شهدت مكاتب التسجيل في جنوب السودان إقبالاً شديدًا استعدادًا للمشاركة في الاستفتاء التاريخي.


ريوبكي: شهدت مكاتب التسجيل في جنوب السودان إقبالاً شديدًا استعدادًا للمشاركة في الاستفتاء التاريخي مطلع كانون الثاني/يناير، الذي يمكن أن يؤدي إلى انفصال الجنوب عن الشمال وولادة دولة جديدة عاصمتها جوبا.

وقالت ميري سوربو التي تنتظر مولودًا، وتحمل ابنها بين يديها، وتنتظر دورها للتسجيل في مركز مبني من الصفيح لاستقبال سكان قرية ريوبكي، quot;إنها اللحظة التاريخية، التي ستتيح لنا تقرير مستقبلنا، ونحن نعلم أنها عملية مهمة لأنها إذا تمت بالشكل المناسب، فسيعترف العالم أجمع بنتائج الاستفتاءquot;.

وشوهد العديد من سكان القرى المعزولة وسط الأدغال على مقربة من الحدود مع جمهورية الكونغو الديموقراطية وهم يرفعون أصابعهم فرحين، وقد ظهر الحبر عليها، كدليل على استكمال تسجيلهم للمشاركة في الاستفتاء في التاسع من كانون الثاني/يناير المقبل.

وعلى طول الطريق الترابي الموصل إلى الكونغو الديموقراطية أقيمت مراكز تسجيل صغيرة شهدت إقبالاً كبيرًا من سكان الجنوب. وبعض هذه المراكز كان عبارة عن خيمة، وبعضها الآخر أقيم في المدارس، حتى إن مراكز تسجيل فتحت في العراء تحت أشجار المانغو.

وقال نودلو ندرومو مسؤول التسجيل في محلية ياي، التي تقع فيها قرية ريوبكي quot;الناس حريصون على المشاركة، والعملية تمضي بسلام، ونحن سعداء بالطريقة التي تسير بهاquot;. وشوهد عدد من المراقبين في بعض هذه المراكز، كما إن كبار السن كانوا يتحققون من هويات الذين يريدون التسجيل.

وذكر ديفيد تومبي الذي كان يرتدي سترة صفراء خاصة بموظفي الاستفتاء quot;أنا هنا للتأكد من أن الذين يتقدمون لتسجيل أسمائهم يحق لهم ذلكquot;.

وأضاف quot;في بعض الأحيان يتقدم بعض الفتية المتحمسين ممن لم يبلغوا الـ18 من العمر من هذه المراكز بهدف التسجيل، كما يتبين أن بعضهم ليسوا جنوبيين فعليين. لذلك نقوم نحن بالمساعدة في التحقق من ذلك بسؤالهم عن عائلاتهم ومن أي منطقة يتحدرونquot;.

وقال مسؤول عن الاستفتاء quot;التسجيل في الجنوب مثير للإعجاب خصوصًا في المناطق الحضريةquot;. وأوضح المتحدث باسم مفوضية الاستفتاء التي تدير عملية التصويت في الجنوب اليو قرنق اليو أن quot;هناك إقبالاً جيد جدًا، والعملية تسير بهدوء، ولم ترد أي تقارير عن حوادث عنفquot;.

وأضاف quot;نقوم بشكل منتظم بجمع أعداد الذين تسجلوا، ووفق العينات التي تلقيناها فإننا نقدر عدد الذين سجلوا أسماءهم في الولايات الجنوبية العشر بنحو 1.3 مليون شخصquot;.

وأطلق رئيس حكومة الجنوب سالفا كير عملية التسجيل في الخامس عشر من تشرين الثاني/نوفمبر من مركز تسجيل في جوبا عاصمة الإقليم قرب مقبرة الزعيم التاريخي جون قرنق الذي قاد جنوب السودان إلى اتفاقية السلام 2005 التي أنهت 22 عامًا من الحرب الأهلية مع الشمال.

وفي الولاية الإستوائية الوسطى كان الإقبال شديدًا على التسجيل في المدن وفي المناطق الريفية المعزولة على السواء. وقال نودرمو quot;بعض المراكز استهلكت كل دفاتر التسجيل التي سلمت لأن الإقبال كان كبيرًا، وفور علمنا بذلك أرسلنا مزيدًا من الدفاتر لكي لا يكون التوقف طويلاًquot;. ومع اقتراب موعد الاستفتاء دعت شخصيات دينية إلى الهدوء.

وقال أسقف ياي الكاثوليكي يركولانو لودو تومبي خلال قداس أقيم في الهواء الطلق أمام عدد كبير من الأشخاص quot;أيًا كانت النتيجة سواء أسفرت عن انفصال أو عن وحدة، فإن السودان لن يكون بأي حال كما كان في السابق لأن الشعب اختبر الديموقراطية والحريةquot;.

وأضاف الأسقف الكاثوليكي إن quot;التلاعب بالاستفتاء أمر غير اخلاقي، وفي حال ثبت ذلك فسيؤدي بالتأكيد إلى زعزعة الاستقرار وربما إلى العنفquot;.

من جهة أخرى، أكد مسؤول سوداني رسمي أن إقبال الجنوبيين الذين يقيمون في الشمال على مراكز التسجيل الـ165 هناك كان ضعيفًا. وأعلن الأحد عن اتفاق بين حكومة ولاية الخرطوم ومفوضية الاستفتاء لتشكيل لجنة مشتركة لحض الجنوبيين في الشمال على الإقبال على التسجيل.

ويقدر عدد الجنوبيين الذين يحق لهم المشاركة في الاستفتاء بنحو خمسة ملايين في السودان وفي الشتات. وهناك 2794 مركز تسجيل داخل السودان، منها 2629 في الجنوب، وستبقى مفتوحة حتى الأول من كانون الأول/ديسمبر. وتبادل قادة الشمال والجنوب الاتهامات بترهيب الناخبين قبل الاستفتاء.


الاتحاد الأوروبي يأمل بأن يتصف الاستفتاءان بالصدقية
إلى ذلك، أمل الاتحاد الأوروبي الاثنين بأن يتصف الاستفتاءان المقرران في كانون الثاني/يناير في جنوب السودان ومنطقة أبيي بـquot;الصدقيةquot; وبأن يجريا في quot;مناخ سلميquot;.

وأورد بيان أصدره وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي الذين اجتمعوا في بروكسل quot;يكرر الاتحاد الاوروبي وجوب أن يتصف الاستفتاءان بالصدقية وأن يجريا في مناخ سلمي، وأن تعكس نتائجهما إرادة السكان ويحترمهما الجميعquot;.

وأكد الوزراء أن الاتحاد الأوروبي نشر في المنطقة بعثة للمراقبة الانتخابية quot;لتأكيد دعمه لتطبيق اتفاق السلام الشامل وإرساء مناخ من الثقة بعملية الاستفتاءquot;، علمًا أن هذه العملية تشمل أيضًا مرحلة تسجيل الأسماء على القوائم الانتخابية.

ودعا الوزراء الأوروبيون كل الأطراف إلى quot;الامتناع عن أي عمل أحادي الجانبquot; قبل الاستفتاء وخلاله وبعده. وذكروا أيضًا أن quot;السلام في السودان لن يكون كاملاً من دون تسوية دائمة للوضع في دارفورquot;.

ويشهد جنوب السودان ومنطقة أبيي الغنية بالنفط في التاسع من كانون الثاني/يناير استفتاءين قد يؤديان إلى تقسيم السودان، أكبر بلد في أفريقيا. وهذان الاستفتاءان يشكلان بندًا رئيسًا في اتفاق السلام الشامل، الذي وقع العام 2005، ووضع حدًا لحرب أهلية بين شمال السودان المسلم وجنوبه المسيحي استمرت عقدين.