وضع أمير الكويت قطار المرحلة المقبلة، على سكة الوضوح والصراحة، بعد أن بلغ مستوى الجدل المحلي مستويات غير مسبوقة من التشكيك والإنفلات، والتجاوز على القانون، ومناقشة القضايا الحساسة والمصيرية خارج قاعة مجلس الأمة الكويتي.


افتتح أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح صباح اليوم دور الإنعقاد البرلماني الجديد لمجلس الأمة الكويتي، بعد إجازة طويلة شارفت الشهور الأربعة، إذ ألقى كلمة حدد فيها ثوابت المرحلة المقبلة، وسط إنطباعات مسبقة بأن الأمير الكويتي سيستغل كلمته في البرلمان ليوجه كلاما حاسما الى السلطتين التنفيذية والتشريعية، بخصوص الأوضاع في الداخل الكويتي، التي أشار الأمير الكويتي بأنها بلغت مستويات غير مسبوقة البتة من الجدل والتشكيك والإنفلات، والإستقواء بالشارع، ومناقشة القضايا الحساسة والمصيرية خارج قاعة مجلس الأمة الكويتي، في إشارة ضمنية الى المبالغة من قبل أطراف محلية في عقد ندوات ومسيرات ومظاهرات، وتخصيصها للحديث عن قضايا تخص الداخل الكويتي.

وقال أمير الكويت في كلمته المقتضبة، والغنية بالرسائل والدلالات إن التمادي في التجاوز على القانون وزج البلاد في أتون الصراعات السياسية والدينية يوجب على الكويتيين جميعا مجلسا وحكومة ومؤسسات وافرادا التحلي بالحكمة واليقظة، و البقاء صفا واحدا أمام المسؤولية الوطنية في درء أسباب الفتنة، ونتائجها المهلكة.

وفي إشارة ضمنية من الأمير الكويتي الى الإشاعات التي تملأ الداخلي الكويتي، ومفادها تحليلات وإنطباعات عن قرب حل البرلمان، وإحتمالات تعليق الحياة الديمقراطية لمدة محددة قال: quot; قدرنا ان نحرص على نظامنا الديمقراطي وان ندافع عنه وان نتمسك به ونحميه من كل جور على قيمه او تجاوز على حدوده او خروج على اطره او تعسف في ممارسته حتى لا يتحول الى اداة هدر لمقومات هذا البلد ومقدراته فكل نظام يوزن بما يحقق للوطن من عطاء ورخاء في حاضره ومستقبله وجاء دستورنا حاضنا لهذه الديمقراطية مبينا باحكامه اختصاص كل سلطة وحدودها وصلاحياتها وكل تجاوز على هذه الاحكام هو تجاوز على الدستور نفسه وتعد لا يخدم المصلحة العامة ولا يحقق الغايات الوطنية المنشودةquot;.

وضع مرفوض
وقال الأمير الكويتي في خطابه اليوم: quot; ان ما يحوط المشهد السياسي العام من تجاوزات وممارسات غير مألوفة ولا مسؤولة هو موضع استنكار ورفض من الجميع ولا يمكن لاي عاقل ان يغفل عما ينطوي عليه ذلك من مخاطر جسيمة يصعب استبعادها او تحييدها عن مخططات خبيثة تستهدف الاسس الراسخة لامننا واستقرارنا وتماسك مجتمعنا وما جبل عليه من قيم التسامح والاعتدال وقبول الرأي الاخرquot;.

وتابع أمير الكويت القول: quot;وقد استغل البعض اجواء الحرية في التطاول على ثوابتنا الوطنية حتى اصبحت اساليب الاثارة والتشكيك والانفلات والتصرف غير المسؤول بديلا عن الاحتكام للقانون وانساق الى ذلك من انساق بعلم او بغير علم حتى غدا الشارع وليس قبة البرلمان هو المكان لطرح القضايا والمشكلات الامر الذي يتعذر معه الوصول الى قرار صائب وسليم في ظل هذه الاجواء المشحونة ويدفع بنا الى تداعيات ونتائج بالغة السوء والضرر على مصلحة هذا الوطن وابنائهquot;.

إنتقاد الإعلام
وخصص الأمير الكويتي جزءا من كلمته متطرقا الى الدور السلبي لبعض وسائل الإعلام الكويتية قائلا: quot;علينا ان ندرك اننا مجتمع قليل بعدده ونعيش في وطن صغير في مساحته واننا لسنا بمعزل عما يجري حولنا من صراعات وتأثيرات على المستوى الاقليمي والدولي. . وهو ما يضاعف من المسؤولية الوطنية الملقاة على عاتق وسائلنا الاعلامية المختلفة المقروءة والمرئية والمسموعة لما تملك من مجال رحب في التأثير على الرأي العام. . ولعل مكمن الخطورة في هذا الامر عندما يلجأ البعض الى تناول القضايا الكبيرة والحساسة فيقول ما يشاء لمن يشاء وفي اي وقت ومقام بلا دليل او بينة ويضع الاحكام والعلل من وحي الاهواء والاغراض يجذبه الى ذلك تأثير البهرجة الاعلامية والمبالغة في الاثارة والتحريض والمغالطة ومجافاة المصداقية وتجاوز لحدود الحرية والمسؤولية وضوابط الامانة المهنية والمصلحة العامة.

و أضاف الأمير الكويتي: quot;ما اغنى الكويت عن كل ذلك بما يحمله من نتائج وآثار بالغة السوء والضرر سواء على صعيد واقعنا المحلي او علاقاتنا الخارجية في الوقت الذي نتوخى ان تكون وسائل اعلامنا صرحا للرأي المستنير ومنبرا لنشر المعرفة الخلاقة واداة لتعزيز التلاحم والتواصل في الداخل وعونا لكسب الاصدقاء في الخارج.. فما يواجهنا من تحديات امر يدعونا الى وقفة تأمل وتفحص ونقد ذاتي لكل ما نحن به وعليهquot;.

وفي كلام وضع أمير الكويت خلاله الناخبين الكويتيين أمام مسؤولياتهم، في وجه بعض تجاوزات من انتخبوهم لتمثيلهم قال:quot; اخواني وابنائي اهل الكويت الكرام تدفعني في هذا المقام مشاعر عميقة بأن اتوجه بكلمة من القلب اقولها لاخواني وابنائي واحبابي اهل هذه الارض الطيبة.
انكم وان كنتم قد اديتم امانة الاختيار لممثليكم ووضعتم ثقتكم الغالية فيمن ترونه اهلا للمسؤولية في مجلس الامة فانه وليس فقط من باب حقكم المطلق بل ايضا من باب واجبكم نحو وطنكم ان تمضوا في المتابعة والتحدث بصوت مسموع لاصلاح اي اعوجاج او خروج عن حدود امانة الاختيار والثقة.

وتابع يقول في الإطار نفسه: quot;كما انكم مطالبون بمخابطة ممثليكم بالكلمة المسؤولة الصالحة ولا تبخلوا عليهم بالارشاد والتوجيه والنصح والشد من ازرهم اذ احسنوا واجادوا وذلك فيما يعزز المصلحة العامة ويبقي الكويت دائما في المقام الاولquot;.

من جهته أكد رئيس الوزراء الكويتي الشيخ ناصر المحمد الصباح في كلمة له في إفتتاح دور الإنعقاد البرلماني الجديد اليوم: quot; على حاجة السلطتين التشريعية والتنفيذية الى صيغة عملية للحوار الواعي البناء والتعاون الايجابي بما يكرس ثوابت العمل المشترك في اطار احكام الدستور والقوانين والتشريعات، مؤكدا ان ذلك الحوار البناء من شأنه ارساء نهج متقدم لتعاون ايجابي يكرس ثوابت العمل المشترك في اطار احكام الدستور واللائحة التنفيذية لمجلس الامة وسائر القوانين والتشريعات المعمول بها لاسيما في استخدام ادوات الرقابة البرلمانية دون مساس بهذا الحق او تنازل عن أي اختصاص.

واضاف الشيخ المحمد:quot; ان التعاون المنشود لا يحمل أي قصد او غاية لمصادرة الحق الدستوري للعضو في الاستجواب او المساءلة بل هو في حقيقته مطلب دستوري ليس فيه انتقاص من هيبة المجلس ولا يعني زيادة في هيمنة الحكومة وتمثل في التطبيق الصحيح لاحكام المادة (50) من الدستور التي تنظم مبدأ الفصل بين السلطات مع تعاونها وعدم تجاوز أي منهما على غيرها.