يرى أمين ترزي، مدير laquo;دراسات الشرق الأوسطraquo; في جامعة مارين كور الأميركية، أنإيران أمّنت كل رهاناتها في أفغانستان بحيث تخرج رابحة بغض النظر عما يحدث، فيما تقول كوري شيك باحثة في معهد laquo;هوفرraquo; أن الرئيس الأفغاني أخطأ بإعلانه تسلمه الأموال الإيرانية.

تستعرض هذه الحلقة الختامية إجابتي محلليْن سياسييْن على السؤال الذي طرحته laquo;نيويورك تايمزraquo; في زاويتها laquo;مساحة للنقاشraquo; وهو: ماذا يشتري المال الإيراني في أفغانستان؟ وجاء هذا السؤال في أعقاب اعتراف الرئيس حميد كرزاي بأنه يتلقى المال من نطام طهران، رغم إصرارها هي على نفي ذلك.

إيران أمّنت رهاناتها

بقاء كرزاي مرتبط بتلقيه المال من الجميع

حكومة كرزاي فاسدة وإيران ليست العدو الحقيقي

أمين ترزي هو مدير laquo;دراسات الشرق الأوسطraquo; في جامعة مارين كور الأميركية. وهو يتساءل هنا عن الرسالة التي يبعث بها الرئيس كرزاي الى الولايات المتحدة بإقراره علنا أنه يتلقى المال من إيران.

وتبعا لترزي فإن إيران أمّنت كل رهاناتها في أفغانستان بحيث تخرج رابحة بغض النظر عما يحدث. وقد ظلت هذه هي سياستها منذ اندلاع الحرب الأهلية بين مختلف طوائف المجاهدين في العام 1992.
وقد أتت فترة ما بعد طالبان لإيران بظروف مواتية. فبينما تصاعدت التهديدات التي يشهدها النظام الحاكم، تصاعدت في المقابل قدرة إيران على التصدي لها. وهي تنظر الى وجود القوات الأجنبية عبر حدودها الشرقية مع جارتها تهديدا مباشرا لأمنها ولمطامعها في آسيا الوسطى وتحديدا في أفغانستان.

ولكن، في الوقت نفسه، فإن وجود تلك القوات الأجنبية - وخاصة الأميركية - يقدم لطهران هدفا عسكريا سهلا في حال هجوم على مشروعها النووي نفسه. وهكذا فإن إيران لم تؤمن رهانها على كرزاي وحسب وإنما على خصومها السياسيين وبعض عناصر طالبان الجديدة أيضا.
وتأكيد أن كرزاي تسلم أكياسا من الأموال من نظام طهران لا يفتح الأعين على حقيقة جديدة في حد ذاته. وهذا لأن أكياس المال ظلت تأتي الى سائر الجماعات المتحاربة التي تؤلف الطيف السياسي الأفغاني. هذا إذن ليس هو اللافت للاهتمام وإنما laquo;الرسالةraquo; التي يحملها ذلك الاعتراف من جانب كرزاي نفسه.

ربما كان الرئيس الأفغاني محبطا إزاء بعض التصرفات التي قد يصنّفها في باب خيانة العهد من جانب واشنطن. وفي العادة فإن الغرض من إعلاناته التي لا تناسب الغرب هو السعي لكسب التأييد من المواطنين الأفغان وإضعاف موقف العناصر المعارضة لحكومته في اي مفاوضات معها.
لكن كرزاي لعب الورقة الإيرانية فقط كردة فعل على مطالب قدمتها الولايات المتحدة أو على إجراءات اتخذتها. ويبدو أن الرئيس الأفغاني قرر هو أيضا تأمين سائر رهاناته. والسؤال الوحيد هنا هو: هل يملك ما يكفي من ورق اللعب؟

خطأ كرزاي
كوري شيك باحثة في معهد laquo;هوفرraquo; وبروفيسيرة مشاركة في الأكاديمية العسكرية الأميركية في ويست بوينت، وعملت سابقا في وزارة الدفاع laquo;البنتاغونraquo; وفي مجلس الأمن القومي. وهي تعتقد أن الرئيس الأفغاني أخطأ بإعلانه تسلمه الأموال الإيرانية لأنه سيستعدي جهات أخرى مهمة بالنسبة إلى بقائه في الحكم وللاستقرار في بلاده.

ولا شك في أن لكرزاي ما يكفي من خبرة التعامل مع الأميركيين بعد 9 سنوات من وجودهم في بلاده بحيث إنه يدرك تماما نوع الغضب الذي يمكن ان يحدث في واشنطن إزاء حقيقة أنه يتسلم أموالا من إيران. وهذا مع أنه قدم معروفا للرئيس باراك اوباما بقوله إنه بدأ يتلقى تلك الأموال في عهد الرئيس جورج دبليو بوش وبعلم هذا الأخير ومباركته.

ومع ذلك فمن العسير الا يتصور المرء أن كرزاي يتقرّب الى إيران استباقا لرحيل القوات الأميركية عن بلاده وأيضا لموازنة نوع التأثير الذي يمكن ان تحدثه باكستان عليها. فلطالما تمسك بمقولة إن تنظيم laquo;القاعدةraquo; يعمل انطلاقا من باكستان وإن الأفغان يعانون المشاكل التي لا تريد الحكومية الباكستانية، أو تعجز عن حلها.

وبالطبع فليس مدهشا أن إيران تسعى إلى موطئ قدم في أفغانستان، مثلما تفعل في العراق وأماكن أخرى. وحري بنا أن نذكر أنها عارضت طالبان وساعدت الأميركيين على إطاحة حكومتها. وحقيقة أن طالبان أخافت نظام الملالي الإيراني نفسه يجب أن تؤخذ كتحذير واضح الى اولئك الداعين لمفاوضات معها قد تعيدها الى السلطة.

والأرجح أن باكستان ليست كثيرة القلق إزاء إيران. بل إنها تعاونت معها في برنامجها النووي وتنظر اليها - مع الصين - باعتبارهما شريكين مفيدين في مواجهة الهند التي تعتبرها تهديدا يفوق الإرهاب الأصولي أو عجزها هي عن ان تحكم نفسها.
أما الجهات التي يمكن ان يستعديها كرزاي بإعلانه تسلمه الأموال الإيرانية، فأهمها دول الخليج التي يمكن ان توفر له الأموال على مدى أبعد كثيرا من المدى الإيراني المكبّل بالعقوبات والمشاكل الاقتصادية. كما أنه قد يفقد ثقة التحالف الدولي الذي يحمي نظامه بالجنود والأموال... هذا هو الخطأ الذي يرتكبه الرئيس الأفغاني.