جاء القبض على أكبر قائد عسكري لحركة طالبان في باكستان بعد أشهر من إلحاح خلف الكواليس من قبل مسؤولين أميركيين يرون أن عدم تحرك اسلام أباد تهديدا كبيرا لاستراتيجيتهم في أفغانستان.

واشنطن: قال المسؤولون الاميركيون والمحللون الأجانب يوم الثلاثاء ان من المُبكر جدا معرفة ما اذا كان تعاون باكستان ضد المُلا عبد الغني بارادار في كراتشي في وقت سابق من هذا الشهر سيجري توسيعه ليشمل متشددين كبارا آخرين على القائمة الأميركية للمطلوبين مثل المسؤولين عن هجوم مومباي في عام 2008 .

قال بروس ريدل وهو محلل سابق في وكالة المخابرات المركزية ويعمل الآن في معهد بروكينجز وهو مركز أبحاث مقره واشنطن quot;هذه لعبة بطيئة. من المستبعد بشدة أن يبدل الباكستانيون مواقفهم بالكامل بين عشية وضحاها.quot; ولكنه قال في وصف العملية المشتركة للمخابرات الباكستانية والاميركية التي ألقي فيها على زعيم طالبان quot;انها ضربة كبيرة.quot;

ويوصف الملا بارادار بأنه أحد زعماء طالبان الاستراتيجيين وقال مسؤولون أميركيون ان التحقيقات التي تجرى معه الان ستكشف عن معلومات مهمة عن قيادة الجماعة وقدراتها وعملياتها العسكرية في وقت حاسم بالنسبة لتكثيف العمليات الاميركية في أفغانستان المجاورة. وقال مسؤول أميركي في الامن القومي quot;هذا لاعب كبير في طالبان الافغانية. اذا أبعد عن الشارع فسيكون هذا ضربة كبيرة لطالبان في المستقبل القريب وسيوجه ضربة شخصية مباشرة للملا عمر الذي اعتمد عليه لسنوات كواحد من مساعديه الموثوق فيهم.quot;

لكن مسؤولين أميركيين اخرين كانوا أكثر حذرا وأشاروا الى قدرة طالبان على استعادة قوتها كتنظيم وقدرتها على شغل الفراغ الذي يتركه زعماء بعد فترة قصيرة من القبض عليهم أو قتلهم. وقال الكولونيل ديفيد لابان وهو متحدث باسم وزارة الدفاع الاميركية (البنتاغون) quot;الفترة التي تلزمهم... لاعادة بناء صفوفهم تعتمد على الظرف.quot; وعلى الرغم من أن لابان لم يؤكد أو ينفي القبض على الملا باردار الا أن قال ان الخبرات السابقة أظهرت أن عمليات كهذه quot;كان لها تأثير مباشر على عملياتهم.quot;

وقال مسؤولون أميركيون تحدثوا بشرط عدم الكشف عن هوياتهم ان المخابرات الباكستانية نفذت عملية اعتقال الملا باردار وان ضباطا من المخابرات الاميركية شاركوا في العملية. وقال مسؤول أميركي اخر ان العملية جاءت في أعقاب ضغوط استمرت لعام قادها جيم جونز مستشار الامن القومي الاميركي ووزير الدفاع روبرت غيتس ووزيرة الخارجية هيلاري كلينتون لدفع اسلام الى quot;تقديم الدعمquot; عندما يتصل الامر بكبح زعماء طالبان الذين يقودون الهجمات المسلحة من باكستان.

وقال مسؤول أميركي كبير في وصف قرار المخابرات الباكستانية بتنفيذ عملية مشتركة مع وكالة المخابرات المركزية الاميركية ضد الملا بارادار بأنه تطور quot;واعدquot;. وعند سؤاله عما ستؤدي اليه تلك العملية قال المسؤول quot; سنرى.quot; وقال ريدل الذي أشرف على أول مراجعة أجرتها ادارة أوباما قبل عام للاستراتيجية في أفغانستان وباكستان ان اسلام اباد وافقت الان أخيرا على وجهة النظر الامريكية التي ترى وجود علاقات قوية بين طالبان الافغانية وطالبان الباكستانية.

وقال ريدل quot;سمعت باكستانيا يقول ان طالبان الطيب هو طالبان الميت... ولكن هل سيؤدي هذا الى تعاون على جميع الجبهات.. لن أذهب الى ذلك الحد.quot; وكثفت وكالة المخابرات المركزية الاميركية كلا من الهجمات الجوية التي تشن بطائرات بدون طيار وعمليات جمع المعلومات في باكستان خصوصا بعد التفجير الانتحاري في 30 ديسمبر كانون الاول الماضي الذي قتل فيه سبعة من العاملين في الوكالة في قاعدة أميركية في اقليم خوست في شرق أفغانستان.

وجاءت العملية المشتركة التي استهدفت الملا بارادار والذي تسعى أجهزة المخابرات الامريكية وراءه منذ فترة طويلة في أعقاب هجوم في يناير كانون الثاني قال مسؤولون باكستانيون وأميركيون انهم يشتبهون في أنه أسفر عن مقتل حكيم الله محسود زعيم طالبان الباكستانية. وقال لابان ان التعاون مع باكستان جيد وquot;يتحسنquot; رغم المشكلات في الماضي.

وأوضح الجنرال ستانلي مكريستال قائد القوات الاميركية وقوات حلف شمال الاطلسي في أفغانستان أنه quot;يعتبر المنطقة بأسرها وليست أفغانستان وحدها جزء من القتالquot; مؤكدا على مطالبة واشنطن اسلام اباد بأن تتحرك ضد زعماء طالبان الافغانية وطالبان الباكستانية على أراضيها. وحذر غيتس أثناء زيارة لباكستان الشهر الماضي من الصلات المتزايدة بين القاعدة ومجموعة من الجماعات التي تسعى لزعزعة استقرار باكستان بما في ذلك طالبان وجماعة عسكر طيبة المتمركزة في باكستان والمتهمة بالتآمر في هجمات مومباي في نوفمبر تشرين الثاني عام 2008 .

وقالت باكستان انها ترغب في أن تلعب دورا أكبر في جهود المصالحة في أفغانستان وانها أبلغت الولايات المتحدة بهذا في الأشهر الأخيرة. ولم يتضح بعد كيف سيؤثر القبض على الملا بارادار على هذه المحادثات ولكن قادة عسكريين وزعماء سياسيين أميركيين قالوا مرارا انه لن يتم كسب المعركة في أفغانستان الا من خلال المصالحة بين الفصائل المتحاربة.