الرئيس الأميركي باراك أوباما في البيت الأبيض
يسعى الرئيس الأميركي باراك أوباما لحشد دعم الشباب والأميركيين من أصل إفريقي لمواجهة الجمهوريين في الانتخابات النصفية للكونغرس الأميركي، ويواجه أوباما عدة أزمات في بلاده قد تؤثرفي شعبية الديمقراطيين، وعلى رأسها نسبة البطالة المرتفعة.


في مثل هذا الوقت قبل عامين حضر نحو 100 الف شخص للاستماع الى باراك اوباما وهو يلقي كلمة في مدينة سانت لويس في ولاية ميسوري التي كانت محطة على الطريق الى البيت الأبيض. وكان ذلك أكبر حشد في حملته الانتخابية ، وكاد اوباما يعجز عن الكلام من فرط ذهوله فأعلن ان كل ما يستطيع قوله هو quot;واوquot;!

ويلاحظ معلقون ان اوباما لو قُدر له ان يستعير من سحر 2008 خلال الاسبوعين المقبلين ويمنع الجمهوريين من استعادة السيطرة على الكونغرس فان الصوت الذي سيصدر منه هذه المرة هو اقرب الى تنفس الصعداء لتفادي هزيمة محدقة.

فان اوباما بعد عامين على طفرته من مجلس الشيوخ الى البيت الأبيض ، يواجه معركة شاقة عناوينها نسبة بطالة تبلغ 9.6 في المئة واستطلاعات رأي تبين ان الديمقراطيين يمكن ان يفقدوا أغلبيتهم في مجلس النواب والقسم الأعظم من الأفضلية التي يتمتعون بها حاليا في مجلس الشيوخ. وإذا حصل الجمهوريون على 39 مقعدا اضافيا في مجلس النواب و10 مقاعد أخرى في مجلس الشيوخ ، لن يتمكن اوباما من تمرير إصلاحاته في قطاع الطاقة أو في سياسة الهجرة. وسيكون محظوظا إذا تمكن من توطيد مكاسبه بشأن العناية الصحية والضوابط المالية في مواجهة مساعي الحزب الجمهوري لإلغاء هذه المكاسب.

ويرى المعلق ريتشارد وولف في صحيفة يو أس أي توداي ان هذا كله يجعل انتخابات 2010 النصفية مهمة عند اوباما بقدر ما كانت انتخابات 2006 عند جورج بوش وانتخابات 1994 عند بيل كلنتون وانتخابات 1982 عند ريتشارد نكسون ، الذين تكبد حزب كل منهم هزائم كبيرة فيها.

وسيحتاج اوباما الى تعبئة كل قدراته على الاقناع لوقف قطار الجمهوريين المنطلق بقوة حزب الشاي. وهذا ما يراهن عليه اوباما خلال جولاته في طول الولايات المتحدة وعرضها دعما لمرشحي حزبه.

جرب اوباما قدراته على قلب اتجاه الاستطلاعات يوم الأحد في ولاية اوهايو حيث نسبة البطالة 10 في المئة ومرشح الجمهوريين يتقدم بخطى حثيثة للفوز بمنصب حاكم الولاية ومقعد في مجلس الشيوخ. وقالت المرشحة لنائب الحاكم ماري تايلور ان اوباما يعلم انه في مأزق كبير.

ويمكن اقتفاء المحاولات التي يبذلها الديمقراطيون للدفاع عن مواقعهم في الدورة الانتخابية النصفية بمتابعة اوباما في جولاته التي شملت خلال ايلول/سبتمبر وحده 11 ولاية انتزعها الديمقراطيون من الجمهوريين في عام 2008.

في ولاية اوهايو حيث اصطحب اوباما السيدة الاولى ميشيل لأول مرة في حملة انتخابية منذ عام 2008 احتشد نحو 35 الف شخص غالبيتهم من الشباب للاستماع الى كلمة اوباما في جامعة الولاية مناشدا الناخبين أن يُفهموا الحزب الجمهوري بأنهم لا يريدون العودة الى سياساته السابقة. واعلن اوباما: quot;نريد ان نمضي قدما لا ان نعود القهقرىquot;.

واعاد اوباما التذكير بالحشود الأكبر التي كانت تستمع اليه قبل عامين بمشاركة 75 الف شخص في مناطق مثل كنساس ستي وبورتلاند.

ولكن التحدي الذي يواجه اوباما وحزبه هذا العام هو اقناع انصار الحزب الديمقراطي بالتوجه الى صناديق الاقتراع في 2 تشرين الثاني/نوفمبر. وقال كرتس غانز مدير مركز دراسة الناخب الاميركي في الجامعة الاميركية quot;ان ذلك سيكون صعبا بصورة استثنائية. فأنت تتعامل مع أُناس خابت آمالهم من حيث الأساسquot;.

كسب الشباب والاميركيين الأفارقة من جديد
من أكبر المهمات التي تواجه اوباما لتحسين حظوظ الديمقراطيين حتى 2 تشرين الثاني/نوفمبر ، ان يكسب من جديد ملايين الشباب من الاميركيين الافارقة وذوي الاصول اللاتينية الذين صوتوا لأول مرة في حياتهم قبل عامين محققين له الفوز في ولايات صعبة مثل نورث كارولاينا وفرجينيا. وسيكون كسب الشباب مجددا مهمة عسيرة هذه المرة إذ يقول المحلل السياسي في المركز المشترك للدراسات السياسية والاقتصادية ديفيد بوسايتيس ان مشاركة الشباب والأقليات كانت تاريخيا أقل في الانتخابات النصفية. وأضاف بوسايتس ان مشاركة الاميركيين الأفارقة بأعداد كبيرة في الانتخابات النصفية كانت تقليديا لصالح الديمقراطيين وهم اليوم متحمسون للمشاركة بسبب التحديات التي يواجهها السود من اعضاء الكونغرس quot;وعلى اوباما ان يفعل كل ما بوسعه لشحذ هذه الحماسةquot;.
هموم اقتصادية
مشكلة اوباما مع الاقتصاد لا تقل صعوبة عما واجهه رونالد ريغان في عام 1982 واسوأ بكثير مما واجه كلنتون في عام 1994 أو بوش في عام 2006. إذ لم يدخل أي منهم البيت الأبيض في مواجهة اسوأ ركود منذ الكساد العظيم.

وحاول اوباما وفريقه الاقتصادي خلال 21 شهرا ان يضخوا 814 مليار دولار في الاقتصاد وأحدثوا في مجرى العملية تغييرات جذرية في نظام العناية الصحية لم يُعرف نظيرها منذ 45 عاما ، وفرضوا قواعد وضوابط جديدة على وول ستريت وشركات الائتمان وانقذوا شركتين لصناعة السيارات من الافلاس.

ولكن الصعوبة التي اصطدم بها طاقم اوباما الاقتصادي هو اقناع الناخب الاميركي بأن هذه الانجازات حالت دون وقوع الاقتصاد الاميركي في ازمة ركود أخرى. وفي هذا الشأن يقول المتحدث باسم اللجنة الوطنية للحزب الديمقراطي براد وودهاوس ان من الصعب ان تكسب رصيدا عن شيء لم يحدث ، في اشارة الى عدم حدوث ركود آخر.

في هذا الوضع سجلت شعبية اوباما هبوطا حادا واعرب 44 في المئة فقط عن تأييدهم لسياساته في استطلاع الشهر الماضي اجرته صحيفة يو أس أي توداي مع معهد غالوب. وبذلك يكون اوباما فقد 20 في المئة من شعبيته منذ انتخابه قبل عامين.

والسؤال الذي يواجه اوباما الآن هو ما إذا كان يستطيع خلال الاسبوعين المقبلين ان يعبئ مهاراته الخطابية وقدراته على جمع التبرعات لزيادة فرص المرشحين الديمقراطيين في مواجهة المد الجمهوري الصاعد.