فيما يشبه ثورة ضد الموروث وبعد 4 سنوات من تفاعلات القضية الزوجية الأشهر في السعودية، أصدرت المحكمة العليا السبت حكماً يقضي بعودة الزوجين اللذين اشتهرا بقضية quot;تكافؤ النسبquot; فاطمة و منصور بعد أن نقضت المحكمة العليا الحكم الصادر منذ العام 2006 بتفريقهما.

الرياض: قالت الناشطة الحقوقية فوزية العيوني في اتصال هاتفي مع إيلاف إن نص الحكم الصادر من المحكمة العليا يقول إن صك التفريق بين فاطمة ومنصور لم يكن به ما يوجب التفريق بينهما وأن شروط الزواج كانت متوفرة، وأبطل الحكم وبالتالي يتمكن الزوجان من العودة لبعضهما البعض.

ولم تخف فوزية العيوني فرحتها الكبيرة بما أسمته انتصار للوطن على القبيلة بتوجيه ملكي، حيث أن العاهل السعودي الملك عبد الله هو من وجه بإعادة النظر في القضية قبل 4 شهور ودراستها مرة أخرى.

وتتلخص قضية الزوجين في أنهما تزوجا وأنجبا في حياة والد الزوجة ولكن عندما توفي الوالد تقدم إخوة الزوجة بقضية لمحكمة الجوف (شمال السعودية) مطالبين بتفريقهما بسبب أن نسب الزوج غير مكافئ لنسب الزوجة وهو الأمر الذي وجد فيه قاضي محكمة الجوف مبرراً لفسخ عقد الزواج وتفريقهما عن بعضهما البعض رغم تمسك الزوجين بحقهما في الحياة مع بعضهما البعض.

وشهدت فترة الحكم هروباً من الزوجين وملاحقة من أشقائها في انتظار الاستئناف إلا أن إخوة الزوجة كانوا قد أخفوا الحكم حتى انتهاء مدة الاستئناف وطالبوا بها وأرادوا تزويجها وهو الأمر الذي أجبرها على المكوث في دار الرعاية وعدم الخروج معهم رغم فقدانها ابنتها.

وعلى إثر حكم التفريق تعالت الأصوات في المجتمع السعودي ووجدت القضية تعاطفاً كبيراً في الأوساط الشعبية والإعلامية انتهت إلى أن الجميع لم يستطع المساعدة في شيء خصوصاً بعدما تم سجن فاطمة ومنصور بسبب تهمة quot;الخلوة غير الشرعيةquot; حينما تم القبض عليهما في إحدى الشقق المفروشة في جدة، حيث أنهما بحسب الحكم مطلقين ولا يجوز لهما الإختلاء مع بعضهما البعض، وبعد أن تم القبض عليهما بأيام خرج الزوج منصور بكفالة وبقيت الزوجة فاطمة مصرة على عدم الخروج من السجن إلا لبيت زوجها.

ووصل صدى القضية إلى العالم العربي كله بعد ان تناول الإعلام السعودي والعربي لها فضلاً عن التطرق لقضيتهما في إحدى حلقات المسلسل السعودي الشهير quot;طاش ماطاشquot;، وخصصت قناة الإخبارية السعودية عدة حلقات لمناقشة القضية.

وطالب حقوقيون سعوديون آنذاك بوضع حدٍ للقضية ومعالجتها قبل استفحالها خصوصاً وأن 7 قضايا مشابهة رفعت للمحاكم فور صدور حكم التفريق بين فاطمة ومنصور كلها تتعلق بتكافؤ النسب خصوصاً وأن المجتمع السعودي بغالبه مجتمع قبلي وتتنازعه عصبيات قد يفتح لها الحكم الباب واسعاً نحو مزيد من التصعيد.

ومازاد الأمر تعقيداً هو اختلاف مشائخ الدين أيضاً في القضية وإن كان غالبيتهم مؤيدين لحكم التفريق لأن بقاء الزوجين مع بعضهما قد يسبب المشاكل وكان من أقطاب تأييد حكم التفريق القاضي بمحكمة التمييز ابراهيم الخضيري وعضو هيئة كبار العلماء الشيخ عبد الله المطلق الذي قال إنه حكم المجتمع.

وبالعودة لحديث الناشطة فوزية العيوني فإن رئيس هيئة حقوق الإنسان السابق تركي السديري بذل جهوداً كبيرة في تصعيد القضية على كل المستويات وتعاون مع أخيه المحامي أحمد السديري في إعداد لائحة الدعوى التي تمكن من خلالها الأخير في إبطال الحكم بعد جهود مميزة وعريضة متمكنة بأدوات قانونية وشرعية فندت الحكم وأعادت الحق إلى نصابه.

وقالت العيوني إن الحكم الأخير ينتظر وقفة من المجتمع والجهات المعنية خصوصاً وزارة الشؤون الاجتماعية التي يجب أن يكون لها دور فاعل في تأهيل الزوجة وابنتها التي أكملت 7 سنين دون أن تتمكن من دخول المدرسة بسبب سحب بطاقة العائلة الخاصة بوالدها بعد حكم التفريق.

وكانت فاطمة رفضت الخروج من دار رعاية الأيتام لمدة 4 سنوات رغم ان خطابات تصلها أسبوعيا تطالبها بالخروج مع إخوانها أو تحويلها لدار الحماية ولكنها رفضت الخروج إلا مع زوجها فقط.