مع قرب انطلاق الألعاب الأولمبية الصيفية في لندن فقد اسدل الستار على فزع العداء يوسين بولت خلال استعداده للمشاركة في البطولة، حيث ظهر أن أسرع رجل في العالم، وربما أكبر نجم في الألعاب الفردية كلها، لم يكن الأسرع رياضي في مجموعته التدريبية.


لندن: يوسين بولت، الأمير الفظ لسباقات المضمار والميدان والرياضي الذي غيّر الصيغة لكيفية تصرف عدائي مسافات القصيرة ونسف كل الأرقام القياسية مع أربعة منافسات حتى الآن ومخلفاً وراءه الأرقام التي بالكاد تكون لها معنى، ظهر فجأة أن لديه بعض المشاكل الخطيرة.فالخسارتين أمام يوهان بليك في سباقي 100 و200 متر عدواً في تجارب جامايكا الأولمبية كانتا زلزالية وليست لهما بداية أو نهاية.
ومن لحظة التي سجل 10.04 ثانية في أوسترافا في نهاية أيار ndash; أبطأ وقت في حياة بولت المهنية الكبرى في 100 متر ndash; بدأ الهمس من أن واحداً من العدائين الساحرين سيكون في عداد المفقودين.
بدأ بولت مرتبكاً عندما واجه العالم، ومعترفاً بعد ذلك: quot;شعرت بأنه لم يكن في ساقيّ حياة. لا أعرف ما هو السببquot;.
وكانت هناك قصصاً على خروجه حتى أوقات متأخرة جداً من الليل، والشد في أوتار الركبة وازعاجاتها، والعودة إلى الحفلات والأوقات الممتعة في مرحلة الاستعدادات للمواسم السابقة، بدلاً من تقدمه في الميدان وتسجيله الأرقام القياسية التي اقتادته إلى القمة.والكثير من هذه القصص كانت كاذبة أو مبالغ فيها. فشهرة بولت وكاريزمته هما من النوع اللتان تجذبان الاشاعات، ليس مثل أي نجم آخر للمضمار آر في العالم.
وبعد أسبوع من تلك البداية البطيئة في أوسترافا، سجل 9.76 ثانية في روما، 15 من المئة من الثانية أسرع من تسجيله رقماً قياسياً في موسم عام 2009.وباسمه حتى الآن، مع دورة لندن للألعاب الأولمبية على أبواب، 3 من 5 مرات أسرع وقت في 100 متر في هذا العام. ومع ما أظهره في روما مع رياح عكسية من 0.1 ملم/ثانية، ربما يستحق أكثر من أفضل موسم لبليك الذي سجل 9.75 ثانية مع رياح خلفية 1.1 ملم/ ثانية.
من شأن ذلك أن يكون جرس الانذار كافياً لجميع العدائين الآخرين الذين يتوجهون إلى القرية الأولمبية في لندن مع ابتسامة في وجوههم والتبختر في مشيتهم.
لكن بولت ليس كأي عداء آخر، إذ عندما يفوز رياضي في سباق 100 متر أو 200 متر في دورة ألعاب سابقة بهامش كبير جداً ضد منافسين آخرين، فبالكاد يمكن تجميده (كان أسرع في بكين بنسبة 0.2 ثانية في 100 متر، 0.66 ثانية مذهلة في 200 متر)، وسيعتبر المسرح ملكاً خاصاً به.
وقلة يتذكرون فوز ريتشارد تومسون بفضية 100 متر قبل أربعة أعوام أو شون كراوفورد لفضية 200 متر. وإذا حل بولت في المركز الثاني في أي منهما في أولمبياد لندن، فإن لا أحد قد ينسى عصره.
قبل تجارب جامايكا، لم يخسر بولت في سباق 200 متر لمدة أربع سنوات. وعندما هزمه بليك، ليس فقط بثلاثة من مئة من الثانية ولكنه استطاع أن يجتازه عندما كان بولت متقدماً مع بقاء 50 متراً إلى خط النهاية، فقد ترك المشاهدين للسباق أيديهم على رؤوسهم وأفواههم مذهولة.
وفوز بليك على بولت للحصول على ذهبية 100 متر في بطولة العالم في دايجو في الصيف الماضي، بعد انطلاقة خاطئة الأكثر شهرة في تاريخ الرياضة، جعلت بولت يشعر بصورة مختلفة. فالقصة بكاملها كانت تنحيته، بدلاً من التتويج.
وفي حين كان بليك يحتفل في كينغستون، كان بولت مستلقياً على الأرض يتلقى العلاج من طبيبه لشد في أوتار الركبة.وبعد أيام قليلة سافر إلى ميونيخ ليتلقى العلاج من الطبيب المعروف هانز- فيلهيلم مولر- فوفارت، التي وصفها وكيله بأنها زيارة روتينية. ولكن عندما تلاها انسحابه من لقاء الدوري الماسي في موناكو في 20 تموز، المنافسة الأخيرة له قبل أولمبياد لندن، بدا أن الأمور على أهمية أكبر.ولا تبدو الأرقام وحدها التي سجلها بولت مختلفة تماماً عندما كان في قمة مجده.
بحلول منتصف حزيران في الأولمبياد الأخيرة في 2008 كان أسرع وقت له في 100 متر 9.72 ثانية، فقط أربعة من المئة من الثانية أسرع من سباقه في روما. وفي 2009، العام الذي توجه فيه للمشاركة في بطولة العالم في برلين، سجل 9.91 ثانية.
وبالتالي، بماذا يختلف في هذا العام؟هناك منافسين الذين يعرفون كيف يفوزون عليه مثل بليك وتايسون غاي. وهناك آخرون الذين، بعد سنوات من الذروة، من المفترض أن يرحبوا بهدوء بحظوظهم من جديد، مثل حامل اللقب القياسي العالمي السابق أسافا باول وجاستين غاتلين البطل الأولمبي السابق الذي عاد للمنافسات مرة أخرى بعد فترة حظره بسبب فضيحة تعاطيه للمنشطات...
ثم هناك بولت نفسه.
في أوج عظمته كان يبتسم أمام الكاميرات قبل السباقات، ويبتسم بابتهاج لمنافسيه الذين يظهرون مهتزين. ولم يبد أنه كان يشعر بأي ضغط من الآخرين. وكل هذا كان جزءاً من اللعبة الرائعة والأداء المميز الذي بدا مثل جزء من عرضه المتألق نفسه.
الآن؟ الآن المرء ليس أحد يقيناً من ذلك تماماً، ولا بولت نفسه.
وربما الإحباط والانزعاج في بطولة العالم الأخيرة قبل 11 شهراً في دايجو عالقتا في ذهنه أكثر من العديد مما حققه من الانتصارات.في صباح ذلك اليوم الأحد في كوريا الجنوبية كان بولت مرشحاً قوياً في مكاتب المراهنات بنسبة 1/20 للاحتفاظ بلقب 100 متر، ولكنه عندما أخطأ في الانطلاق (التي أدت إلى استبعاده من السباق)، شاهد الجميع شيئاً جديداً على وجهه، فجنباً إلى جنب مع عدم الثقة واليأس، كان هناك الشك!
ولاتزال بداية انطلاقة بولت، التي تحولت من المتوسط إلى محترمة على مدى المواسم الثلاث الماضية، أكبر نقطة ضعف فيه. فهو مرشح مكاتب المراهنات بنسبة 3/1 لإستبعاده بسبب انطلاقة خاطئة في نهائي أولمبياد لندن. وكما يقول مايكل جونسون، حامل الرقم القياسي العالمي السابق في 200 متر والناقد في هيئة الإذاعة البريطانية: quot;أنا قلق للغاية لأننا قد نشاهد فقدان بولتquot;.
وحالياً يختفي بولت عن الأنظار في غرب لندن، حيث يقيم بقرب من مطار هيثرو ويتدرب على المضمار القريب منه، كما يفعل في معظم فصول الصيف، قبل ان يتوجه هذا العام إلى معسكر فريق جامايكا الأولمبي في برمنغهام مطلع الأسبوع المقبل.
ويتحدث بولت دائماً عن رغبته في صنع التاريخ من خلال الاحتفاظ بكلا البطولتين الأولمبيتين، 100 و200 متر. ولكن الاسطورة كارل لويس، الذي يعرف جيداً شيئاً أو اثنين عن مثل هذه الأمور، غير مقتنع تماماً أن بمستطاعة بولت أن يحقق لذك. والسبب أنه لم يحقق أي عداء هذا الانجاز، لأنه من الصعب أن يبقى بالمستوى ذاته لفترة طويلة من الزمن، في الوقت الذي يحاول المنافسين الآخرين التغلب على البطل دائماً.
وبما ان بليك قد فاز على بولت في سنتين متتاليتين بعد بطولة العالم في 2011، فإنه لا أحد يعرف إذا كانت نفسية بولت مستعدة للمنافسة.ولا أحد يستبعد فوز بولت، العداء الذي تحدى المنطق وسبق أن عاش وفقاً لقواعد طبيعية مختلفة عن البقية، الذي يصر على أنه لا يستطيع أي عداء من الإلحاق به في الأمتار العشر الأخيرة!
أفضل الأوقات لـ100 و200 متر في 2012
9.75 ثانية ndash; يوهان بليك
9.76 ndash; يوسين بولت
9.79 ndash; يوسين بولت
9.80 ndash; جاستين غاتلين
9.82 ndash; يوسين بولت
9.84 ndash; يوهان بليك
9.85 ndash; أسافا باول
9.86 ndash; كيستون بليدمان
9.86 ndash; تايسون غاي
9.86 ndash; يوسين بولت.