عرض ديفيد كامرون رئيس الوزراء البريطاني برنامج سياساته الذي أسماه quot;المجتمع الكبيرquot;. وفي خطاب تاريخي تناول كامرون حزمة من القضايا التي تشغل البريطانيين مثل الاقتصاد والدفاع ووحدة البلاد ومختلف القضايا الاجتماعية مذكرا بوعده بسحب آخر جندي مقاتل من أفغانستان بحلول عام 2015.

صلاح أحمد من لندن:ألقى ديفيد كامرون خطابا تاريخيا لأنه الأول له أمام مؤتمر المحافظين وهو رئيس للوزراء، ولان المحافظين أنفسهم في أول مؤتمر لهم وهم في السلطة بعد 13 عاما من حكم العمّال.

وتناول كامرون أمام المؤتمر، المنعقد في مدينية بيرمنغهام، طائفة من القضايا التي تشغل رجل الشارع مثل الاقتصاد والدفاع ووحدة البلاد ومختلف القضايا الاجتماعية وقضايا التعليم والصحة والإسكان وغيرها.. وكلها في إطار برنامجه الذي أسماه laquo;المجتمع الكبيرraquo;والذي ذكره بالاسم، ما لا يقل عن عشر مرات في خطابه.

واستعرض كامرون الحالة التي ترك فيها العمّال البلاد وبرنامج حكومته لإصلاحه في غضون السنوات الخمس المقبلة. ونادى البريطانيين بالعمل مجتمعين لتحقيقه محذرا من أن هذا سيستدعي الكثير من الألم لكنه وعد بأن الثمار ستكون حلوة المذاق بالنسبة للجميع. وقال إن شعار حزب المحافظين laquo;نحن في هذا مجتمعونraquo; ليس laquo;صرخة استغاثة وإنما دعوة لحمل السلاح. كل منا له مسؤولياته وعلى كل منا تحملها في إطار العمل الجماعي وصولا الى المجتمع الكبيرraquo;.

وخصص رئيس الوزراء وقتا ليس قصيرا للهجوم بشكل عنيف على الحكومة العمالية السابقة فقال: laquo;تركت لنا هذه الحكومة ديونا مخيفة وأكبر عجز في الميزانية وقوات مسلحة تنوء تحت ضغوط مسؤولياتها وقطاعا عاما يائساraquo;.كما انتقد laquo;اللوائح والبيروقراطية والمنظمات شبه الحكومية والسياسات القديمة غير المسؤولة والمقلوبة رأسا على عقب والتبديد وغياب الكفاءة والهراء الجامحraquo;تحت حكم العمال.

وقال كامرون إنه يتفهم مخاوف الناس إزاء التخفيضات الهائلة المقبلة الآن في الإنفاق العام وأثرها المؤلم على الخدمات العامة ومختلف إعانات الدولة، وأهمها laquo;إعانة الطفولةraquo;.لكنه أصر على أن هذه هي السبيل الوحيدة الى رفاه المجتمع من جديد في أعقاب أسوأ أزمة مالية تمر بها البلاد على مدى عقود.

يذكر أن خطاب رئيس الوزراء يأتي قبل أيام فقط من إتمام مراجعة الاستراتيجية الدفاعية والأمنية التي يتوقع لها أن تؤدي الى خفض في ميزانية وزارة الدفاع بنسبة 10 في المائة. فأقر بأن الاستراتيجية الجديدة ستعني laquo;بعض التغيّرات الكبيرةraquo; وسط القوات المسلحة التي يخوض جزء منها الحرب في افغانستان حاليا. لكنه قال: laquo;أعدكم بألا أتخذ من القرارات ما من شأنه المقامرة بأمن بريطانياraquo;.وأعاد على المسامع ما وعد به من قبل وهو سحب آخر جندي مقاتل من افغانستان بحلول العام 2015 قائلا: laquo;لن نظل هناك يوما واحدا أكثر مما يلزمraquo;.

وفي إشارة مهمة لإحدى نقاط الاختلاف الجذرية مع الليبراليين الديمقراطيين المؤتلفين معه في الحكومة، أصر كامرون على أن الظروف الأمنية السائدة في العالم تقتضي التمسك بقوة الردع النووي متمثلة في نظام laquo;ترايدانتraquo;.ويعتبر الليبراليون هذا النظام مكلفا (55 مليار دولار في السنة) وبدون معنى حقيقي في زمن انتهت فيه الحرب الباردة.

يذكر أن كامرون هو ثاني رئيس وزراء في حكومة ائتلافية منذ الحرب العالمية الثانية. وقد سعى لتطمين أعضاء حزبه الى سلامة هذا الائتلاف، فدافع عن تحالفه مع زعيم الليبراليين الديمقراطيين، نِك كليغ، بدلا من تشكيله منفردا حكومة أقلية قال إنها laquo;ستصبح مكبلة ومشلولة في البرلمان بحيث تصبح عاجزة تماما عن الحكمraquo;. وقال إن الائتلاف laquo;يعني الحلول الوسطraquo;وإن البلاد laquo;بحاجة الى القيادة وليس الى الحزبيةraquo;.

وفي إشارة أخرى الى دعاة الانفصال سواء في اسكتلندا أو ويلز أو آيرلندا الشمالية شدد كامرون الى أن السبيل الوحيدة الى رفاه المملكة المتحدة هو بقاؤها متحدة.