لا يبدو أن انتفاضة قرابة 20 ألفا من سكان العيون جنوب المغرب ستجد طريقها إلى الحل قريبا، اذ رغم مرور أيام على بداية المفاوضات بين وزارة الداخلية وممثلين عن المحتجين لايزال الملف يبرح مكانه خاصة مع تقديم المحتجين مطالب إضافية. الا ان المراقبين يعولون على ما سيأتي به خطاب للملك محمد السادس الاسبوع المقبل.


لم تسفر الاجتماعات الماراتونية التي عقدت الخميس الماضي حول الانتفاضة الشعبية التي شهدتها مدينة العيون عن نتائج إيجابية. فقد اجتمع متحدثون عن المحتجين المقيمين في مخيم ضواحي مدينة العيون المغربية الى وزير الداخلية الطيب الشرقاوي من الساعة الرابعة بعد الظهر حتى التاسعة ليلا، وحسب ما توصلت به quot;إيلافquot; فإن ممثلي المحتجين رفضوا تواجد خليهن ولد الرشيد، رئيس المجلس الاستشاري الملكي لشؤون الصحراء الذي كان يرغب في المشاركة في الحوار، ما اضطر الاخير إلى مغادرة قاعة الاجتماع.

وقد أسفر الاجتماع عن نتائج، اعتقد الكثيرون أنها ستنهي إضراب السكان، وان الطرفين اتفقا على إعداد قائمة بجميع المضربين، اذ صباح يوم الجمعة انتقل شيوخ ومسؤولون من وزارة الداخلية إلى المخيم للبدء في الإحصاء، لكن ممثلين عن المضربين رفضوا تدخل شيوخ القبائل الصحراوية، وشددوا على ضرورة إبعادهم عن الملف. كما لجأ المحتجون إلى تقديم مطالب إضافية قد تعرقل المفاوضات.

وعلمت quot;إيلافquot; أن الإعداد لهذا المخيم الأضخم من نوعه في تاريخ المنطقة منذ المسيرة الخضراء سنة 1975 تطلب أكثر من سنة كاملة، وأن تسعة صحراويين نظموا هذا المخيم. وكان مسؤولون مغاربة أكدوا أن الإعداد كان بدعم كبير من المخابرات الجزائرية ومسؤولي البوليساريو، المطالبين باستقلال المحافظات الصحراوية.

بداية متعثرة

وكانت السلطات المحلية بمدينة العيون، كبرى مدن الصحراء الغربية في الجنوب المغربي، قد شرعت منذ يوم الأحد 31 تشرين الأول- أكتوبر 2010 بتوزيع 600 بقعة سكنية ومساعدات على الأرامل المعوزات، ووعدت يتوزيع عدد مماثل على المطلقات الفقيرات في مرحلة ثانية، على أن تنتهي العملية بتوزيع 600 بقعة أخرى على ذوي الاحتياجات الخاصة.

وكان المحافظ السابق لولاية العيون الساقية الحمراء امحمد اظريف قد أعد هذا المشروع وأحصى المستفيدات من العملية، قبل أن يتم تأجيل توزيعها. سكان العيون اعتبروها محاولة من السلطات لإسكات أكبر انتفاضة شعبية في المدينة، وتأسف بعضهم لتأخرها، فيما راى مراقبون أن بداية توزيع البقع السكنية يظهر حسن نية السلطات المحلية لإنهاء احتجاجات السكان المقيمين منذ أكثر من عشرين يوما في مخيم كبير على بعد 12 كلم من المدينة.

وبالتزامن مع هذه العملية، فتحت السلطات المحلية مكاتبا في مدن الصحراء الغربية لتسجيل المواطنين الراغبين في الاستفادة من بقع سكنية ووظائف والاستفادة من مساعدات غذائية، وعلمت quot;إيلافquot; أن الإقبال على التسجيل، خلال الأيام الأولى، كان ضعيفا.

وكان وزير الداخلية المغربي الطيب الشرقاوي قد زار المدينة في وقت سابق واكتفى بلقاء شيوخ القبائل، مقدما إليهم حلولا لمطالب المحتجين، لكن مسؤولين محليين اعتبروا، في تصريح لـquot;إيلافquot;، أن هذا اللقاء غير ذي جدوى، لأن الشيوخ لم يعد لهم نفس التأثير على جيل جديد من الصحراويين، هذا بالإضافة إلى كون المخيم الذي أقامه المحتجون يديره شباب ومن الصعب إقناعهم من قبل شيوخ القبائل. وتضيف ناشطة جمعوية صحراوية نقطة أخرى قد تضعف دور الشيوخ، وهي أن السلطات المحلية كانت توظفهم كلما احتاجت إليهم، وهذا مس باستقلاليتهم وقلص هامش حريتهم وتأثيرهم على السكان. ويظهر هذا الأثر المحدود في تباين مواقف المحتجين أنفسهم، فمنهم من يشدد على الطابع الاجتماعي للمخيم، ومنهم من يسيسه.

تسييس المطالب

اختار المشرفون على تنظيم المخيم أسلوبا غير واضح في تواصلهم مع رجال الإعلام، فمع وسائل الإعلام المغربية، كان التركيز على المطالب الاجتماعية الثلاث (الشغل والسكن والمساعدات الغذائية). فيما أظهرت ربورتاجات في قنوات أجنبية، خاصة إسبانية وفرنسية ومقالات صحافية إسبانية مطالب بعض المحتجين السياسية، فهم يطالبون، كما يظهر في بعض هذه الربورتاجات التي اطلعت عليها quot;إيلافquot;، بتدخل دولي لمساعدتهم ويعبر بعضهم عن خوفهم من تدخل قمعي لـquot;الجيش المغربيquot;، كما أن غالبيتهم يقدم نفسه عضوا في quot;الشعب الصحراويquot;، في المقابل لم يقدموا أنفسهم على أنهم أعضاء في جبهة البوليساريو، المطالبة باستقلال المحافظات الصحراوية.

وبدأت المطالب تتسع لتشمل تقسيم خيرات المنطقة من سمك وفوسفاط. ويتوقع أن يستمر المحتجون في إضرابهم إلى ما بعد السادس من الجاري، وهو حدثquot; المسيرة الخضراءquot;. يذكر ان وزارة الداخلية سعت إلى طي هذا الملف قبل هذا الحدث غير أن تلكؤ المضرين قضى على كل أمل في حل قريب. ويعول عدد من المحتجين على ما سيأتي به خطاب الملك محمد السادس بهذه المناسبة.