الديموقراطيون يتوقعون الاحتفاظ بأغلبية الكونغرس

رغم أن مقر غرفة التجارة الأميركية لا يفصلها سوى شارع واحد (أو أقل من مائة متر) عن البيت الأبيض، إلا أن انتخابات التجديد النصفي للكونغرس والمقرر إجراؤها في الثاني من شهر نوفمبر القادم قد زادت من التباعد بين إدارة أوباما والغرفة التجارية، وهو التباعد الذي وصلت حدته لمستوى الحروب السياسية.


واشنطن: في الوقت الذي يرى فيه الرئيس الأميركي باراك أوباما أن تدخل الغرفة التجارية لتمويل إعلانات سياسية في انتخابات التجديد النصفي للكونغرس بهدف خدمة ودعم المرشحين الجمهوريين، واتهمها بأنها quot;تهدد الديمقراطية الأميركيةquot;، رد رئيس الغرفة التجارية الأميركية توماي دونوهيو متوعدا أوباما والحزب الديمقراطي بإنفاق المزيد من الأموال على المزيد من الإعلانات السياسة ضدهما.

ويتهم أوباما الغرفة التجارية الأميركية بتلقي أموال من شركات غير أميركية تهدف للتأثير على سياسات معينة داخل الكونغرس، وقال أوباما quot;علمنا أن أكبر الجهات التي تقدم أموالا لتستخدم في الحملات الإعلانية الانتخابية تأتي من شركات أجنبيةquot;.

إلا أن رئيس الغرفة التجارية نفي في رسالة لمجلس أمناء الغرفة أن يتكون الغرفة قد قامت بمثل هذا العمل. إلا انه لم ينف أن تكزن الغرفة قد حصلت على أموال من أفرع للشركات الأجنبية داخل الولايات المتحدة والمسجلة قانونيا كشركات أميركية. وترفض غرفة التجارة الأميركية الكشف عن مصادر تمويل إعلاناتها السياسية، ولا يضطرها القانون الأميركي للكشف عن هذه المصادر.

وقامت الغرفة التجارية بإنفاق مبلغ 10 ملايين دولار أميركي في عدة ولايات تشهد معارك انتخابية حامية. وذكر روبرت جيبس المتحدث الرسمي باسم البيت الأبيض إنه في حال كانت هناك منظمات تتلقى عشرات الملايين من الدولارات ولا تقبل الكشف عن مصادر تمويلها فان ذلك قد يشير إلى أن لديها شيئا تحاول إخفاءه.

وتحدى البيت الأبيض على لسان جيبس الغرفة للكشف عن مصادر تمويلها، معتبرا أن الجمهوريين باتوا في جيب الشركات الكبرى وأضاف أنهم ينفقون عشرات وربما مئات الملايين من الدولارات دون أن يعرفوا ما هي أجندة الجهات الممولة أو من تمثل.

إلا أن رئيس الغرفة التجارية الأميركية قد أكد أن الأموال التي تحصل عليها الغرفة من الخارج تتمثل في عضوية الغرف التجارية الأجنبية وهي مبالغ لا تمثل إلا نسبة صغيرة جدا من موارد الغرفة المالية البالغة 200 مليون دولار.

وتشهد انتخابات التجديد النصفي للكونغرس منافسة على كل مقاعد مجلس النواب البالغة 435 مقعدا و37 من مقاعد مجلس الشيوخ المائة، إضافة لعدد 37 سباق على مناصب حكام الولايات. ويتمتع الحزب الديمقراطي في دورة الكونغرس الحالية بأغلبية في المجلسين،إذ لديه 57 مقعد من مقاعد مجلس الشيوخ مقابل 41 للجمهوريين، وهناك مقعدين للمستقلين، إلا أنهما دائما ما يصوتوا لصالح الحزب الديمقراطي.

أما في مجلس النواب فللديمقراطيين 257 مقعد مقابل 178 للجمهوريين، ويحتاج أي من الحزبين فقط إلى 218 لتحقيق الأغلبية البسيطة. وأكدت دراسة حديثة أن تمويل انتخابات التجديد النصفي للكونغرس ستبلغ 3.4 مليار دولار، في مقابل 2,8 مليار دولار أنفقت على انتخابات التجديد النصفي عام 2006.

وكانت المحكمة الدستورية العليا قد قامت في شهر يناير الماضي برفع القيود على تمويل الحملات الانتخابية الوطنية من قبل الشركات ومجموعات الضغط والنقابات، في خطوة تعتبر بمثابة ثورة في القانون الأميركي والممارسات الديمقراطية الأميركية التي تقنن التبرعات والمساهمات المالية منذ أربعينات القرن الماضي، رغبة في ضبط وتقييد نفوذ رأس المال في العملية السياسة.

ويعد الحكم هزيمة لإدارة أوباما وأنصار قوانين تمويل الحملات الانتخابية الأميركية، والذين يقولون إن رفع القيود على الإنفاق السياسي للشركات الأميركية من شأنه أن يؤدي إلى إغراق النظام السياسي الأميركي في أموال الشركات.

وقال أوباما في تعليق له تعليقا على قرار المحكمة الدستورية العليا إنه قرار يعطي quot;الضوء الأخضر للمصالح المالية الخاصة لتنفيذ هجمة طاغية جديدة على حياتنا السياسيةquot;، وأضاف quot;إنه انتصار كبير لشركات النفط العملاقة، وبنوك وول ستريت، وشركات التأمين الصحي، وغيرها من المصالح الكبرى التي توظف نفوذها كل يوم في واشنطن بهدف التغطية على أصوات الأميركيين البسطاءquot;.

ومنذ عام 1990، تحرم المحكمة الدستورية العليا الشركات الخاصة من دفع الأموال للمرشحين إلا عن طريق quot;لجنة للعمل السياسيquot;، التي استحدثت لهذه الغاية، حيث يمكن للمساهمين في التمويل دفع المال إلى هذه اللجنة، ورأت المحكمة أيضا ضرورة أن يظهر اسم الجهة الممولة على الإعلان الانتخابي عندما لا يتبنى المرشح أو حزبه الإعلان.

ويذكر أن غرفة التجارة الأميركية، إضافة إلى شركات التأمين تعارض إصلاح نظام الرعاية الاجتماعية والتأمينات الصحية التي صوت عليهم الكونغرس واقرهم هذا العام، وتوعد الجمهوريين بإلغاء هذه القوانين حال سيطرتهم على الكونغرس بعد هذه الانتخابات. وفي الماضي لم تسمح للشركات الخاصة بأخذ الأموال من ميزانياتها لتمويل الدعايات الانتخابية لهذا المرشح أو ذاك. كما لم يكن بوسعها تمويل نشاطات ثانوية مثل حملات التسجيل على اللوائح الانتخابية.