بعد سبات عميق دام أكثر من ثلاثة أشهر وانحسار الضجة التي اثيرت حولها لتزامنها مع الزيارة التي قام بها الرئيس سعد الحريري لدمشق، عادت قضية الاستنابات التي سطرها القضاء السوري بحق عدد من المسؤولين والشخصيات السياسية والأمنية والقضائية والإعلامية على خلفية الدعوى التي أقامها المدير العام السابق للأمن العام اللواء الركن جميل السيد ضد شهود الزور في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري، لتطفو على السطح.

بيروت: ذلك إثر إعلان صاحب الدعوى أمس عن تبلغه من محاميه في دمشق بأن السلطات القضائية السورية قد سلمت مؤخرًا إلى القضاء اللبناني بشخص مدعي عام التمييز القاضي سعيد ميرزا ومدعي عام بيروت القاضي جوزف معماري كتابًا رسميًّا تطلب فيه الاستفسار عن مصير التبليغات السابقة، أو ما اصطلح على تسميته بالاستنابات القضائية الصادرة منذ ثلاثة اشهر عن قاضي التحقيق الأول في دمشق، في الدعوى الشخصية المقدمة من اللواء السيد ضد شهود الزور السوريين في جريمة اغتيال الحريري وشركائهم من مسؤولين وشخصيات وضباط واعلاميين لبنانيين وغير لبنانيين ممن تورطوا في تضليل التحقيق في الجريمة المذكورة، وفقًا لما جاء في البيان الصادر عن السيد أمس.

وقد أورد عددًا من الاسماء بينها: الوزراء السابقون شارل رزق ومروان حمادة وحسن السبع والقضاة سعيد ميرزا وصقر صقر والضباط اشرف ريفي ووسام الحسن والصحافيون هاني حمود وفارس خشان وآخرون ممن شملهم الادعاء الشخصي للواء السيد. وذكر البيان أن الكتاب الرسمي السوري تضمن عرضًا مفصلاً للوقائع التي أثارها وكلاء السيد أمام القضاء السوري لجهة أن السلطات اللبنانية المختصة قد جمدت الاستنابات الأولى مدة ثلاثة أشهر لأسباب سياسية من قبل وزير العدل إبراهيم نجار والنائب العام التمييزي سعيد ميرزا وذلك خلافًا للمواد 24 ndash; 28 من الاتفاق القضائي الموقع بين البلدين.

وأفاد البيان أن السلطات القضائية السورية ستعمد في حال امتنع القضاء اللبناني عن تبليغ المدعى عليهم إلى محاكمتهم غيابيًا بعد إجراء المقتضيات القانونية اللازمة بما في ذلك التبليغ لصقًا في قصر العدل في دمشق.

وإذا كانت أوساط قريبة من الحريري قد وضعت قبل أيام في أجواء تحريك قضية الاستنابات هذه إلا أنها فوجئت بمضمون البيان الصادر بهذا الشأن خصوصًا لجهة تلويح القضاء السوري بالانتقال إلى مرحلة الحكم الغيابي متسائلة إذا ما كان هذا الموقف نتيجة quot;أمر ماquot; أزعج المسؤولين السوريين بعد زيارة الحريري إلى دمشق فبعثوا بهذه quot;الرسالةquot; التي تفسر أيضًا تريثهم في ترجمة نتائج الزيارة على الأرض.

المصادر السورية المطلعة تعترض على هذا التفسير وتنفي وجود أي علاقة بين زيارة الحريري وقضية الاستنابات. مشيرة إلى أن المستشارة السياسية الإعلامية للرئيس الدكتور بشار الأسد سبق لها أن صرحت بأن موضوع الاستنابات شأن يخص صاحب الدعوى.

كما أن الرئيس الحريري وبعد أن اعتبر الاستنابات غير موجودة بالنسبة إليه، عاد وأعلن في مؤتمره الصحافي الذي عقده في السفارة اللبنانية بدمشق أن هذه المسألة تعالج عبر الأجهزة المختصة وهذا ما يحصل حاليًا. حيث قام القضاء السوري بمراجعة نظيره اللبناني في ما آلت إليه قضية الاستنابات وذلك بعد ثلاثة أشهر على تسليمه إياها بالطرق الرسمية من دون أن يصدر عنه أي شيء بخصوصها. الأمر الذي أثار استغراب الجهة التي سطرتها وحملها على مخاطبة بيروت مجدّدًا وان بلغة حاسمة هذه المرة بعد أن لمست تجاهلاً في التعاطي معها من قبل المعنيين بأمرها في الجانب اللبناني، مقرة بحراجة الموقف في الوقت نفسه من منطلق أن من أحيلت إليه الاستنابات لإجراء ما يلزم بشأنها أدرج اسمه في طليعة أسماء المدعوين لاستجوابهم.

وفيما تلفت الأوساط السورية المطلعة إلى أن تريث القضاء السوري في مراسلة القضاء اللبناني طيلة الأشهر الثلاثة الماضية أملته حادثة الطائرة الإثيوبية التي فجع بها اللبنانيون، تكرر التأكيد على فصل هذه القضية عن نتائج زيارة الحريري إلى دمشق والتي هي موضع تشاور مستمر بين الأخير والرئيس الأسد.

كما توضح بأن التحرك القضائي السوري في دعوى السيد يتم بناء للاتفاق القضائي بين لبنان وسوريا الموقع في دمشق في فبراير ndash; شباط 1951، وللاتفاقية الملحقة به الموقعة من قبل الرئيس رفيق الحريري ووزير العدل اللبناني بهيج طبارة ونظيره السوري حسين حسون بتاريخ 26/9/1996 والتي تتضمن بندًا خاصًّا بضمان حق التقاضي لرعايا كل من الدولتين داخل حدود الدولة الأخرى وحق اللجوء إلى المحاكم باقامة الدعاوى، وتقديم الشكاوى الى كافة الدوائر القضائية المختصة والدفاع عن حقوقهم بالشروط نفسها والحماية المقررة لرعاياها.