بيروت: لم تجد بطلة الرماية اللبنانية راي باسيل سوى مرآب السيارات في منزلها، لتواصل استعداداتها لما ينتظرها من استحقاقات وأبرزها دورة الألعاب الأولمبية في طوكيو، في ظلّ إغلاق البلاد بسبب تفشي فيروس كورونا.

في منزلها الواقع بالقرب من مدينة جونية شمال العاصمة بيروت، تحافظ باسيل على لياقتها. تستيقظ صباحاً، تتخذ جداراً في المرآب لتصوّب إليه بندقيتها، وتبدأ في تلقي التعليمات من مدرّبها الموقت وقريبها ناهي باسيل.

بثياب داكنة ونظرات ثاقبة، حوّلت باسيل المرآب البالغة مساحته نحو 500 متر مربع، إلى حقل رماية افتراضي من دون ان تطلق خرطوشها الاعتيادي.

اصبح صندوق سيارتها مقرّ تجهيزات تفكّك وراءه بندقيتها "بيراتسي هاي تيك" البنية اللون، وتقوم بتجميعها قبل تمارين خاصة بالتركيز واللياقة البدنية.

تتخايل الصحون وهي تحلّق أمامها على جدار رمادي وأبيض، لم يتوقع من بناه أن يصبح مقرّ تدريب بطلة باحثة عن ميدالية أولمبية، اعتادت خوض تمارينها في حقل مجاور لمنزلها.

وكما كل القطاع الرياضي اللبناني، تأثرت باسيل باقفال البلاد وفقا للتعبئة العامة، علما بانها عانت من الإصابة بالفيروس وتخطته بصعوبة على مدى ثلاثة أسابيع ولا تزال تعاني مضاعفات طفيفة.

وعن سبب تدرّبها في مرآب السيارات، قالت حاملة ذهبية المختلط في دورة الالعاب الاسيوية الاخيرة لوكالة فرانس برس: "أتدرّب في المرآب بسبب الإقفال العام الذي فرضته الحكومة. اضطرت اندية الرماية أن توصد أبوابها، وانا تنتظرني استحقاقات كثيرة مقبلة، ولهذا ليس بيدي حيلة فاتخذت من المرآب حقلا لأتدرب فيه".

ويعقد اللبنانيون الآمال على باسيل (32 عاماً) في إعادة لبنان إلى المنصات الأولمبية، إذ أن آخر بطل أولمبي كان حسن بشارة الذي أحرز برونزية المصارعة اليونانية-الرومانية في أولمبياد موسكو 1980، وهي الوحيدة حتى الآن تأهلت من التصفيات الى أولمبياد طوكيو المؤجل إلى الصيف المقبل، إذ توجت بطلة لآسيا في رماية الاطباق (تراب) لعام 2019 في الدوحة.

وكانت باسيل شاركت في العاب لندن 2012 ببطاقة دعوة حيث حلت في المركز الثامن عشر، وكانت قريبة من المنافسة في ريو 2016 إلا انها أنهت المنافسات في المركز الرابع عشر بسبب تأثرها بالرياح في حقل الرماية في منطقة ديودورو.

- "الهدف المنشود" -

أشارت سفيرة النوايا الحسنة للشباب لدى برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، الى انها تستعد للمشاركة في كأس العالم في القاهرة بين 22 شباط/فبراير و5 اذار/مارس، وقد غادرت إلى ايطاليا لمواصلة تحضيراتها "لا بد أن ابقى في جاهزية بدنية وذهنية وفنية، والحفاظ على التواصل مع البندقية، حيث ان ممارسة رياضة الرماية تحتاج إلى التركيز في كل النواحي".

وقبل السفر الى طوكيو في العاشر من تموز/يوليو المقبل، ستخوض باسيل عدة محطات تحضيرية، على غرار الجائزة الكبرى الشهر المقبل في الدوحة، فضلاً عن مخيم تدريبي يسبق جائزة ايطاليا المفتوحة في حقل "ماسا مارتانا" في أيار/مايو المقبل ثم في العاصمة الاذرية باكو.

وأضافت "بعد انهاء مراحل كأس العالم سيكون الأمل تحقيق ميدالية أولمبية، ولا سيما ان هذا الامر يُعدّ حلماً لي ولوطني.. في حال كانت التحضيرات على قدر التطلعات والمنافسات الأولمبية فإنني قريبة من بلوغ الهدف المنشود وهو ميدالية اولمبية".

نشأت باسيل في بيت رياضي فوالدها جاك رام ولاعب كرة طائرة سابق.

ترى أنها معتادة على الضغوط، ولكنها عانت صعوبات كثيرة خلال الاشهر الماضية، فضلاً عن تأثرها بانفجار مرفأ بيروت حيث انهمكت في مساعدة المنكوبين، كما انها تدرب الكثير من الأطفال في أكاديمية للرماية "كل هذه الصعوبات لن تؤثر على معنوياتي، ولا سيما أنني محاطة بعائلة رياضية مميزة ولهذا سأكون على مستوى التحدي".

واستبعدت باسيل إلغاء الأولمبياد بسبب كورونا "اتابع الأخبار وأكد المنظمون ان الألعاب قائمة ولم يعد بمقدورهم التأجيل، إذ تكبدوا نفقات طائلة فضلاً عن الخسائر الكبيرة، ولم يسبق أن ألغيت الالعاب".

لا تحبذ الكلام عن منافساتها على الميداليات "لم اعتد على التفكير بالمنافسات، فرياضة الرماية فردية وعلى الرامي أو الرامية أن يكون حاضراً وجاهزاً من مختلف النواحي. التركيز لكل المباريات والمسابقات التي ستسبق الاولمبياد يجعلني قادرة على تخمين المستوى الذي أبدو عليه وبالتالي ماذا أحتاج لإكمال التحضيرات والاستعدادات قبل الاستحقاق الاهم، حيث انني سأتبارى يومي 28 و29 تموز/يوليو في حقل طوكيو".

وفي ظل غياب الدعم الرسمي الفاعل، تواجه باسيل تحديات مالية كبيرة، حيث أنها استحصلت على عقد رعاية فضلاً عن مساعدات تتلقاها من أصدقاء يحيطونها بالتشجيع "لأنهم مؤمنون بأن هذا الاستحقاق له بعده الوطني".