صنعاء: يدخل ما يسمى بـ quot;الحراك الجنوبيquot; حاليًا مرحلة صراع تتشتت فيه الآراء والأفكار والمطالب والسياسات، ليصل به الأمر إلى حركة بلا قيادة. من جماعة لعسكريين يطالبون بإصلاح وضعهم المادي، إلى جماعة سياسية يقودها قادة عسكريون سابقون وأعضاء برلمانيون، إلى جماعات تقود نفسها في شوارع لحج والضالع، أضف إلى اعتداءات على مواطنين شماليين في الجنوب وقتل عدد منهم.

أما أبين فقد اقتصر حراكها على تصرفات الشيخ طارق الفضلي عضو مجلس الشورى السابق وحليف النظام في حربه مع الاشتراكيين في 1994 وصهير شقيق الرئيس اليمني القائد العسكري علي محسن الأحمر.

الفضلي يثير الجدل هذه الأيام بتصريحاته التي خرجت برأي سياسيين عن طور أهداف الحراك، فيومًا يدعو أميركا لاحتلال اليمن، ويومًا يقول فيه إنه سيقود ما أسماها بثورة الحجارة. على صعيد متصل، أثار خطاب الرئيس علي عبدالله صالح الغاضب يوم الإثنين الماضي الذي جدد فيه شعار quot;الوحدة أو الموتquot;، سخطًا واسعًا حيث رد عليه قادة من الحراك بـ quot;الدعوة إلى تصعيد الاحتجاجات والإضراب الشامل في جميع المحافظات الجنوبية والمطالبة بانفصال الجنوب عن الشمالquot;.

ويرى مراقبون أن خطاب الرئيس يأتي من منبع ثقة باتجاهه صوب ملف الجنوب وذلك بعد أن لمس حلحلة الأوضاع في صعدة بعد إيقاف الحرب مطلع الأسبوع الجاري وانتهاء أزمة ذلك المحور. صالح شن هجومًا غير مسبوق على قيادات جنوبية معارضة تدعو للانفصال ووصفهم بـ quot;العملاء والخونةquot; وبأنهم quot;جواسيس يتسكعون في الخارج ضد وطنهمquot;، في اشارة إلى الرئيس الجنوبي السابق على سالم البيض الذي يطالب بالانفصال تحت رعاية الأمم المتحدة والجامعة العربية.

وقال فى خطاب له بعد توقف الحرب مع الحوثيين quot;إن الدعوة للانفصال ورفع الشعارات المعادية للوحدة خيانة وطنية كبرىquot;. حول هذا الملف يتحدث الكاتب والمحلل السياسي عبد الباري طاهر نقيب الصحفيين اليمنيين الأسبق لـ إيلاف معتبرًا أن quot;الحراك الجنوبي على الرغم منأنه حركة سياسية، لكنه اخترق ووصل به الأمر إلى الاعتداء على مواطنين من الشمال لهم مصالح في الجنوبquot;.

يلف نفسه بعلم ما كان يعرف بالجنوب اليمني قبل الاتحاد مع الشمال

وأضاف طاهر quot;إن الاختراقات التي حصلت في داخل الحراك جعلت من بعضهم لا يفرق بين الممارسات الخاطئة للنظام وما بين تواجد الشماليين في الجنوب، وكذلك عدم التفريق بين المطالب وتواجد الجنوبيين في الشمال ممن لهم مصالح في المحافظات الشماليةquot;. واعتبر أن هذه quot;الإشكالات تخلق بلبلة كبيرة وجوًّا سياسيًّا غير طبيعي، وكذلك إذكاء نوع من الكراهية والعداوات بين المواطنين، على الرغم من أن الأخطاء يرتكبها النظام وليس المواطنون، وهذا ما يخدم ممارسات النظام والسلطةquot;.

من جانبه يقول الكاتب الصحافي أحمد الزرقة إن quot;الحراك له أجندته الخاصة التي يسعى من خلالها لتحقيق مطالب ثم شهدت تحولاً خطرًا بسبب معالجات السلطة الخاطئةquot;. ويضيف quot;في البداية كان للحراك مطالب حقوقية كان بالإمكان معالجتها ، السلطة أدارت ظهرها لتلك المطالبات ووضعت حلول جزئية ساهمت في انتقال الحراك من حركة حقوقية لحركة سياسية تطالب بتحديد المصير وفك الارتباطquot;.

ويرى أن الحراك استفاد من الحرب الدائرة في محافظة صعدة بسبب انشغال الحكومة والجيش هناك فصعد خطابة وحول مساره في بعض الحالات باتجاه العنف وصولاً لخروج مناطق من السيطرة الحكومية كما هو حادث في الحبيلين وردفان .. وتعطيل الخط الرئيس الذي يربط بين صنعاء وعدن بسبب الجرائم التي ارتكبت ضد مواطنين شماليين هناك.

واعتبر أن quot;استخدام السلاح في صعده وفشل الحكومة في حسم صراعها هناك ضد الحوثيين كان محفزًا لتنامي أعمال العنف في الضالع ولحج وأجزاء من محافظة أبين، معتقدًا أنه إذا تمكنت السلطة من إغلاق ملف صعده فإن الخطوة التالية ستكون باتجاه إجراء حوار سياسي بين أطراف المنظومة السياسية اليمنية في السلطة والمعارضة ، وذلك كان احد توصيات مؤتمر لندن وجاء على لسان وزيرة الخارجية الأميركية وتضمنه البيان الختاميquot;.

وألمح الزرقة إلى أن quot;احد محاور ذلك الحوار هو فتح الباب أمام معارضة الخارج للانظمام اليه ،وإذا توافقت الأطراف السياسية على إجراء إصلاحات سياسية واسعة في شكل نظام الحكم وقانون الانتخابات وإعطاء صلاحيات أوسع للحكم المحلي ،سيتم حلحلة التكلسات الحاصلة في المحافظات الجنوبيةquot;.

ودعا الزرقة النظام اليمني إلى quot;الاعتراف بأخطائه وذلك لتعزيز قدرة الحكومة اليمنية في مواجهة كل الأخطار وذلك لرغبة المجتمع الدولي في الحرص على عدم انهيار النظام السياسي في اليمن لأن ذلك من شأنه ان يزيد من خطر تنامي كل التنظيمات الإرهابية والجهادية.

إلى حين يتوقف هذا الملف سيكون قد مر وقت طويل ومتغيرات واسعة وعشرات من الضحايا، لكن ذلك ما لم يأمله الجميع حيث يطالبون بوضع حد لكرة الثلج الجنوبية التي ستطحن الجميع حين تصل إلى المنتهى. الحوار الحقيقي والنظرة الواقعية لما يحدث هو المطلوب حاليًا كي لا تتسع الفجوة بين الحاكم والمحكموم وبين المحكوميين أنفسهم من شماليين وجنوبيين.