تتجه الأنظار إلى الولايات المتحدة حيث من المتوقّع أن ترد الإدارة الأميركية بصرامة على الاعتداء الجويّ الفاشل الذي وقع يوم عيد الميلاد عندما حاول مواطن نيجيري تفجير طائرة فوق مدينة ديترويت. ويعمل مسؤولون أميركيون مع السلطات اليمنية لتعقب مواقع الارهابيين قبل قصفها، بعد أن أشيع ان النيجيري فاروق عبد المطلب قد تدرب في معسكر للقاعدة في اليمن.
إيلاف، مصادر مختلفة: تشير وكالات الاستخبارات الأميركيَّة إلى أن تهديد تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية تحول من إقليمي الى عالمي، وشكل شبكة ناشطة خارج باكستان. وتفيد جهات رسميَّة أميركيَّة أن طموحات تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربيَّة باتت عالميَّة، وان تضاعف نشاط القاعدة في اليمن اثار حفيظة الرئيس الاميركي باراك اوباما الذي طالب بالتدخل الى جانب السلطات اليمنية ومساعدتها على قصف معاقل التنظيم الارهابي في وقت سابق من الشهر الجاري.
وفيما تبنى تنظيم القاعدة العملية الفاشلة التي هزت الولايات المتحدة يوم عيد الميلاد، فقد اكد المسؤولون الاميركيون ان العملية شكلت اول تهديد مباشر وجدي منذ هجمات الحادي عشر من ايلول 2001.
وجدد اوباما الثلاثاء في تصريح حول الاعتداءات تاكيده اطلاق تحقيق سريع حول محاولة تفجير الطائرة التابعة لشركة دلتا يوم الجمعة الماضي اثناء اقترابها للهبوط في ديترويت. كما طالب باعادة النظر في الاجراءات الامنية المعتمدة خاصة وانه كان قد شهد تطورًا ملموسًا منذ هجمات 2001. واعلن اوباما ان محاولة التفجير شكلت quot;فشلاًquot; لاجهزة الامن الداخلي والاستخبارات الاميركية، داعيًا الى سد الثغرات الامنية بسرعة.
واكد اوباما حصول اخطاء في عملية جمع وتبادل المعلومات الاستخباراتية حول المتطرفين وكذلك في منظومة الامن الداخلي، مشدّدًا على انه لولا هذه الاخطاء لكان بالامكان تفادي الهجوم الفاشل الذي تعرضت له الطائرة.
وقال quot;لقد حصل فشل في النظام واعتبر ان هذا الامر مرفوض تماماquot;، وذلك في تصريح صحافي مقتضب قطع فيه لليوم الثاني على التوالي اجازته التي يقضيها في هاواي (المحيط الهادئ) بغية اطلاع الاميركيين على تطورات هذه القضية. واضاف quot;كانت هناك مجموعة من الاخفاقات، سواء البشرية ام الناجمة عن النظام، ساهمت في حصول هذا الفشل في النظام الامني والذي كان من الممكن ان يكون كارثياquot;. وكان الرئيس قد تعهد الاثنين بملاحقة من خططوا لتفجير طائرة الركاب مؤكداً أن باله quot;لن يهدأquot; إلا بعد القبض عليهم ومحاكمتهم.
بدوره، قال وزير الخارجية اليمني ابوبكر القربي في وقت سابق الثلاثاء إنه من المحتمل وجود ما يصل الى 300 من متشددي تنظيم القاعدة في بلاده وان بعضهم ربما يخطط لشن هجمات على اهداف غربية. وقال لهيئة الاذاعة البريطانية (بي بي سي) إنه يوجد بطبيعة الحال عدد من نشطاء القاعدة في اليمن وبعض زعمائها. وقال انهم ربما كانوا يخططون بالفعل لشن هجمات مماثلة لما حدث مؤخرا في ديترويت. وردًا على سؤال بشأن عدد ناشطي القاعدة في بلاده قال القربي انه لا يستطيع تقديم رقم محدد وربما كان هناك ما يتراوح بين 200 و300 منهم.
من جهتها، أعلنت الحكومة اليمنية أن النيجيري عمر الفاروق عبد المطلب جاء إلى اليمن مرتين الأولى عام 2004، واستمر حتى 2005، والثانية في آب/أغسطس الماضي وغادر في الأسبوع الأخير من كانون الأول/ديسمبر قبل محاولته تفجير الطائرة. وقال الناطق الرسمي باسم الحكومة وزير الإعلام حسن أحمد اللوزي، إن قدوم الشاب النيجيري إلى اليمن quot;كان تحت مبرر انه يدرس ويتعلم اللغة العربية وفي الفترة الأخيرة جاء بطلب من معهد صنعاء لتدريس اللغةquot;، حسبما نقلت عنه وكالة الأنباء اليمنية (سبأ) خلال المؤتمر الصحافي الأسبوعي.
وقال الناطق باسم الحكومة quot;لقد حصل الشاب النيجيري على التأشيرة لدخول اليمن كون الجهات المعنية لم يكن لديها أي معلومات تفيد أو تشتبه بارتباطه بالعناصر الإرهابيةquot;، كما quot;لم يكن اسمه ضمن القوائم التي تسلمتها الأجهزة المختصة في اليمن حول العناصر الإرهابية المطلوب القبض عليها، فضلا عن كون الجهات المعنية اطمأنت لدى منحه التأشيرة لوجود عدة تأشيرات في جوازه من العديد من الدول التي تتعاون معها اليمن في مكافحة الإرهاب بما في ذلك تأشيرة مازالت سارية المفعول إلى الولايات المتحدة الأميركية بعد أن كان قد زارها من قبلquot;.
عبد المطلب بالرداء الاحمر |
ونوه اللوزي إلى أنه quot;إذا كان لدى أي جهة خارج اليمن معلومات عن هذا الشخص ولم تبلغ اليمن فتعتبر تلك الجهة هي المقصرةquot;، لأنها quot;لم تبلغ بأنه واحد من العناصر المطلوبة أمنياquot;، وجدد quot;التأكيد أنه لو توفرت لليمن معلومات أن هذا الشخص كان أسمه مدرج في واحدة من القوائم التي هي متوفرة لدى الولايات المتحدة كان يمكن التعامل معه وفقًا للتعاون الوثيق والكامل بين اليمن والمجتمع الدولي في مكافحة الإرهاب، بما في ذلك الولايات المتحدة الأميركية، في جانب ملاحقة العناصر المدرجة أسمائهم في الوثائق وقوائم العناصر الإرهابيةquot;.
كما شدد الناطق باسم الحكومة على أن quot;اليمن لن يكون حاضن لأي عناصر تمارس الإرهاب والتخريب وان الحكومة تتبنى خطة محكمة لمواجهة الخلايا والعناصر الإرهابية وملاحقتهم وتنفيذ عمليات نوعية لدك أوكارهم وتطهير مناطق اليمن من رجسهمquot;، مستغربا ما تردد من quot;معلومات تشبه اليمن وكأنه أصبح ملاذا آمنا للإرهابيينquot;. مؤكدًا على أن سلطات بلاده quot;كانت السباقة في مكافحة الإرهاب وجهودها متواصلة ولم تتوقف في هذا الشأن بجانب تعاونها الوثيق مع المجتمع الدوليquot;. وبين أن quot;العملية النوعية التي نفذتها الأجهزة المعنية ضد أوكار وخلايا العناصر الإرهابية في عدة محافظات تندرج في إطار جهود اليمن في مكافحة الإرهابquot;، مفيدًا أن quot;العمليات الوقائية التي نفذها اليمن مؤخرا ضد عناصر تنظيم القاعدة كانت ناجحة وتمت بالتعاون والتنسيق مع المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأميركية ضمن الجهود المشتركة لمكافحة الإرهابquot;.
إلى ذلك، وبالرغم من التحذيرات التي وجهها والد عبد المطلب الى الخارجية الاميركية، الا ان الخارجية الاميركية لم تر سببا لالغاء تأشيرة دخول عبد المطلب وكان والد الشاب النيجيري أبلغ السفارة الأمريكية في أبوجا عن quot;قلقهquot; حيال تطرف ابنه. بالرغم من انه تم نقل هذه التحذيرات الى مديرية الامن القومي . وقال المتحدث ايان كيلي باسم الخارجية الاميركية ان هذه المعلومات quot;لم تكن كافية لالغاء تاشيرة عبد المطلب quot;. ولكن مصدرا في الخارجية الاميركية قال ان والد الشاب النيجيري ابلغ السفارة الأميركية بأن ابنه ذهب الى اليمن حيث يتنامى تنظيم القاعدة. . كما وافادت مصادر قضائية ان جلسة المحكمة التي كانت مقررة الاثنين لقراءة التهم على عمر الفاروق تم ارجاؤها الى 8 يناير/ كانون الثاني.
استطلاع: الاميركيون يعتقدون ان أمن المطارات غير صارم
الى ذلك، أظهر استطلاع للرأي ان غالبية الاميركيين ينتقدون تدابير امن المطارات عقب حادث طائرة يوم عيد الميلاد. وأظهر مسح راسموسن ريبورتس الوطني ان 46 في المئة من الاميركيين يعتقدون ان الاجراءات الامنية الحالية quot;ليست صارمة بما فيه الكفايةquot; في حين يعتقد 11 في المئة فقط أنها quot;صارمة للغايةquot; و 37 في المئة يعتقدون ان المستوى الحالي لأمن المطار quot;جيدquot;.
وتوضِّح محاولة الهجوم على الطائرة الاميركية حاجة الطيران المستمرة لليقظة والحرص من المتطرفين الذين يحاولون باستمرار التحايل على الانظمة الدفاعية في تلك الصناعة لاحداث اضرار مدمرة. واغراء ذلك القطاع كهدف بالنسبة للمتشددين كبير بدرجة تحتم على صناعة الامن التحديث دون توقف للبقاء متقدمة بخطوة. وحتى في ذلك الحين لا يمكن تحقيق الحماية الكاملة للمسافرين جوا بقدر اكبر من تحقيقه في اي وسيلة نقل اخرى.
وقال هنري ويلكينسون من مؤسسة جانوسيان لادارة المخاطر الامنية في لندن quot;انه سباقquot; مشيرًا الى ان المتشددين يهتمون بشدة باجراء أبحاث لتحديد نقاط الضعف في امن الطيران واستغلالها. واضاف quot;عند ادخال تحسينات أمنية نتيجة لهذه الواقعة الاخيرة سيحاول الارهابيون الخروج بطريقة ما للالتفاف عليها.quot;
ويقول خبراء امنيون انه على الرغم من تحسّن الانظمة الدفاعية لتلك الصناعة في السنوات الاخيرة فانه ليس هناك تكنولوجيا منتشرة على نطاق واسع للتحذير بشكل تلقائي من وجود مهاجم يخفي متفجرات في احد تجاويف جسمه او يربطها حوله بدنه. وقال خبراء أمنيون انه من المهم التحقق من كيفية صعود الرجل بهذه الشحنة الى الطائرة ومدى معرفة مسؤولي مكافحة الارهاب به خاصة وانهم مكلفون بمراقبة الافراد الذين يحتمل ان يمثلوا خطرًا.
التعليقات