الحديث الى المناضلة الفلسطينية ربيحة ذياب الاسيرة السابقة والقائدة الميدانية للانتفاضة الاولى في الضفة اكثر من رائع فقد جمعت في شخصها و تجربتها النضالية ضدالوجود الإسرائيليما تفخر به كل امرأة فلسطينية رضعت ملحمة فلسطين بكل محطاتها وأرضعتها لأبنائها وأحفادها جيلا بعد جيل ...

حاورتها اسيا العتروس: ربيحة ذياب وزيرة المرأة الفلسطينية تعترف بأن سيادة السلطة الفلسطينية لم تكتمل بعد ولكنها تصر على ان الدولة الفلسطينية قادمة دون شك ... واوضحت ربيحة ذياب في حديثها لإيلاف اكثر من نقطة حول المشهد الفلسطيني الراهن بكل متناقضاته الساخرة و بكل تحدياته .

وقد وصفت المناضلة الفلسطينية ربيحة ذياب جريمة مقتل ثلاثة من شباب فتح برصاص اسرائيلي في مدينة نابلس تحت انظار عائلاتهم قبل ثلاثة اسابيع بانه كان محاولة مدروسة من الجانب الفلسطيني لقطع حالة الهدوء الحاصل وجر الفلسطينيين الى انتفاضة ثالثة .

واستنكرت عضو المجلس التشريعي ووزيرة المرأةفي السلطة الفلسطينية ادعاءات بعض الاطراف بشأن تورط قوات امن فلسطينية في تلك الحادثة و قالت لو كانت قواتنا اطلقت رصاصة واحدة لكانت الدبابات الإسرائيلية امطرت شعبنا بالقذائف.

وكشفت ربيحة ذياب في حديث ان الممارسات الإسرائيلية تغرق شباب القدس في المخدرات، كما شمل الحديث العديد من القضايا المصيرية المتعلقة بالمشهد الفلسطيني و بدور العملاء والجواسيس وسرقة الاعضاء وغيرها و في ما يلي نص الحديث .

هل من توضيح بشأن احداث نابلس المروعة و كيف يمكن للقوات الاسرائيلية أن تصفي ثلاثة من كوادر فتح في وضح النهار و تحت انظار اهاليهم ولماذا لم تتحرك قوات الامن الفلسطيني لمنع الجريمة ؟

اولا، وللتوضيح فان الجريمة استهدفت شبابا من فتح اعدموا بدم بارد و كانوا قضوا محكوميتهم بالسجون الاسرائيلية واطلق سراحهم بعد سبع سنوات علما ان نابلس تعيش منذ فترة حالة من الهدوء و بدأت تستعيد بعض عافيتها الاقتصادية بعد ازمات متتالية اثرت كثيرا في حياة الناس ولكن السلطات الإسرائيلية رأت انه ليس من المفيد ان يستمر هذا الهدوء وهذه الانتعاشة الاقتصادية فأقدموا على تلك الجريمة في محاولة مكشوفة لجر الشعب الفلسطيني الى انتفاضة ثالثة يختلط فيها الحابل بالنابل و تسمح لإسرائيل بالتنصل من التزاماتها فحالة الهدوء القائم لا تخدم المصالح الاسرائيلية، وقد ارادوا بذلك استفزاز شعبنا ليتحقق لإسرائيل ما تريده .

اما بالنسبةإلى قوات الامن الفلسطيني و للتصحيح اقول إن الضفة لا تزال تحت الاحتلال و حسب الاتفاقيات يمكن لقوات الاحتلال الدخول واعتقال من شاؤوا، و سيطرة الامن الفلسطيني تقع داخل المدن فحسب اما خارج رام الله و الخليل و نابلس و غيرها فالامور غير خاضعة لها . و لو ان قواتنا اطلقت رصاصة واحدة من اسلحتها فانهم كانوا سيدمروننا بالبوارج .هناك امور نحتج عليها و نرفضها و لكن تلك هي سيطرة القوي على الضعيف . نحن اقوياء بارادتنا نحاول تثبيت أمورنا و نحن من يقرر متى ننتفض .

هل تعيش القضية الفلسطينية ازمة زعامة بعد رحيل الرئيس ياسر عرفات ؟

الى حد ما و لكن الواقع ان ابو مازن يحاول السير على خطى الراحل ياسر عرفات و يتمسك بالثوابت التي استشهد من اجلها ابو عمار و لكن هناك حقائق لا بد من الاعتراف بها فالانقلاب الحاصل في غزة ضعضع موقفنا كشعب واما كقضية فحماس لا تريد المصالحة و تأتمر بأوامر اقليمية و قد خسرت كثيرا بعد الانقلاب، فهم عملوا كثيرا تحت ستار الدين ونحن بطبعنا شعب متدين و الناس عموما يفهمون شؤون السياسة .

عندما وصلت المفاوضات الى طريق مسدود تجاوب الناس مع شعارات حماس والمقاومة، فاستلمت السلطة بطريقة ديمقراطية و لكنها انقلبت على نفسها . في كل العالم تحدث خلافات و لكن الاحتكام يكون للشعب .
لقد ظهرت حماس بمساعدة دولية وبرزت بمساعدة اسرائيلية و اميركية و اوروبية على اعتبار ان حماس يمكن ان تقبل بسهولة بالدولة الموقتة و نحن قلنا و سنقول لا لدولة موقتة .يريدون من الشارع الفلسطيني ان يكون منقسما و سيقولون للمجتمع الدولي ان هؤلاء لا يستحقون دولة .

عموما لو عدنا الى الوراء سنجد ان شارون رتب كل شيء و عندما انتقد بسبب الانسحاب الاسرائيلي من غزة قال لا تستعجلوا الامر و انتظروا .

هل تعتقدون انه لا يزال بامكان الادارة الاميركية ان تضطلع بدور في الصراع بين الفلسطينيين و الاسرائيليين ؟

لا نريد ان نكون سلبيين، الاميركيون اعلنوا انه من حق الفلسطينيين ان يكون لهم دولة و لكن الجانب الاسرائيلي يحاول خلق الجديد على الارض .طبعا نحن نعرف ان الادارة الاميركية لاترتكز على الرئيس فقط فالمؤسسات السياسية و اللوبيات لها تأثيرها. استبشرنا بميتشل الذي ساهم في حل الكثير من القضايا الدولية و لكن نقول للاميركيين لا تتوقعوا المزيد من التنازلات من جانبنا.

وماذا عن الدور الاوروبي خاصة بعد تسلم اسبانيا رئاسة الاتحاد الاوروبي؟

اوروبا اكثر جهة تعرف حقيقة ما يجري على الارض و الوفود الاوروبية تصل الى الاراضي الفلسطينية باستمرار فالاوروبيون يدفعون اموالا و يأتون للمراقبة و قد اصبحوا ينزعجون مما يحدث و يتذمرون علنا من الممارسات الاسرائيلية و هم يؤمنون بحقنا، السويد كانت فعلا رائعة هناك تقدم في الموقف الاوروبي و اوروبا هي القوة القادمة امام تراجع الدور الاميركي، ولا ننسى الصين فهي ايضا الى جانبنا في كل شيء و بصراحة نحن جاهزون لكل الخيارات و لم يعد لنا ما يمكن ان نخسره .السلطة الفلسطينية منقوصة السيادة نعم ونحن لا ننكر ذلك و لكن عودتها الى الارض الفلسطينية نواة دولتنا المستقبلية .

وماذا عن الدور التركي ؟
تركيا دولة اسلامية فيها من الجذور العربية الكثير ومواقفها مشرفة .اسرائيل تتمرد على كل العالم حتى على اسيادها الداعمين لها أي اميركا و بريطانيا و لكن تركيا اقتلعت منها اعتذارا علنيا مهما .

تركيا تريد الانضمام الى الاتحاد الاوروبي و هذا الجانب افضل مدخل لها وفيه رد على المواقف الاسرائيلية بانها فوق الجميع . اعتقد ان تركيا يمكن ان يكون لها دور اكبر مع سوريا و لبنان بالتوافق مع القوى الكبرى و مصر و السعودية و نحن من جانبنا معنيون بمساعدة الجميع .

سعدنا بموقف تركيا و هي تطلب اعتذارا و تحصل عليه كتابة و علنا لاول مرة و ترفض مقابلة باراك على الاقل هناك من تجرأ و قال لاسرائيل مرة واحدة quot;لاquot;.

تقارير كثيرة تتحدث عن انتشار المخدرات بين اوساط الشباب الفلسطيني فمن المسؤول ؟

هناك تركيز قوي من جانب الاحتلال على الشباب الفلسطيني و خاصة شباب القدس لذلك يغرونهم بالنساء و المخدرات و يستهدفونهم اخلاقيا و يحاولون بكل الوسائل الوصول اليهم و هذا جزء من مشروع تهويد القدس هم يركزون على شباب القدس و المخيمات فيها للاسف ويعمدون الى كل الوسائل لاضعافهم و سلب ارادتهم والاحتلال يملك كل الامكانيات لذلك و لكن الحقيقة ان الامر في الضفة اقل خطورة .

ولكن و رغم كل هذه المآسي سيكون لنا دولتنا هناك شعوب احتلت اربعمائة عام و انتهى الاحتلال ولا يمكن للاحتلال الاسرائيلي ان يستمر الى ما لا نهاية وما لم نحققه سيحققه ابناؤنا .

هناك ايضا تقارير تتحدث عن خطر الجواسيس و العملاء على القضية فما مدى حجم هذه الظاهرة ؟

ليس هناك قوة في العالم إلا و تحاول استقطاب عيون لها و جواسيس لخدمة مصالحها . و نحن على مدى خمسين عاما و اكثر لا يزال وضعنا بخير هناك عملاء و جواسيس و هناك عملاء اضروا بشعبنا و شبابنا و أي قوة تحاول استقطاب ضعفاء النفوس و لكن الشعب يرفضهم و اذا اكتشف امرهم كانت نهايتهم .

لماذا تاخر الجانب الفلسطيني في كشف جريمة تجارة الاعضاء للشهداء الفلسطينيين و اعلان المعركة القانونية ؟

متاجرة الاحتلال باعضاء الشهداء امور نعرفها و كل شهيد يعود الينا نعلم ان اعضاء منه سرقت فقوات الاحتلال كانت تعيد الجثث ليلا و تشترط ان يتم الدفن في حينه و بحضور عدد محدود من افراد عائلة الفقيد لم يكن لدينا دليل مادي نقدمه و لكن الصحفي السويدي كان قادرا على فضح الاحتلال لانه حصل على دليل بين يديه .

تراكم القرارات الدولية لا نقلل من اهميته في المستقبل عندما تتغير الموازين الدولية و يتم التحقيق جديا في تجارة اعضاء البشر .

ماذا علمتك سنوات الاسر وهل تقبل الوزيرة في السلطة الفلسطينية اليوم ان يعيش ابناؤها تجربتها مع السجون الإسرائيلية ؟

تجربتي رغم مرارتها و الامها علمتني الصبر و الحكمة و التروي في اخذ المواقف و زادت في ايماني بارادتنا في تحقيق الدولة الفلسطينية .التجربة رغم المعاناة كانت رائعة تصقل شخصية الانسان و تمنحه الثقة في النفس . ليس هناك امر غير جائز في فلسطين حتى لو كنا لا نريد ذلك واذا لم يواصل ابناؤنا الطريق فلن نحقق شيئا .

قبل اختتام هذا اللقاء الى اين يتجه المشهد الفلسطيني في خضم التحولات المتسارعة ؟

املنا في تحقيق الدولة الفلسطينية و عاصمتها القدس لن يتراجع و كذلك الشان في ما يتعلق بالقرار 194 باللاجئين و التحكم بحدودنا .هناك تطور حاصل في العالم لان قضيتنا عادلة و كل العالم يقر بحقنا في تقرير المصير و انتهاء اسوأ احتلال من العالم .

و لكن اسرائيل غير معنية حتى الان بالسلام و هي تتجه نحو اليمين .امام العالم يتبجح الاسرائيليون بالشراكة و بالعملية السلمية و لكن ما يجري على ارض الواقع مختلف تماما .الجانب الفلسطيني نفذ حتى الان التزاماته و لكن الاسرائيليين لم ينفذوا شيئا و هم يواصلون حملتهم المسعورة من اجل الاستيطان خاصة في القدس و يخرجون الناس من بيوتهم و يصادرون ممتلكاتهم ويواصلون بناء الجدار وكلها ممارسات لا تجري حتى في القرون الوسطى.

نعيش كل يوم على مشهد اطفال يطردون من بيوتهم تحت حماية قوات الجيش . يريدون لنا دولة ممسوخة و لكنهم لن يجدوا فلسطينيا يوقع على دولة بهذه المواصفات . موقفنا واضح و لا مجال لعودة للمفاوضات من دون وقف الاستيطان التفاوض بالنسبة لنا ليس هدفا، اسرائيل تمسك بكل الخيوط في الوقت الراهن و المشكلة ليست في استصدار المزيد من القرارات الدولية نحن لا نترك مناسبة ونحاول تفعيل القرارات الدولية و لكنها غالبا ما تصطدم بقرار الفيتو الاميركي في مجلس الامن و هذه اصعب مرحلة يمكن ان تواجهنا في معركتنا من اجل تفعيل القرارات الدولية .