تعيش اللبنانيات المتزوجات من رجال يحملون جنسيات أجنبية معاناة يومية، والصدمة الأولى التي تقدّمها لهن دوائر الأحوال الشخصية، هي اعتبار أطفالهن quot;غرباءquot; لا يحق لهم التسجيل، كما الأطفال الآخرين، ويبقى إعطاء المرأة حقها بمنح جنسيتها لأطفالها، مرهونا بتعديل الفقرة الأولى من قانون الجنسية اللبناني.


طفلة أميركية ترفع لافتة كتبت عليها laquo;صنع في لبنانraquo; خلال تظاهرة للمطالبة بمنح الجنسية اللبنانية لأطفال النساء اللبنانيات المتزوجات من أجانب في بيروت

بيروت: تواجه أكثر من ثمانية عشر ألف امرأة لبنانية، وفقاquot; لآخر الإحصاءات التي توصلت إليها لجنة حقوق المرأة في لبنان حتى الآن، والمتزوجات من رجال ينتمون إلى جنسيات عربية وأجنبية، معاناة يومية تبدأ بالانتظار أمام مراكز الأمن العام للحصول على ورقة إقامة لأطفالهم الصغار، ولا تنتهي بحاجاتهم اليومية من الدخول إلى المستشفيات والمدارس والضمان الاجتماعي، أو أي مكان يحتاج إلى الهوية الشخصية، ناهيك عن التنقل بحرية على الحواجز الأمنية، دون الخوف من الترحيل، أو العيش بين أربعة جدران في quot;نظاراتquot; قوى الأمن الداخلي والأمن العام اللبناني ولاحقا السجن.

تبدأ الصدمة المؤلمة التي تتعرض لها تلك الأمهات، بالهدية الأولى التي تقدمها لهن دوائر الأحوال الشخصية، وهي اعتبار أطفالهن quot;غرباءquot; لا يحق لهم التسجيل، كما الأطفال الآخرين، لتبدأ رحلة المعاناة التي لا تنتهي، من أجل الحصول على مستندات الإقامة الموقتة لأطفالهن، وبكل ما يترتب عليه من إجراءات إدارية، وأعباء مالية لا طاقة للأغلبية الساحقة منهن على تحملها.

وتبدو قمة المأساة الإنسانية التي تتعرض لها المرأة اللبنانية المتزوجة من عربي أو أجنبي، بوفاة الزوج أو الطلاق وبقاء الأطفال في كنف الوالدة، وبلوغهم مرحلة الشباب، حيث يصبح لزاما على الوالدة، الحصول على عقد عمل، حتى ولو كان وهميا، لإتمام أوراق ابنها من أجل ضمان بقائه في لبنان، وهو ما يكون سببا لابتزازهن بوسائل مختلفة.

ويتحول شيئا فشيئا، قرار زواج المرأة اللبنانية من أجنبي، إلى إحساس دائم بالذنب، بعد أن يصل إلى حد التميز بحق أبنائهن الذين تلاحقهم تهمة quot;الأجنبيquot; طوال حياتهم، على الرغم من أنهم ولدوا وعاشوا ولعبوا في شوارع وأزقة المدن والبلدات اللبنانية، وأصبحوا رجالا يحلمون بتحولهم إلى مواطنين لهم كل الحق بالمواطنة الكاملة في وطنهم الأم.

دفع العدد الكبير والمتزايد للنساء المتزوجات من أجانب في لبنان، الكثير من هيئات المجتمع المدني إلى تشكيل quot;اللقاء الوطني للقضاء على التمييز ضد المرأة quot; وتنفيذ سلسلة طويلة من الإعتصامات والندوات وتعبئة الاستمارات وإصدار الملصقات الداعية إلى إعطاء هؤلاء النسوة الحد الأدنى من حقوقهن التي ضمنها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، واتفاقية مناهضة التمييز ضد المرأة (السيداو) ومقدمة الدستور اللبناني، ومبدأ حق المواطنة الكاملة، واستطاع اللقاء من خلال أشكال تحركه المختلفة والمتواصلة منذ العام 2005 وهو تاريخ تأسيس اللقاء، الحصول على حكم نطق به القاضي جون قزي بحق اللبنانية سميرة سويدان، وقضى بإعطائها جنسيتها إلى أولادها المصريين، لكن الدولة اللبنانية استأنفت القرار، ونقضته استنادا إلى قانون الجنسية في لبنان الذي يمنع المرأة من إعطاء جنسيتها لأطفالها غير اللبنانيين.

ويقتصر تجاوب المسؤوليناللبنانيين مع quot;اللقاء الوطني للقضاء على التميز ضد المرأةquot; على الكلام خلف الكواليس، كما تقول ﻟ quot;إيلافquot; رئيسة اللقاء ليندا مطر خلال الاجتماعات التي تجمع الناشطين فيه مع الرؤساء والوزراء والنواب المعنيين بتعديل القانون اللبناني الذي يمنع المرأة من منح جنسيتها لأبنائها من أجنبي، ولجوئهم في العلن إلى المبررات الديمغرافية التي تميل لمصلحة طوائف على أخرى، والخطر بتوطين قسم كبير من اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، وتبقى الإرادة واحدة لديهم باستمرار حرمان المرأة اللبنانية من حقها بمنح جنسيتها لأبنائها من زوج غير لبناني.

وتوضح مطر ان إعطاء المرأة حقها بمنح جنسيتها لأطفالها، يبقى مرهونا بتعديل الفقرة الأولى من قانون الجنسية اللبناني التي تنص على انه quot;يعد لبنانيا كل شخص مولود من أب لبنانيquot; كي تصبح quot;يعد لبنانيا كل شخص مولود من أب لبناني أو من أم لبنانيةquot; ورفع التحفظ عن الفقرة الثانية من المادة التاسعة من اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة التي تنص على أن quot; تمنح الدول الأطراف في الاتفاقية المرأة حقا مساويا للرجل في ما يتعلق بجنسية أطفالهاquot; وتؤكد مطر ان اللقاء ماض في تحركه الهادف إلى وضع حد نهائي للتميز الذي تعانيه المرأة في لبنان.