فيما كشف مصدر عراقي مطلع لايلاف عن اسرار الاتصالات التي تقف وراء عودة العلاقات السورية العراقية ستكون ملفات خرق الحدود المشتركة ونشاط البعثيين وتصدير النفط العراقي عبر الاراضي السورية وزيادة حجم التبادل التجاري بين البلدين في مقدمة الملفات التي سيبحثها رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي في دمشق اليوم الاربعاء مع الرئيس بشار الاسد مدشنا جولة ستقوده ايضا الى الاردن ومصر وايران وتركيا بحثا عن دعم لولاية ثانية.
لندن: يقوم المالكي بزيارة الى سوريا اليوم بعد اكثر من عام على قطيعة بين البلدين شهدت تبادل اتهامات وسحب سفيري البلدين وبعد يومين من عودة السفير العراقي في دمشق علاء حسين الجوادي لممارسة مهامه هناك فيما ينتظر عودة السفير السوري الى بغداد خلال ايام قليلة.
ومن المنتظر ان يقوم رئيس الوزراء العراقي بعد ذلك بجولة لعدد من دول الجوار تشمل الاردن وايران وتركيا بحثا عن دعم لولاية ثانية اثر ترشيح قوى في التحالف الوطني quot;الشيعيquot; له في الاول من الشهر الحالي ومواجهة منافسيه الذين اعلنوا تحالفا يضم 132 نائبا رشح نائب الرئيس عادل عبد المهدي لمنافسته على رئاسة الحكومة.
مصدر عراقي مقرب من الحكومة العراقية تحدث من بغداد مع quot;ايلافquot; عن اسرار خطوات اعادة مجرى العلاقات المتعكر بين بغداد ودمشق الى صفائه بعد اكثر من عام من تبادل اتهامات وحملات اعلامية مضادة بين البلدين الجارين. واشار الى ان عراب عودة العلاقات كان الناطق الرسمي بأسم الحكومة العراقية ورئيس تجمع كفاءات ضمن ائتلاف دولة القانون علي الدباغ الذي يحتفظ بعلاقات قوية مع رجل اعمال عراقي له علاقات تحارية قوية مع عائلة الاسد ويقيم في لندن هو quot;مهدي الساجدquot;.
واشار الى ان الدباغ قام بزيارات عدة الى سوريا خلال الشهرين الماضيين والتقى كبار المسؤولين السوريين يتقدمهم الرئيس الاسد. كما قام بتنظيم زيارة سرية للساجد رفقة رجل الاعمال السوري الكبير رامي مخلوف ابن خال الرئيس الاسد الى بغداد حيث تم ترتيب عودة العلاقات بين البلدين وفق اتفاقات سياسية وتجارية.
وقد أثمرت هذه الاتفاقات بين الدباغ ومخلوف والساجد عن مساعدات عراقية الى سوريا تبلغ قيمتها نصف مليار دولار واعادة العمل بخط انابيب النفط العراقي المصدر الى ميناء بانياس على البحر المتوسط عبر الاراضي السورية مع زيادة حجم التبادل التجاري بين البلدين الذي يبلغ حاليا حوالي المليار دولار الى ثلاثة مليارات دولار.
ومعروف ان مخلوف الذي جمدت الإدارة الأميركية ارصدته مؤخرا بتهمة رعاية الارهاب في العراق ولبنان يمتلك شركة سوريا تيل للهواتف النقالة وشركة تعمير الشام اضافة الى شركة للطيران واعمال تجارية اخرى.
وقد وصف المصدر العراقي هذه الاتفاقات بأن وراءها اسبابا سياسية اكثر منها اقتصادية. وقد دعم عملية اعادة اعادة العلاقات بين دمشق وبغداد هذه ايران التي تؤيد التجديد لولاية ثانية للمالكي واستطاعت تغيير الموقف السوري المعارض لصالحه. وقال الاسد في تصريح متلفز له الاسبوع الحالي انه كانت هناك مشاكل مع الحكومة العراقية لكن زيارة وفد من ائتلاف المالكي لدمشق الشهر الماضي واجرائه مباحثات معه قد اعاد الصفاء للاجواء السياسية بين البلدين.
فقد بحث رئيس الوفد القيادي في الائتلاف عبد الحليم الزهيري في دمشق مع الاسد
quot;العلاقات الثنائية وسبل تطويرها مستقبلا والمستجدات المتعلقة بجهود تشكيل الحكومة العراقية الجديدة وأهمية مشاركة جميع مكونات الشعب العراقي فيهاquot;. وأكد الأسد quot;دعم سوريا لأي اتفاق بين العراقيين يكون أساسه الحفاظ على وحدة العراق وعروبته وسيادتهquot;.
وتسلم الأسد من الزهيري رسالة خطية من المالكي تتعلق بالعلاقات الثنائية. وقال أعضاء الوفد في مؤتمر صحافي إن العلاقة مع سوريا quot;تاريخية وإيجابيةquot; وإن ما حدث سابقا لم يكن أزمة بين حكومتي البلدين بقدر ما كان سوء تفاهم وقد طويت تلك الصفحة وأصبحت من الماضيquot;.
وحين اجتمع زعيم القائمة العراقية الفائزة في الانتخابات اياد علاوي مع الاسد الاسبوع الماضي قيل انه وجه سؤالا له عن سبب تغيير موقفه المعارض لتولي المالكي تشكيل الحكومة المقبلة وانه طلب منه التدخل لدى طهران للكف عن تدخلها في الشؤون العراقية الداخلية.
وتعتبر زيارة المالكي الى دمشق التي لعبت طهران دورا كبيرا في اتمامها الاولى من نوعها التي يقوم بها الى خارج العراق منذ اجراء الانتخابات النيابية العامة في البلاد في السابع من آذار (مارس) الماضي.
وسيجري المالكي مباحثات مع الاسد ورئيس وزرائه محمد ناجي العطري الذي أجرى مباحثات هاتفية مع المالكي في التاسع من الشهر الماضي في أول اتصال بين مسؤولين رفيعين من البلدين عقب انقطاع عام من الاتصالات بين البلدين.
واكد وزير الخارجية السوري وليد المعلم في السادس من الشهر الحالي أن هدف الاتصالات السياسية السورية سواء مع الكتل السياسية العراقية أو دول الإقليم هو حث الأطراف المعنية على الإسراع في تشكيل حكومة وحدة وطنية.. واشار الى أن العراق الحالي لا يحتمل وجود فريق في الحكومة وآخر في المعارضة.
واستأنف البلدان العلاقات الدبلوماسية بينهما في تشرين الثاني (نوفمبر) عام 2006 بعد قطيعة استمرت 26 عاما وذلك خلال زيارة وزير الخارجية وليد المعلم الى بغداد في في الحادي والعشرين من الشهر نفسه.
لكن هذه العلاقات توترت في أعقاب تفجيرات دامية وقعت ببغداد في التاسع عشر من آب (أغسطس) عام 2009 وأسفرت عن سقوط حوالي مائة قتيل و600 جريح حيث اعتبرت الحكومة العراقية أن بعثيين سابقين يتواجدون في سوريا يقفون وراء تلك الهجمات وطلبت من السلطات السورية تسليمها اثنين من القياديين السابقين بحزب البعث وهو ما رفضته دمشق فقامت الحكومة العراقية إثر ذلك باستدعاء سفيرها من سوريا رغم أنه لم يكن قد مضى على توليه منصبه سوى ستة أشهر وردت دمشق بسحب رئيس بعثتها الدبلوماسية من بغداد ايضا.
كما لم تفلح حكومة المالكي من تدويل المسألة بعد فشلها في إقناع مجلس الأمن بتشكيل محكمة دولية خاصة لمحاكمة متهمين بعثيين يقيمون في سوريا.
البعثيون والحدود والنفط والتجارة ملفات يبحثها المالكي مع الاسد
ومن المنتظر ان تتناول ملفات البحث بين المالكي والاسد قضية القيادات البعثية العراقية المقيمة في دمشق وعلاقتها بتنظيمات بعثية سرية تعمل في العراق.
وتوقع المصدر ان يبدي المالكي استعداده للتخفيف من الاتهامات الموجهة اليهم ودراسة امكانية العفو عنهم. وفي هذا الاطار كان المالكي وجه رسالة الى المعارضين السبت الماضي أبدى فيها الاستعداد quot; للعفو عن المخطئينquot; اضافة الى امكانية تقديم عروض مغرية لاشراك البعثيين المقيمين بدمشق في العملية السياسية.
كما سيتركز المباحثات على ضرورة التعاون الامني بين البلدين لانهاء عمليات تسلل المسلحين عبر الحدود السورية الى العراق بشكل نهائي خاصة بعد ان سجلت هذه الاختراقات تراجعا ملحوظا خلال الفترة الاخيرة.
اما بالنسبة للتعاون التجاري فانه سيتم البحث في امكانية مضاعفة حجم التبادل التجاري بين البلدين والبالغ حوالي المليار دولار حاليا ليصل الى ثلاثة مليارات دولار بنهاية العام المقبل اضافة الى بحث المباشرة بتشييد خط جديد لانابيب النفط مع سوريا للتصدير عبر البحر المتوسط والسماح لايران بمد خط لنقل الغاز الى سوريا.
ويوجه معارضو المالكي اتهامات له بانه قد احيا مشروع خط الانابيب لاغراض سورية تكمن في كسب دعم سوريا للتمديد له لولاية ثانية. وكانت وزارة النفط العراقية اعلنت في العشرين من الشهر الماضي عن إبرام اتفاق تعاون مشترك مع سوريا يشمل مد خطين لتصدير النفط وثالث لتصدير الغاز العراقي عبر البحر المتوسط.
وقال المتحدث باسم وزارة النفط عاصم جهاد إن quot;الوزارة عقدت اتفاقاً مع سوريا يقضي بإنشاء ثلاثة خطوط تصدير الأول بطاقة 5.1 مليون برميل يومياً، والثاني 25.1 مليون برميل، والثالث سيكون مخصصاً لتصدير الغاز العراقي عبر منفذ البحر المتوسطquot;.
واشار الى ان quot;وزارة النفط اتفقت سابقاً مع إحدى الشركات الأجنبية المتخصصة بمد الأنابيب النفطية لإجراء المسوحات والكشف الميداني على حجم الأضرار الذي أصاب خط كركوك ndash; بانياس بعد توقف التصدير فيه منذ التسعينات وإعداد تقرير عن حالته وأعمال التأهيل التي يحتاجهاquot;.
وكان مصدر في شركة نفط الشمال ومقرها كركوك قال في السابع عشر من الشهر الماضي أن خط تصدير النفط العراقي عبر سوريا بحاجة لأعمال صيانة تمتد بين عام وعامين فضلاً عن حاجته لإعادة تقييم مساره بسبب الأضرار التي لحقته نتيجة توقف الضخ عبره منذ 1992. ويبلغ طول الخط العراقي السوري 235 كم وسعته التصديرية تتراوح بين 900 ألف ومليون برميل يومياً.
ويأتي هذا التحسن في العلاقات في ظل ما تواجهه سوريا من حاجة ملحة لتوسيع علاقاتها التجارية في الوقت الذي يعاني اقتصادها من ضغوط شديدة نتيجة للأزمة الاقتصادية العالمية، وتضاؤل احتياط سوريا النفطي، والعقوبات الاقتصادية الأميركية والجفاف المستمر الذي تمر به البلاد. وتركز سوريا الآن، وبزخم جديد، على إمكانيات العراق الاقتصادية.
وحاليا يتطلع التجار السوريين بشغف للمشاركة في عملية إعادة اعمار العراق وللاستفادة من الإمكانات الاقتصادية الضخمة غير المستغلة لبلد يبلغ عدد سكانه أكثر من 28 مليون نسمة. ففور عودة ما يشبه الحياة الطبيعية إلى العراق من المتوقع أن تزدهر السلع والخدمات السورية نتيجة القرب الجغرافي بين البلدين.
وكانت العلاقات التجارية العراقية السورية قد شهدت تراجعا كبيرا منذ الغزو الاميركي عام 2003 الذي قادته الولايات المتحدة في عام 2003 عندما أعربت سوريا عن معارضتها للاحتلال مما تسبب آنذاك بانهيار العلاقات السياسية والاقتصادية وأدى إلى تراجع الصادرات السورية إلى العراق في عام 2007 لتصل إلى 641 مليون دولار أميركي فقط مقارنة بحوالي ملياري دولار أميركي قبل الغزو مباشرة. وقد كانت سوريا في فترة التسعينات وفي ظل العقوبات الدولية المفروضة على العراق بوابة هامة جدا للتجارة مع العراق.
التعليقات