السلطات الإيرانية تتأهب لمواجهة انتفاضة جديدة |
أشرف أبوجلالة من القاهرة: تعد صحيفة quot;وورلد تريبيونquot; الأميركية تقريراً مطولاً تتناول فيه الوضع على المشهد السياسي المتغير في ايران، وتكتب تحت عنوان quot;11 فبراير عام 1979: اليوم الذي ألقيت فيه ايران الحديثة بداخل العصور المظلمةquot;، حيث تقول إن إيران ظلت لقرون مركزاً للصراع بين الأيديولوجيات المتناقضة وطرق الحياة؛ أما الآن، فستكون ساحة قتال حاسمة للتقدم في مقابل المصائب.
ثم تمضي الصحيفة لتشير إلى أن المدة التي مرت على مدار ثلاثين عاماً من الثيوقراطية الإسلامية منحت الإيرانيين والمجتمع الدولي على حد سواء نقطة تحول تاريخية وفرصة تظللها مسؤولية اتخاذ القرار الصحيح أو أن تكون مسؤولة عن تشعباتها.
وتلفت الصحيفة في السياق ذاته إلى أن الشاه وإيران الثرية العلمانية كانا في سبعينات القرن الماضي بمثابة الأدوات التي تعنى بتحقيق التوازن في منطقة الشرق الأوسط المضطربة. فلم يكن نظام الشاه من دون أخطائه وبعيداً عن الكمال.
لكن رؤيته التقدمية ومعرفته الجيوسياسية التي لا تقدر بثمن قد تم التماسها من جانب صانعي السياسة الخارجية، الذين أدركوا أن إيران تسير على خطى أجدادها الذين يعود إليهم الفضل في نصرة التسامح، والدبلوماسية، وأول وثيقة معروفة للحقوق.
بعدها تشير الصحيفة إلى العديد من الأمثلة التي تبين تلك الحقيقة، مثلما جرى في الاجتماع الذي عُقد في السابع والعشرين من شهر تموز/ يوليو عام 1973، عندما طلب هنري كيسينغر وغيره من الدبلوماسيين نصيحة الشاه في ما يتعلق بدور النفط والشؤون الدولية، والمشكلة المصرية ndash; الإسرائيلية، والصراع الهندي ndash; الباكستاني، والأكراد وحزب البعث في العراق، وكذلك آرائه في طائرات الإف-16 حديثة التصميم. وهنا، تقول إن الشاه كان رجل النهضة في القرن العشرين لكن بعد فوات الأوان.
وترى الصحيفة أن عودة روح الله الخميني في الأول من شباط / فبراير عام 1979 ليكون قائداً للثورة الإسلامية، كان بمثابة التطور المفاجئ للمصير الذي كان أمراً مستحيلاً من دون دعم مادي ومعنوي من جماعات المعارضة الإسلامية والشيوعية، ومن الناشطين السياسيين الساخطين الذين فقدوا السلطة في خمسينات القرن الماضي، ومن الزعماء الأجانب المضللين المذعورين من توسع الإتحاد السوفيتي، ومن تهديد محتمل من قِبل إيران التي تمضي في طريقها نحو مرحلة من التحديث تفوق سرعة الصوت.
ومع وصول الخميني إلى إيران في الأول من شهر شباط / فبراير عام 1979، ومن ثم إنشاء مجلس للثورة الإسلامية بعدها بأيام قليلة، كان من الواضح أن الحزب الثوري الموجود في السلطة هو ذلك الحزب الخاص بالزعماء الإسلاميين.
وهنا، تقول الصحيفة إنه وعلى الرغم من رحيل الشاه وقدوم الخميني، إلا أن نجاح الثورة الإسلامية لم يتم إدراكه ولم يكن ممكناً من دون دعم القوات المسلحة الإيرانية. وطبقاً للدبلوماسي الإيراني السابق، دكتور أسد هامايون، فقد جرى تأجيل رحيل الخميني من باريس إلى طهران خوفاً من عمل عسكري محتمل.
وقد سعى مستشارو الخميني للحصول على ضمانات من إدارة كارتر لبذل كل جهد ممكن بغية منع وقوع انقلاب عسكري محتمل. وبعد الانتقال في وقت لاحق إلى طهران، كان يخشى الخميني وطاقمه الديني من القوات المسلحة (الموالية للشاه) وظلوا في حالة مستمرة من الذعر. ومروراً بالأيام، إلى أن جاء يوم الحادي عشر من شباط / فبراير، تقول الصحيفة إن ذلك اليوم هو اليوم الذي يوافق إلقاء البلاد في العصور المظلمة كما يشهد على ذلك دستور الجمهورية الإسلامية الرجعي والضار.
وتشير إلى أن العالم بدأ يشهد منذ ذلك الحين انتشاراً مزعجاً للإرهاب الممول والمدعوم من جانب النظام في طهران. لكن الصحيفة تُلمح هنا للحقيقة التي تقول إن الغالبية العظمى من الإيرانيين لم تكن لديها الرغبة في ثورة ثيوقراطية، بعيدة كل البعد عن حقائق العالم المعاصر، على الرغم من الدعاية التي حظي بها النظام الإيراني. فعلى مدار ثلاثة عقود، دفع الإيرانيون ثمناً باهظاً بفقدانهم لحقوقهم المدنية، ومعاناتهم التي مروا بها من خلال الحرب الدامية التي خاضوها مع العراق، وما واجهوه من أحكام بالسجن والإعدامات العلنية على يد النظام.
وفي الختام، تقول الصحيفة إنه وعلى عكس توقعات بعض المحللين السياسيين وصناع القرار الأجانب، نجحت الثورة الوطنية التي بدأت في حزيران/ يونيو الماضي في الصمود واستمرت في حشد الزخم. وترى أن تاريخ الحادي عشر من شباط / فبراير هو الذكرى السنوية لذلك اليوم الكئيب الذي شهده عام 1979 عندما أخفق هؤلاء الأشخاص الموالون لإيران وصناع القرار الأجانب المضللين في اتخاذ القرار الصائب.
ويُؤمل أن تقوم القوات الإيرانية المسلحة القومية في الحادي عشر من الشهر الجاري باتخاذ القرار الصائب من خلال دعمها وحمايتها للشعب من حكومة غير شرعية. وستقوم الإدارة الأميركية كذلك باتخاذ الخيار الصائب بوقوفها إلى جانب الشعب الإيراني في محاولته لكسب ذلك الصراع، على حد قول الصحيفة.
التعليقات