كلمة رئيس مؤسسة الفكر العربي الامير خالد الفيصل
باسم كافة أعضاء مؤسسة الفكر العربي ومنسوبيها أبادر بتقديم الشكر إلى لبنان العروبة، على احتضانه هذه المؤسسة منذ قيامها، وتقديمه كل العون لفعالياتها، وبخاصة تلك التي انتظمت على أرضه، طوال سنواتها العشر.
وقد صممت المؤسسة على عقد مؤتمرها السنوي اليوم في دولة المقر لبنان ، تضامناً مع هذا البلد العزيز على قلوب العرب جميعاً، وحرصاً على تخطيه الظرف الراهن، وتكريس وحدته الوطنية، بانخراط كافة أطيافه تحت لواء شجرة الأَرز.
كما يسعدني أن أرحب بضيوف المؤتمر الأفاضل، مقدراً حرصهم على التواصل مع المؤسسة، وبذلهم خلاصة تجاربهم الثرية لمؤتمرها، وأحيي الحضور الكريم، من المفكرين والمسؤولين، المهمومين بقيام الشراكة العربية، في حركة العالم التقدمية.
الحفل الكريم..
يتبنى هذا المؤتمر في دورته (التاسعة) موضوعاً بالغ الأهمية، عن الدور الحيوي الواجب والمستحق لأمتنا العربية، في خطط العالم نحو المستقبل، على مرجعية دورها السابق في مسيرة الحضارة الإنسانية، وثراء حاضرها بالفرص والإمكانات، التي تؤهلها مجدداً لدور فاعل في صناعة هذه الحضارة، باعتبار أن الحضارة الإنسانية واحدة، تتناوب الأمم أدوار التأثر والتأثير في صناعتها، والتعاطي مع مخرجاتها إرسالاً واستقبالاً فيما بينها.
ونظراً لتعاظم هذا التناوب وتسارعه، بفعل الثورة الهائلة في تقنيات الاتصالات والمواصلات، فقد حرص المؤتمر على أن يجمع في ساحته بين أصحاب المبادرات، وصانعي القرار، والأكاديميين، والمثقفين، في المحيطين العربي والعالمي.
والمأمول من مؤتمركم الموقر أن يتوصل إلى اكتشاف الأساليب الحديثة والفاعلة، التي تحفز الوعي بدور العرب الحضاري، وتطلق قدراتهم الآنية لصناعة المستقبل، بالبناء على الإرهاصات النهضوية، التي تلوح الآن بالأفق العربي في أكثر من مكان.
وهذه الإرهاصات تدركها العين المنصفة في الكثير من مبادرات الأعمال، وتحديث الأفكار والتقنيات والوسائط، التي تأخذ دورها في صنع الحضارة، بالإبداع، والتلاحم الاجتماعي، وروح المبادرة، واستمرار التعليم القائم على أسباب العصر وآلياته.
وهكذا يحدونا الأمل في إحياء تشكيل يجمع بين هذه المقدرات التنموية، في كل الوطن العربي، نجابه به تحديات الضعف والشتات ، ونعزز من خلاله توظيف هذه المقدرات، في خدمة مشروع أمتنا الحضاري.
السيدات والسادة..
ومؤسسة الفكر العربي إذ تواكب الاهتمام العربي والإسلامي، بالحوار بين الثقافات والأديان، الذي تبناه وأطلق شعلته خــادم الحـــرمين الشريفيــن، الملـك عبد الله بن عبد العزيز، تؤمن بحكمة الانفتاح على ثقافات العالم، وتسعى لتعزيز الحوار الموضوعي معها، والبناء على المشتركات وما أكثرها، وإقامة الشراكات التي تحقق النفع للجميع.
ولا شك أننا نسعى بذلك إلى أن تسود ثقافة العمل من أجــل أن يســود السلام -القائم على العدل والتكافؤ والتعاون- في ربوع المعمورة، بديلا ًعن الصراع والتناحر، الذي يهدر الطاقات الإنسانية، ويهدد السلم العالمي.
الحفل الكريم..
وفي هذا العام.. حيث تحتفل مؤسسة الفكر العربي بمرور عشر سنوات على قيامها، كان لها حضور في أكثر من مناسبة، وكانت بيروت أكثر المواقع احتضاناً لمناسباتها.
ففي مطلع العام، جاءت جامعة الدول العربية أولى المحطات، للمشاركة في الاجتماع التمهيدي للقمة العربية الثقافية، التي طرحت فكرتها المؤسسة أواخر العام الماضي من بيروت،التي استضافت المؤتمر التحضيري لها، الذي نظمته المؤسسة تحت مظلة الجامعة العربية، منتصف العام الحالي.
وفي سبيلها لإنقاذ اللغة العربية من حالة الكساد والانكسار التي تعانيها، شهدت شوارع هذه العاصمة وساحاتها، تظاهرة كبرى ومهرجاناً حافلاً لهذا الغرض.
وفي إطار اهتمامِها بتطوير التعليمِ العربي، حيث نَظّمتْ له خمسةَ ملتقياتٍ سنوية، ومشروعاً تطبيقياً للتعليم الرقمي؛ وقبل أيام وقَّعتْ المؤسسةُ، مذكّرة تفاهم لمشروع شبكة التطوير التربوي العربي مع مكتب اليونسكو الإقليمي، لمدّة ثلاث سنوات قابلة للتجديد، كما سيتمّ اليوم ndash; إن شاءالله - التوقيع على عقدَ المرحلةِ الثانيةْ من مشروع التطوير، المستندِ إلى المدرسة في البلاد العربية quot; تمام 2quot;، مع الجامعة الأمريكيةِ في بيروت، بعد نجاح المشروعِ في مرحلته الأولى.
كما دفعت المؤسسة في الوقت ذاته بتقريرها السنوي الثالث، عن واقع التنمية الثقافية في الوطن العربي، الذي حظيت إصداراته باهتمام كبير على الساحة العربية.
السيدات .. والسادة
وكان لابد للاحتفالية من وقفة تأمل بين عقدين من الزمن، فاحتضنت بيروت ورشة عمل لهذا الغرض، شاركت فيها نخبة من المفكرين العرب، من داخل المؤسسة وخارجها، لتقييم أعمال المؤسسة خلال عقدها المنصرم، والتخطيط للعقد القادم بما يكفل تسريع حركتها، وتعظيم تأثيرها في خدمة أهدافها المتعلقة بمشروع النهضة العربية.
وقد اتسمت أعمال الورشة بالمصارحة والشفافية والعلمية، وخلصت إلى إعادة هيكلة المؤسسة بما يواكب أغراض التطوير،ويضمن النجاح لبرامج التحديث التي اعتمدت.
وفي هذا السياق تم إنشاء مركز للأبحاث والدراسات تابع للمؤسسة، يتولى طرح القضايا الهامة المستجدة لأمتنا العربية، ويقدم الرؤى الكفيلة بمعالجتها. كما تم إطلاق مرصد لحوار الثقافات، يستعد الآن لإصدار تقريره الأول، عن حالة هذا الحوار في العالم، من أجل الإسهام في تبديد الهواجس بين الأمم.
أسأل الله ndash; جل وعلا ndash; أن يسهم مؤتمركم الموقر في تحقيق هذا التوجه الإنساني النبيل،وأتوجه بالشكر إلى كل الرعاة، والقائمين على المؤتمر، والمساهمين في تنظيمه.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
التعليقات