لوحظ أن الصحافة الأردنية التي إكتنزت أعدادها على مدى الشهرين الماضيين بإعلانات المرشحين، وشؤون الإنتخابات قد إستسلمت لقانون الإنتخاب الذي يحظر كافة أشكال الدعاية الإنتخابية طيلة اليوم الإنتخابي.

إيلاف: في موازاة الإنتقال المتوقع لأكثر من مليونين ونصف المليون فرد أردني الى صناديق الإقتراع، فإن الصحف الأردنية الكبيرة، والمؤثرة قد خضعت بإلتزام تام لقانون الإنتخاب الأردني الموقت، الذي يحظر جميع أشكال الدعاية الإنتخابية للمرشحين الساعين الى عضوية مجلس النواب الأردني الجديد الذي ينتخب اليوم، بدءا من الساعات الأولى ليوم الإقتراع، وهو الأمر الذي أعاد نايف القاضي نائب رئيس الوزراء- وزير الداخلية الأردني، رئيس اللجنة العليا للإنتخابات، التأكيد عليه في ساعات المساء في تعميم رسمي وزع على الصحف.

ورغم أن القانون العام يتيح للصحف الأردنية، وسائر وسائل الإعلام العودة ثانية الى جميع أشكال الدعاية والإعلان، ونشرها بعد إنقضاء ساعات يوم الإقتراع غدا، وبدء عمليات الفرز، إلا أن صيام الصحف الأردنية التي تعتمد على الموارد الإعلامية كمصدر أساسي لعائداتها، لن يدم أكثر من 24 ساعة، إذ لوحظ بأن الصحف الأردنية الصادرة اليوم قد خلت من أي إعلانات تتعلق بالعملية الإنتخابية، في حين أفردت صفحات عدة لتغطية الحدث الإنتخابي، متضمنة أيضا العديد من المقالات، والتوضيحات والتحليلات والإنطباعات حول اليوم الديمقراطي الأردني، الذي يتقرر دستوريا مرة كل أربعة أعوام، إلا أن العقد الحالي قد شهدت خروجا عن هذا الأمر تطلبته وقائع إستثنائية، تعذر معها في العام 2001 إنتخاب برلمان جديد، فيما لم يكمل برلمان 2007 ولايته الدستورية.

وأفردت صحيفة (الرأي) الأردنية وهي الأقوى حضورا وإنتشارا في الأردن على المستوى الوطني، أكثر من 20 صفحة من عددها اليوم لتغطية وقائع الإنتخابات، وسط إنتشار كبير لفريق ضخم من محرريها في مختلف المدن الأردنية، لتغطية وقائع العملية الإنتخابية التي تستمر لأكثر من 12 ساعة تبقى خلالها صناديق الإقتراع مفتوحة، فيما تبدأ لاحقا عمليات الفرز وصولا الى إعلان النتائج للمقاعد المائة وعشرين مقعدا، في حين تبقى النتائج أولية الى أن يعلنها الوزير القاضي الذي يظهر حتى الآن تميزا وإنضباطا في إدارة الملف الإنتخابي منذ أن تقرر أردنيا إجراء هذه الإنتخابات.

والى جانب صحيفة (الرأي) فإن صحف (الدستور) و (العرب اليوم) و (الغد) و (الأنباط) و (الديار) و (الجوردان تايمز) قد أفردت هي الأخرى مساحات مماثلة لتغطية العملية الإنتخابية التي تستقطب إهتماما تنامى بقوة خلال الأيام الأخيرة التي سبقت الإقتراع اليوم، وسط توقعات بأن تتعدى نسبة التصويت على المستوى الوطني حاجز ال60% الذي بقيت حوله النسخ السابقة من عمليات الإقتراع لإنتخاب البرلمان، رغم مقاطعة قوى سياسية وإسلامية أردنية للإنتخابات، مع تحريضها الواسع على المقاطعة، خلافا لتحذيرات حكومية في هذا الصدد.

وتبقى الصحف اليومية الورقية متوجسة من نتائج المنافسة غير المضمونة بينها وبين المواقع الإخبارية الأردنية التي دخلت بكثافة في العملية الإنتخابية، ولوحظ نجاح فكرة الإعلان الإلكتروني للمرشحين الذي ظهر بكثافة على الصفحات الأول للمواقع الإخبارية الأردنية التي أعلنت أن تغطيتها للإنتخابات الأردنية ستظل متواصلة الى حين إعلان النتائج الرسمية، في حين أعلن موقع (عمون) الإلكتروني الذي جنى حصة الأسد من الإعلانات الإلكترونية، أنه سيواكب تغطيته للعملية الإنتخابية بالنقل التلفزيوني المباشر للوقائع المهمة في اليوم الإنتخابي، وهو أمر يفوق قدرة الصحف الورقية التي قد تكتفي بالإيرادات الإعلانية من اليوم الإنتخابي، فيما السبق الإخباري، والتفوق سيكون من نصيب المواقع الإخبارية، علما بأن عمون وهو أول موقع إخباري أردني يغرس رايته في الشبكة العنكبوتية عام 2006، قد خضع هو الآخر لقانون حظر الدعاية الإنتخابية.

وهذه أول إنتخابات تتنافس فيها الصحف الورقية والإلكترونية في الأردن بصورة فعلية، ففي آخر نسخة من الإنتخابات البرلمانية عام 2007، فلم يكن عدد المواقع الإخبارية الأردنية يتجاوز أصابع اليد الواحدة، فيما يبلغ عددها الآن زهاء 150 موقعا إخباريا أغلبها بلا أي تأثير، فيما لا يزيد عدد المواقع المؤثرة عن 20 موقعا إخباريا، منها (سرايا) الذي ينافس على الصدارة أردنيا، و (خبرني) و (المدينة نيوز) و (السوسنة) و (جفرا) و (المحرر) و (كل الأردن) و (أبو شريك) و (زاد الأردن) و (جراسا).
يشار الى أن الصحف الأردنية الورقية التي أبلغت موظفيها بأن دوامهم سيبقى مفتوحا اليوم وحتى ظهر يوم غد، الموعد المحدد لإعلان النتائج الرسمية، تتحضر لإصدار طبعات ثانية ظهر يوم الأربعاء، لمواكبة إعلان النتائج، وقنص أكبر كمية ممكنة من الإعلانات الخاصة بالتهنئة للمرشحين الذين ظفروا بمقاعد في البرلمان الجديد، وهي عادة أردنية لم تنجح معها في مناسبات سابقة مناشدات واسعة لشخصيات أردنية على رأسها العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني، بعدم نشر إعلانات تهنئة، والتصرف بأثمانها المرتفعة جدا الى دور الأيتام، وتحفيظ القرآن الكريم، ومساعدة الجمعيات الإنسانية والإجتماعية، وهي مؤسسات تتيح بإستمرار أرقام حساباتها في المصارف الأردنية، بيد أن إعلانات التهنئة في الأردن تعتبر تقليدا إجتماعيا، ونوعا من الوجاهة، والتودد لعلية القوم.