احتفت كوادر وكالة الاستخبارات المركزية بـ quot;ليون إي بانيتاquot; منذ اليوم الاول لتعيينه مديراً للوكالة، ولاسيما ان الرجل دافع بشراسة عن حقوق العاملين معه، تزامناً مع عمله الباسل في مكافحة الارهاب والتطرف، الامر الذي رفع من معنويات دوائر المؤسسة الاستخباراتية الاولى في واشنطن.


واشنطن: بزغ نجم ليون إي بانيتا بعد مرور ما يقرب من عامين على ادارته وكالة الاستخبارات المركزية في واشنطن، وربما رفع اسهمه الى حد كبير بين العاملين في المؤسسة، حمايته غير المحدودة للعاملين تحت امرته، فضلاً عن دوره البارز تحت لواء ادارة اميركية تنبذ كلمات مثل quot;الحربquot; وquot;الإرهابيين الإسلاميينquot;.

وبانيتا البالغ من العمر الثانية والسبعين من العمر، والمولع بقراءة الكتب، ليبرالي من كاليفورنيا الشمالية، ومنذ وصوله إلى مقر الـ quot;سي آي أيهquot; باعتباره رجلا من الحزب الديمقراطي ومواليا للرئيس أوباما، ظل موقفه غامضاً حيال قضية الحرب على الإرهاب.

وعلى الرغم من اخلاصه للرئيس اوباما، الا انه لم يتلاش احياناً الصدام علنا مع قياديين ديمقراطيين بارزين، تعضيداً لموقف 25 ألف موظف ومحلل يعملون تحت سلطته. وفي جبهة مواجهة الإرهاب دفع باتجاه مشاركة أكبر لوكالة الاستخبارات المركزية في باكستان واليمن حيث تتمتع quot;القاعدةquot; بنفوذ، في حين لم يتجنب ترديد جملة: quot;نحن أمة في حالة حربquot;.

كان لهذه المعطيات بالغ الاثر في جعله شخصا محبوبا من أفرع الـ quot;سي آي أيهquot; في شتى بقاع العالم، كما لاحظ المراقبون.

مساندة المنظمة

ونقلا عن صحيفة quot;واشنطن تايمزquot;، قال بيتر هويكسترا النائب الجمهوري عن مشيغان، والعضو الأكبر عن حزبه في اللجنة المعنية بملف الاستخبارات في مجلس النواب أن بانيتا: quot;يتمتع بمساندة المنظمة في الميدانquot;. وأضاف: quot;أظن أنه قام بعمل جيد في بناء علاقات داخل الكونغرس. وأظن أن الـ quot;سي آي أيهquot; تقوم بعمل جيد في ميادين الحرب. حين خرجت إلى تلك المراكز الميدانية شاهدت ما كانوا يقومون به لجمع المعلومات الاستخباراتية التي نحتاج إليها لإبقاء أميركا آمنة. إنهم شديدو الحزم ويخاطرون بحياتهمquot;.

وحسب رأي الصحيفة الأميركية فإن مستوى الثقة بإدارة أوباما لم يكن عاليا في السنة الأولى. وكان أول ما فعله وزير العدل الأميركي اريك أتش هولدر جينيور هو إجراء تحقيق جنائي ثان مع موظفين من الـ quot;سي آي أيهquot; كانوا قد ساهموا في إجراء تحقيق مشدد مع المشتبه فيهم بانتمائهم إلى القاعدة. ومن جانبه عارض بانيتا القرار ونقل شكواه مباشرة إلى البيت الأبيض. وكان المدعون العامون في إدارة جورج بوش قد سمحوا باتباع تقنيات الـ quot;سي آي أيهquot; عند إجراء التحقيق مع المشتبه فيهم.

وكانت الديمقراطية نانسي بيلوسي الناطقة باسم مجلس النواب قد اتهمت الـ quot;سي آي أيهquot; بالكذب حينما قالت إنها أبلغت بشكل غير علني عن طرق التحقيق.

وهذا ما دفع زميلها السابق في مجلس النواب بانيتا أن يتخذ خطوة استثنائية بإصدار تصريح علني، ينتقد فيه الناطقة باسم مجلس النواب. إذ قال: quot;دعيني أكون واضحا: إنها ليست سياستنا أو ممارستنا التي ضللت الكونغرس، إن ذلك ضد قوانيننا وقيمنا. فالوكالة أشارت في السابق في ردودها على تحقيقات أجراها الكونغرس الى ان تقاريرنا الصادرة بعد 2002 تشير إلى أن موظفي الـ quot;سي آي أيهquot; أخبروا بشكل صادق عما كان يجري خلال التحقيق مع (إرهابي القاعدة) أبو زبيدة، واصفين التقنيات المضافة التي استخدمت خلال التحقيقquot;.

حرب سرية

وأوضح تقريرصدر مؤخرا أن أكثر من 1000 من أعضاء القاعدة ومنظمات أخرى قد قتلوا أو اعتقلوا في باكستان، التي تقول التقارير إن أسامة بن لادن مختف فيها. وتشن الـ quot;سي آي أيهquot; حربا سرية في المناطق القبلية تستخدم فيها ضباطها على الأرض وهجمات صواريخ تطلقها طائرات من دون طيار من نوع بريدايتور.

من جانبه ظل مدير الوكالة بانيتا يبعث بمذكرات للمقر والمراكز الأخرى بمعدل واحدة كل أسبوع، لإبقاء العاملين على علم بالمستجدات حول ما يفعله. كما سافر ايضا أكثر من 150 ألف ميل لزيارة 40 مركزا خاصا بوكالة الاستخبارات المركزية منتشرة في 30 بلدا.

وضمن هذا السياق قال كريستوفر أس بوند السيناتور الجمهوري عن ولاية ميسوري ونائب رئيس اللجنة المختلطة في مجلس الشيوخ والمعنية بقضايا الاستخبارات: quot;إن الـ quot;سي آي أيهquot; أصبحت جيب ملاكمة لليسار المتطرفquot;. وأضاف مثنيا على مدير وكالة الاستخبارات المركزية إن: quot;بانيتا ظل طوال فترة عمله قياديا ذا مصداقية، ومعضداً لمكانة الـ سي آي أيه، وليس هناك سوى المحترفين فيها، ولا أرضية هناك لأي من المزاعم ضدهمquot;.

أما النائب الجمهوري بيتر هويكسترا عن ولاية مشيغان والعضو في لجنة مجلس النواب المعنية بالاستخبارات فقال عن بانيتا إنه يتمتع بدعم المنظمة في الميدان. وقال عنه إنه يبني علاقات جيدة مع الكونغرس. وأن وكالة الاستخبارات المركزية تقوم بعمل جيد في ميادين الحرب.

وأضاف هويكسترا لمراسل صحيفة واشنطن تايمز: quot;هذا الرئيس يسمح لأوساط الاستخبارات أن تقوم بعملها بطرق لا يظن الكثير من الناس أنه سيسمح له بها. وهذا كله وفق اعتقادي بفضل بانيتاquot;.

وكانت هجمات 11 ايلول/سبتمبر 2001 وما ترتب عليها من شن الحرب على الإرهاب، فقد دفعت الـ quot;سي آي أيهquot; كي تقوم بسلسلة سرية من المهمات غير المسبوقة ورافق ذلك تدقيق سياسي شديد لها.

تضاؤل النشاط

وأظهر التحقيق العلني أن الوكالة ضيعت فرصا عديدة لتشخيص الإرهابيين، الذين شاركوا في هجمات 11 ايلول/سبتمبر قبل أن يقوموا بها. كذلك فهم سلطوا الضوء على تضاؤل نشاط الـ quot;سي آي أيهquot; خلال حكم الرئيس الأسبق بيل كلينتون، ما جعل مديرها السابق جورج تينيت يعلن عن إفلاس الوكالة. وكانت الـ quot;سي آي أيهquot; قد قالت إن العراق مستمر في امتلاك أسلحة الدمار الشامل عام 2003، لكن لم يتم العثور على أي أسلحة بعد غزو الولايات المتحدة للعراق.

من جانب آخر، قال الجمهوريون إن الرئيس السابق جورج دبليو بوش، الذي ضاعف ميزانية الـ quot;سي آي أيهquot; إلى أكثر من 50 مليار دولار سنويا، قد وقع في خطأ حين أبقى تينيت الذي اختاره الديمقراطيون مديرا للوكالة. لذلك لم يكن لدى الرئيس بوش أي شخص موال له يسمح بمنع وقوع تسرب معلومات ليست لصالحه. بينما عين أوباما سياسيا ديمقراطيا في منصب مدير وكالة الاستخبارات المركزية وهذا ما ضمن له تسربا ضئيلا من المعلومات المعادية لأوباما.

وقال بارت بيكتل أحد المسؤولين الميدانيين السابقين في الـ quot;سي آي أيهquot;: quot;يحمل بانيتا على عاتقه محاولة حماية موظفيه، وهو يقف بوجه أشخاص مثل بيلوس. أظن بشكل عام أن موقفه سليم. وأرى أنه يفهم أهمية الوكالة في حين لا يفهم بقية أعضاء الإدارة الأميركية ذلكquot;.

كانت أكبر غلطة وقعت في ظل إدارة بانيتا وكانت واحدة من أسوأ الأخطاء في تاريخ الـ quot;سي آي أيهquot;هي تلك التي حدثت في كانون الاول/ديسمبر الماضي، حين سمح أفراد من الوكالة لمخبر أردني بالدخول إلى خوست في افغانستان. وهناك لم يجر تفتيشه واتضح أنه عميل مزدوج للقاعدة إذ قام بتفجير نفسه بقنبلة كانت مخفية تحت ملابسه، ما تسبب في مقتل 7 عاملين في الوكالة. وكانت تلك أكبر خسارة بشرية مرت بها الوكالة منذ انفجار بيروت عام 1983.

من جانبه، قال جورج ليتل مدير مكتب بانيتا لمراسل صحيفة الواشنطن تايمز إن: quot;الوكالة قامت بمراجعة دقيقة لهجوم خوست ووجدت أن المسؤولية يمكن أن تقع على أي مجموعة أو فرد. فهذا خلل قائم في كل مكونات وكالة الاستخبارات المركزية. هنا طريقة متبعة في واشنطن وهي السعي للعثور على شخص يمكن إلقاء المسؤولية عليهquot;.