تحمل مواجهة السبت بين الجارين اللدودين ريال واتلتيكو مدريد في المرحلة السادسة والعشرين من الدوري الاسباني نكهة اضافية الى جانب الخصومة التقليدية بين الجارين، وذلك ليس بسبب سعي الطرفين للحاق ببرشلونة المتصدر وحسب بل بسبب وجود الفرنسي زيد الدين زيدان والارجنتيني دييغو سيميوني على جانبي الملعب.
&
صحيح انها المواجهة الاولى من مقاعد البدلاء بين زيدان الذي استلم منصب مدرب ريال مؤخرا في اول مهمة تدريبية له على صعيد الكبار، وسيميوني الذي بدأ التدريب منذ 2006 مع راسينغ كلوب قبل تولي منصبه الحالي عام 2011، لكن الرجلين يعرفان بعضهما تماما اذ سبق ان تواجها كلاعبين في اكثر من مناسبة.
&
وتعود جذور المعرفة بين زيدان وسيميوني الى ايام الدوري الايطالي حين كان الاول يسحر العالم باسلوبه السلسل بقميص يوفنتوس (1996-2001) فيما كان الثاني يقاتل بشراسة على كل كرة ضائعة في منتصف الملعب حين كان يدافع اولا عن الوان انتر (1997-1999) ثم لاتسيو (1999-2003).
&
ومن المؤكد ان موسم 1999-2000 يبقى عالقا في ذهني الرجلين لان سيميوني حرم يوفنتوس وزيدان من اللقب حين سجل في مرمى "السيدة العجوز" في مباراة حسمها لاتسيو 1-صفر، ما سمح لجار الاخير روما في العودة الى اجواء المنافسة وصولا الى تمكنه من الفوز باللقب.
&
في اسبانيا، دافع سيميوني، المعروف بـ"ال تشولو"، عن الوان اشبيلية (1992-1994) لكن اسمه وصورته ارتبطا باتلتيكو مدريد الذي خاض معه مغامرتين (1994-1997 ثم 2003-2004) وساهم عام 1996 في قيادته الى الثنائية التي تبقى "اسطورية" بالنسبة لجمهور "لوس روخيبلانكوس".
&
وحظي سيميوني بفرصة تجديد الموعد مع زيدان على الاراضي الاسبانية هذه المرة عندما انتقل الاخير الى ريال مدريد (لعب معه من 2001 حتى 2006) قبل ان يقرر الارجنتيني في 2005 انهاء مسيرته في بلده الام من خلال الدفاع عن الوان راسينغ كلوب لموسم واحد.
&
- ملكا مدريد -
&
يتشارك زيدان وسيميوني بواقع انهما الاجنبيان اللذان توجا ملكي العاصمة الاسبانية. ورغم مرور الاعوام، ما زال الفريقان يعرضان خلال مبارياتهما مقاطع فيديو تظهر زيدان بالقميص الابيض للنادي الملكي مع الرقم 5 وسيميوني بالقميص الاحمر والابيض مع الرقم 14.
&
وبالنسبة لجمهور ريال مدريد، يبقى زيدان رجل الـ"نوفينا"، اي اللقب التاسع للنادي الملكي في مسابقة دوري ابطال اوروبا، بعد الهدف الرائع الذي منح به الفوز لفريقه على باير ليفركوزن الالماني (2-1) في نهائي غلاسكو عام 2002.
&
"عندما اتنزه في الشارع، يشكرني الناس لاني سمحت لهم بمشاهدة زيدان يلعب في برنابيو. انا احبه جدا، كان اللاعب الرمز الاهم بالنسبة لي"، هذا ما قاله رئيس ريال مدريد فلورنتينو بيريس قبل ايام معدودة على تسمية زيدان كمدرب للفريق الاول خلفا لرافايل بينيتيز.
&
واكثر من اي لاعب اخر، جسد زيدان البراعة والاناقة اللتين يقدرهما جدا جمهور ريال مدريد، وهما قيمتان يتغنى بهما النادي في نشيد الذكرى المئوية لتأسيسه: "الى الامام مدريد، انت تلعب كالقصيدة".
&
وخلافا لريال، فان نشيد اتلتيكو يتمحور حول الالتزام، القتال والتضحية بالذات: "باللعب والفوز، انت افضل من يحارب".
&
هذه الصفات التي يتغنى بها اتلتيكو ليست بعيدة على الاطلاق عن سيميوني الذي يحتفل به جمهور "فيسنتي كالديرون" في كل مباراة منذ عودته اليه كمدرب عام 2011 ونجاحه في اعادته لمنصة التتويج من خلال الفوز بالدوري الاوروبي عام 2012 وكأس اسبانيا عام 2013 والدوري الاسباني عام 2014، من خلال الغناء: "اولي، اولي، اولي، +تشولو+ سيميوني!".
&
- فريقان يعكسان شخصهما -
&
السبت وعلى "سانتياغو برنابيو"، سيتجلى الاسلوبان المختلفان بأفضل طريقة، فزيدان (43 عاما) ظهر حتى الان كمدرب يحافظ على رباطة جأشه ولا يعبر كثيرا عما يفكر به، في حين ان سيميوني (45 عاما) معروف بشغفه واندفاعه وحركاته التعبيرية على مقاعد البدلاء.
&
لكن الفارق بين الرجلين لا ينحصر بشخصيتهما وطريقة تصرفهما، بل ما يهم هو الفارق بين الفريقين في اسلوب اللعب.
&
وفي هذه الناحية، يتفوق سيميوني على زيدان من ناحية الاثر الذي تركه في الفريق كونه يشرف على "لوس روخيبلانكوس" منذ اربعة اعوام، في حين ان زيدان استلم مهمته قبل شهرين فقط، كما ان خبرة الاعوام العشرة التي كسبها الاول كمدرب اهم بكثير من الاشهر الـ18 التي قضاها بطل العالم لعام 1998 في هذه المهنة.
&
وستكون المواجهة بين اسلوبين مختلفين انعكاسا لشخص كل منهما حتى وان كان الدور الذي لعبه زيدان حتى الان محدودا في ما يخص التأثير على طريقة لعب ريال الذي يملك افضل هجوم في الدوري (71 هدفا في 26 مباراة)، في حين ان شخصية سيميوني تنعكس تماما بالاسلوب الدفاعي المميز لاتلتيكو الذي يملك افضل خط خلفي في الدوري (تلقت شباكه 11 هدفا فقط).
&
"من المهم بالنسبة لي رؤية كرة جميلة"، هذا ما قاله زيدان في مؤتمره الصحافي الاول كمدرب لريال مدريد لكن من المحتمل ان تغيب الكرة الجميلة عن اللقاء اذ ما نجح نظيره سيميوني في تطبيق اسلوبه واغلاق المساحات على منافسه.