دمشق: انتقد لاجئون عراقيون في سوريا بشدة اداء المفوضية العليا للاجئين وبرنامج الاغذية العالمي التابعين للامم المتحدة، مؤكدين ان اوضاعهم تتراجع بسبب رداءة المساعدات المقدمة لهم وتاخير تطبيق اعادة التوطين الممنوح لهم بالمقارنة مع نظرائهم في الدول المجاورة.
وفي احد مراكز توزيع المساعدات في دوما (15 كلم شمال شرق دمشق)، عبر مئات العراقيين الذين جاؤوا لتسلم المساعدات، عن احتجاجهم على اداء المفوضية وعلى نوعية وكمية الغذاء المقدم من برنامج الاغذية العالمي.

ويروي اوشانا خمو (49 عاما) الذي دخل سوريا في 2004 لوكالة فرانس برس quot;اتصلوا بي في 2009 من اجل المباشرة باجراءات اعادة التوطين واخبروني بانني ساذهب الى المانيا. تم استدعائي عدة مرات بعد ذلك الى مقر المفوضية في كفرسوسة من اجل متابعة الملف حيث اساء العاملون معاملتي واجلوا اكثر من مرة منحي التوطين مبدين اسبابا مختلفة في كل مرةquot;.
واضاف ان هذا الامر quot;ينطبق على الكثيرينquot;، متهما موظفي المفوضية بانهم quot;يتقاضون رواتبا دون ان يحلوا مشاكل العراقيينquot; الذين quot;يتعرضون للمذلةquot; على حد تعبيره.

وتابع اوشانا ان quot;اغلب العراقيين مرضى ولا يتحملون عناء الانتظار والمجيء الى هناquot;.
اما شاميران يوسف اغا خان (43 عاما) التي جاءت الى سوريا في 2005، فقالت quot;اختاروا توطيني في الولايات المتحدة منذ عام ونصف العام الا انهم عدلوا عن ذلك لان شروط التوطين لا تنطبق لي، علما بان اخي ذهب عن طريق لبنان بعدي وحصل على الهجرةquot;.

واكد محمد يوسف (45 عاما) الذي سجل اسمه لاعادة التوطين منذ 2006 quot;هناك من غادر العراق بعدي (...) وحصل الان على اعادة التوطين وسافر الى اميركا. لكن اغلبنا في سوريا لم تتم دراسة ملفاته والخدمة هنا مختلفة عنهم جذرياquot;.
وبعد ان رأى انه quot;ليس هناك عراقي يرغب بالعودة الى العراق في ظل هذه الظروف:، قال quot;لدي اصدقاء في مصر وتركيا والاردن ولبنان. الوضع لديهم مختلف والمشكلة ليست بالبلد بل في عمل المنظمةquot;.

من جهة اخرى، اكد خمو تردي نوعية المساعدات التي يتلقاها من برنامج الاغذية العالمي.
وقال ان quot;المساعدات التي كانت تصلنا كانت جيدة ومتنوعة لكنها اليوم (...) رديئة وهي تاتي بعبوات غير مختومةquot;.

واضاف ان هذه المساعدات quot;لا تقدم على هذا الشكل الا هنا في سورياquot;، موضحا انه quot;حتى الطيور لا تأكل البرغل المقدمquot;.
وتؤكد هدى وهي في العشرينات من عمرها ان quot;هناك سلعا لا تستخدمها كالبقول لذلك نضطر لتوزيعها بينما لا يتم توزيع المنتجات الضرورية كالمعلبات واللحوم والالبانquot;.

واقترحت حساب كلفة السلة الغذائية واعطاء بدل نقدي بدلا عنها quot;مما يمكننا من شراء السلع التي نريدها لان المنتجات الموزعة لا تتناسب واحتياجاتناquot;.
وصرح محمد يوسف quot;في السابق كان يتم توزيع مواد مفيدة كالسمك والجبن لكن منذ عام ونصف تدهور وضع المساعداتquot; مشيرا الى ضرورة تحسين النوعية quot;ولو كان ذلك على حساب الكميةquot;.

ويدخل في النقاش احد العراقيين بدون ان يعرف عن نفسه، قائلا quot;من هم في الخارج وضعهم افضل من هناquot;.
واضاف quot;نحن عائلة من ستة اشخاص لا يمكننا العمل. المساعدات التي نلقاها لا تكفي لسد احتياجاتنا وبخاصة اننا على ابواب الشتاء ويلزمنا اغطية ووقود للتدفئةquot;.

وردا على هذه الاحتجاجات على نوعية المواد الغذائية، قالت سيلي موزمل المسؤولة الاعلامية لبرنامج الاغذية العالمي quot;قبل انتقاء نوعية المواد نقوم بسبر احتياجات العائلة الغذائية بحسب السعرات الحراريةquot;.
واضافت quot;نعرض المعونات على الحكومة السورية التي تعطي موافقتها بحسب المقاييس المحلية قبل توزيعهاquot;، موضحة ان quot;المساعدات تأتينا على شكل منح ولا نقوم بشرائها حيث تاتينا بكميات ضخمة مما يضطرنا الى فتحها واعادة تعبئتها في عبوات حسب احصص المخصصةquot;.

اما مسؤولة مشروع اللاجئين في الهلال الاحمر منى كردي، فقالت quot;نعلم انهم لا يحتاجون اغلب مواد التي يتم توزيعها مما يضطرهم لبيعها وشراء المواد التي يحتاجونها بثمنهاquot;.
وحول الرعاية الصحية يقول يوسف quot;صحيح ان هناك خدمات صحية لكن الازدحام شديد للحصول عليها ونضطر احيانا الى الانتظار ثلاثة ايام لزيارة طبيب الاسنان او العيونquot;.

وتعاني ثريا غازي (56 عاما) المصابة بسرطان الثدي الامرين. وقالت quot;اتقاضى راتبا وقدره سبعة الاف ليرة سورية (150دولار) ادفع منه 5 الاف للايجار والباقي لا يسد رمقي، اعتمد اعتمادا كليا على المساعداتquot;
وبين هؤلاء اللاجئين، ضابط سابق طلب عدم الكشف عن هويته، قال ان quot;وضعنا نحن الضباط سيء للغايةquot;.

واضاف quot;انني هنا منذ ست سنوات (...) والضباط غير مشمولين باعادة التوطين وليس بامكانه العودة الى العراقquot;، متسائلا quot;هل سنقضي حياتنا معتمدين على المساعدات؟quot;.
وتقدر سوريا عدد اللاجئين العراقيين على اراضيها بمليون وربع مليون شخص فيما يبلغ العدد المسجل لدى مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين حتى نهاية تشرين الاول /اكتوبر 139 الفا و586 شخصا.

وتقدم المساعدات بموجب quot;مذكرة تفاهم لمشروع الطوارئ الخاص بتقديم المساعدة للعراقيين الموجودين في سوريا بقيمة 32 مليون دولارquot; وقعتها الحكومة السورية في تموز/يوليو 2010 مع البرنامج.
وبحسب تحقيق اجراه المكتب المركزي للاحصاء في سوريا عن الاسر العراقية يشعر 52,1 بالمئة من العراقيين باليأس من اوضاعهم بينما يجهش 37,8 بالمئة بالبكاء بسهولة وينتاب 25,4 بالمئة منهم نوبات فزع او هلع مفاجئ فيما يراود التفكير بالانتحار 7,8 بالمئة منهم.