكتور رامي الحمد لله، وذلك لتوفير أرضية التدريب، كما أشاد باللجنة الأولمبية ممثلة برئيسها اللواء جبريل الرجوب الذي ساهم بشكل أساس في نقل الرياضة الفلسطينية من المحلية إلى العالمية.
للسباحة نصيب
أماني عورتاني مدربة المنتخب الفلسطيني للسباحة |
وفي سياق المشاركات النسوية وتطور الألعاب الرياضية النسوية في فلسطين، أكدت المدربة أماني عورتاني 35 عاماً، ومدربة المنتخب الفلسطيني للسباحة في لقاء خاص مع quot;إيلافquot; أن الرياضة النسوية شهدت تطوراً ملحوظاً في الآونة الأخيرة.
وكانت عورتاني وهي أم لطفل وطفلة، قد بدأت السباحة وتعلمها مطلع الثمانينات.
وحول الأسباب التي دفعتها لتعلم السباحة قالت: quot;إن التعلم جاء نتيجة تعرضي وأنا صغيرة للغرق، الأمر الذي حفزني للانضمام إلى سرية رام الله الأولى لتعلم السباحةquot;.
وكانت قد انطلقت في حياتها الرياضية في بطولة فلسطين العام 1994 ، حيث كانت طالبة آنذاك على مقاعد الدراسة، وتخصصت العام 1999 في رياضة السباحة.
وبعد تعلمها هذه الرياضة، شغلت عورتاني العديد من الوظائف على صعيد التدريب والإنقاذ، وتدرجت خلال الأعوام الماضية لتتميّز في مجال التدريب وإدارة الأندية الرياضية لتصبح لاحقاً مديرة تنفيذية لأحد أشهر الأندية العالمية في رام الله.
وبخصوص تعلم السباحة ومشاركاتها قالت: quot;quot;عندما كان عمري سبعة عشر عاماً كنت السبّاحة الأولى في فلسطين وتحديداً في بطولة فلسطين الأولى العام 1994، وفي أعقاب ذلك قمت بتنمية مهاراتي وحصلت على شهادات متعددة في الرياضة والسباحة منها شهادة إنقاذ وشهادة من FINA لتأهيل منتخبات للسباحة وشهادة من FIFA في الإدارة الرياضية وشهادة مدرب صالات من وزارة الرياضةquot;.
وحول العقبات التي واجهتها، أكدت أن المجتمع الذكوري الموجود هو العائق الأكبر الذي كان في طريقها، خاصة وأن عدد النساء عند انطلاقتها في هذه الرياضة كان محدوداً جداً والسبب يعود إلى غياب وجود مدربات مؤهلات في هذا المجال إضافة إلى غياب الأماكن المخصصة لممارسة السباحة.
وفي ما يتعلق باختيارها لتكون مدربة منتخب فلسطين في أولمبياد لندن 2012 أكدت عورتاني، عن سعادتها لهذا الاختيار، مشيدة في الوقت ذاته بجهود رئيس اللجنة الاولمبية اللواء جبريل الرجوب ورئيس البعثة هاني الحلبي.
وأكدت أن أي مدرب يحصل على مثل هذه الفرصة لا يسعه إلا أن يفتخر بهويته، مؤكدة أن هذا منصب تكليف وليس تشريفاً.
وعبرت عن أملها في أن تكون على قدر المسؤولية وأن تقوم بواجبها خير قيام في الإشراف على تدريب السبّاحة سابين حزبون والسبّاح أحمد جبريل في أولمبياد لندن 2012.
وأكدت أن اللاعبين انخرطا في معسكر تدريبي في مدينة برشلونة الإسبانية استعداداً للأولمبياد، موضحة أنها على اتصال دائم معهما.
ولفتت إلى أنهما يخضعان لبرنامج تدريبي ضمن المعسكر الإسباني وتقوم بمتابعتهما والإشراف عليهما مع المدربين الإسبان.
وبخصوص المشاركة النسائية في الألعاب الدولية، قالت المدربة عورتاني: quot;هذه المشاركة تعدّ غاية في الأهمية وأتمنى أن تكون المشاركات بعدد أكبر خلال السنوات المقبلةquot;.
وأضافت: quot;هذه نقلة نوعية تسجل للرياضة الفلسطينية بعد جهود مضنية قدمها اللواء جبريل الرجوب، رئيس اللجنة الأولمبيةquot;، مشيدة في الوقت ذاته، بجهود الأمين العام الدكتور خالد اليازجي، ورئيس البعثة الفلسطينية هاني الحلبي على تواصلهما المستمر خلال الفترة الماضية لتأكيد المشاركة وترتيب الأمور الإدارية معها.
التعليقات