يعاني الصحافيون العاملون في إيران من القمع والبطش والممارسات العدائية في حقهم من قبل النظام الحاكم، إذ يعتقل كثير منهم أثناء تأديتهم مهامهم المهنية لينتهي الأمر بهم بالأقامة وراء القضبان مسجونين بتهمة الانتقاد. ومن تتيح له الظروف بالهرب لينجو بحياته من مصير مجهول لا يتردد في ذلك.


حول الأخطار التي تُحدِق بالأشخاص الممتهنين للصحافة في الجمهورية الإسلامية الإيرانية، أعدت اليوم مجلة دير شبيغل الألمانية تقريراً تؤكد من خلاله أن عشرات الصحافيين الإيرانيين يقبعون الآن في السجون، بينما تلوذ أعداد أخرى منهم بالفرار من البلاد.

وأوضحت المجلة أن نظام الرئيس الإيراني، محمود أحمدي نجاد، لجأ إلى الأساليب العدوانية في ملاحقته لمنتقديه، وعلى نحو متزايد، للصحافيين الأجانب الذين يتم محاصرتهم أيضاً. واستهلت حديثها بإلقاء الضوء على الحياة غير الآمنة التي يعيشها صحافي إيراني يدعى، محمد غوشاني، 34 عاماً، بفضل التهديدات التي يتلقاها من القوات الأمنية التابعة للنظام الإيراني، بحسب أصدقاء له في طهران.

ورأت المجلة أن قليلين سيدهشون عندما يتم استدعاء غوشاني عما قريب من جانب المدعي العام، ويتم إجباره على الرد على اتهامات منسوبة إليه أمام المحكمة الثورية الإسلامية. وقد يتعرض للحبس مستقبلاً، فقط لأنه أخذ على عاتقه القيام بمهمة حساسة ومغرية، تتمثل في تخطيطه لمواصلة مساعيه الرامية إلى إصدار صحيفة quot;هام ndash; ميهانquot; اليومية الإصلاحية، التي صدر في حقها قرار بعدم الصدور قبل ثلاثة أعوام.

وفي الوقت الذي تتواصل فيه جهود 30 محرراً وفناناً ومجموعة فنيين تحت قيادة غوشاني في شقة واسعة في شمال طهران، لإصدار النسخة الأولى من الصحيفة، بدأت تسود حالة من الترقب لدى مسؤولي وزارة العدل وهيئة الرقابة على الصحافة، انتظاراً لأول خبر انتقادي تنشره الصحيفة بحق الرئيس أحمدي نجاد ومرشده، الزعيم الأعلى الإيراني، آية الله علي خامنئي، رغم الحرية التي يكفلها الدستور الإيراني للصحافة.

مع هذا، أشارت المجلة إلى أنه ليس هناك من شك في أن السلطات ستقوم بإغلاق الصحيفة مرة أخرى، وستلقي القبض على رئيس التحرير، غوشاني، الذي سبق له أن قضى بالفعل ستة أشهر في السجن. ثم لفتت دير شبيغل إلى أن السجون هناك قد تحولت، منذ نشوب التظاهرات ضد أحمدي نجاد بعد إعادة انتخابه رئيساً للبلاد في حزيران/يونيو العام الماضي، إلى أفضل مكان يُمكن أن يجتمع فيه منتقدو النظام، علماً أن الصحافيين هم من يُشكِّلون أكبر الجماعات الاحترافية بين جميع النزلاء.

وقال المعارض محمود أميري مقدم إنه قد تم احتجاز ما يزيد عن 120 موظفاً في الصحف اليومية ونحو 20 مدوناً، كما لاذ بالفرار إلى خارج البلاد ما لا يقل عن 50 مراسلاً ومصوراً صحافياً، للهروب من تهديدات عملاء النظام. في الوقت نفسه، أكدت المجلة على أن العدد الدقيق للصحافيين المحتجزين في السجون غير معروف.

وبعدما بات الصحافيون الأجانب كذلك عرضة لبطش حلفاء الرئيس أحمدي نجاد في الوكالات الاستخباراتية وفيلق الحرس الثوري الإسلامي، أردفت المجلة بقولها إن حساسية طهران من التقارير الإعلامية التي تنتقد برنامج البلاد النووي وتخصيبها لليورانيوم تعني أن صحافيي الغرب بات يُسمح لهم الآن فقط بدخول البلاد من أجل حضور الأحداث الدعائية، وأنه قد بات من النادر منح تأشيرات للصحافيين.

وتعقيباً من جانبها في النهاية على قيام السلطات الأمنية في إيران أخيراً باعتقال اثنين من المراسلين الألمان بتهمة العمل كمراسلين صحافيين دون الحصول على التصاريح اللازمة، أوضحت المجلة أن الحقيقة التي تقول إن الدور البارز الذي لعبته الحكومة الألمانية أخيراً في تنظيم العقوبات الأوروبية ضد الدولة الإسلامية لم تجعل المفاوضات تسير على نحو أكثر سلاسة.

بالرغم من ذلك، يشعر بعض الناس في ألمانيا بالتفاؤل الحذر من أن عملية إطلاق سراح الصحافيين يُمكن أن تتم عما قريب. ورغم البوادر الإيجابية التي بدأت تكشف عن إمكانية الإفراج قريباً عن الصحافيين الألمان، إلا أن المجلة آثرت أن تختم بالتحذير الذي وجهه غوشاني لزملائه في ما يتعلق بأخطار مهنتهم، حيث قال إن quot;الصحافة في إيران محفوفة بالمخاطرquot;.