الدوحة : لن تشعر القطرية تالا أبو جبارة، العائدة إلى اليابان بعد 15 عاماً برهبة المكان في بلاد الساموراي، إذ أتاح لها التأهل إلى مسابقة التجذيف في أولمبياد طوكيو فرصة استعادة ذكريات طفولة بدأتها بممارسة كرة السلة في عائلة رياضية.

عاشت أبو جبارة (28 عاماً) في مدينة ناغويا التي انتقل إليها والدها للعمل ما بين عامي 2003 و2005. وقتذاك، كانت تساعد والديها في الترجمة بعدما أتقنت اللغة اليابانية بسرعة من زملائها في المدرسة.

تنظر أبو جبارة، المولودة لأب قطري وأم أميركية، بواقعية إلى مشاركتها في أولمبياد طوكيو، وتقول لوكالة فرانس برس "أعلم أن هناك بطلات أسرع وأقوى ويتمتعن بخبرة أوسع، ومنهن من شاركن سابقاً في الأولمبياد. يجب احترامهن، وإعطاء كل من يستحق حقه".

لكن تالا التي مارست كرة السلة أثناء دراستها الجامعية، إلى حين نصحها مدربها بالتحوّل إلى التجذيف نظراً لطولها وبنيتها القوية، تؤكّد حرصها على إثبات أحقيتها بالتأهل إلى طوكيو، "سأحاول أن أكون منافسة قوية، لأجعل بلدي يفتخر بي .. حتى لو لم أحرز ميدالية".

من الفرق إلى الفردي

تأهلت بعد مشاركتها في بطولة آسيا وأوقيانيا في الكويت، محققة زمنًا قدره 8:20 دقيقة في سباق 2000 متر.

وعلى رغم بطولات حققتها سابقًا، ومنها البطولة العربية المغلقة "إرغوميتر" في الكويت عام 2018، تقرّ أنها تحتاج إلى مزيد من التأقلم في منافسات الفردي.

بدأت التجذيف قبل عشر سنوات ومارسته مع فرق مؤلفة من ثماني لاعبات أثناء دراستها الجامعية في الولايات المتحدة، لكنها اضطرت للتخصص بالفردي لعدم انتشار اللعبة وقتذاك في قطر.

ولا يزال صدى صوت القائد الذي يُدير دفة القارب ويوجه طاقم الفريق، يصدح في إذنيها حتى اليوم، لكنها تستعيض عنه الآن، بتعليمات مدربها والطاقم الإداري "هم الذين يشكلون فريقي الآن".

لا يُعيق عدم وجود ناد خاص للتجذيف في الدوحة، تحضيرات أبو جبارة، إذ تحمل قاربها على كتفها، وتمضي مع مدربها إلى مارينا أحد الفنادق الضخمة في الدوحة، لتنطلق تحت أشعة الشمس "الباردة" صباحًا، في ممرّ مائي مناسب ومحمي من الأمواج والرياح.

تعتبر أبو جبارة التي تعمل مستشارة في شركة لإعداد قادة في عالم الأعمال، أنها محظوظة بوجود هذا المكان، وتتحدث عن ممارسة هذه الرياضة في مجتمع محافظ "أتدرّب بهدوء ودون ضجيج. قد لا تتمتع اللعبة بشعبية كبيرة هنا، لكنني ألاحظ أن بعض الناس يتابعون التدريبات ويشجعونني، كما أتلقى التحفيز والدعم من مدربين وخبراء من أكاديمية أسباير".

من زَرَعَ بذرة الأولمبياد؟

تروي الفتاة التي يستهويها سماع الموسيقى والغناء، كيف نضجت فكرة التأهل إلى الأولمبياد "تلقيت تشجيعاً من زوجة أحد زملائي في أكاديمية أسباير كانت تعمل كمدربة في التجذيف".

تتابع تالا التي تتدرّب وتعمل بما يقرب 70 ساعة أسبوعيا "لقد زرعا في رأسي بذرة عن امكانية التأهل. كبرت شيئاً فشيئًا، فبدأتُ المشاركات القارية والعالمية، وصولاً إلى التأهل للأولمبياد".

وبقدر ما بدّل تأجيل الأولمبياد الصيف الماضي بسبب جائحة كورونا من البرمجة المُعدة تدريبيًا ودراسيًا، بقدر ما حاولت البطلة القطرية تأمين عبور آمن لهذه المرحلة.

كان من المفترض أن تنال السنة الماضية الماجستير ثم تذهب للمشاركة في الأولمبياد، لكن، الخطة تغيّرت بعد التأجيل، ما تسبب لها بـ"حالة اضطراب".

تقرّ أنها احتاجت لبعض الوقت أيضًا لاستعادة التأقلم مع القارب الذي افتقدته لفترة خلال تفشي الجائحة، وتعتقد أن الهدف من الذهاب إلى طوكيو يجب ألا يقتصر على المشاركة بل إلى الاستمتاع أيضًا "أحببت الرياضة منذ أن كان عمري 5 سنوات، وأصبحت جزءًا من هويتي".

وتتحدث عن تشجيع والديها لها في البدايات، "نحن عائلة رياضية، وشقيقتي عضو في منتخب قطر المبارزة".

وتعتبر تالا أن رياضة التجذيف بدأت تخطو خطوات سريعة في الدول العربية والقارة الآسيوية وأصبح مجتمع اللعبة شاملاً أكثر. وقد يتضاعف، بحسب رأيها، اذا تم تقديم المزيد من الشرح عن التجذيف بأنها رياضة رائعة .