سارع الحريري لإصلاح العلاقة مع الأسد، إثر الحديث الذي أدلى به إلى صحيفة إيطاليّة، حيث شبّه رفض سوريا إقامة علاقات دبلوماسيّة مع لبنان بالوضع الذي كان قائماً بين العراق والكويت، وذلك بعد الإستياء الذي عبّرت عنه دمشق على ألسنة مصادر دبلوماسيّة تابعة لها.
بيروت: لم ينتظر رئيس الحكومة سعد الحريري طويلاً إذ سارع لإصلاح اهتزاز في علاقته الناشئة مع الرئيس السوري بشار الأسد على خلفية الحديث الذي أدلى به الى صحيفة ايطالية وشبّه فيه رفض سوريا إقامة علاقات دبلوماسية مع لبنان بالوضع الذي كان قائماً بين العراق والكويت عندما رفض الرئيس العراقي الراحل صدام حسين الاعتراف بوجود الكويت .
وقد ظهر الاستياء السوري على لسان مصدر رفيع المستوى ابلغ صحيفة quot;الوطنquot; السورية quot; ان وقائع التاريخ تؤكد ان الرئيس الراحل حافظ الأسد إعترف بلبنان منذ السبعينات وان احداً في لبنان لم يطلب علاقات دبلوماسية مع سوريا في شكل رسمي ولا في شكل غير رسمي، وأول من طرح موضوع العلاقات الدبلوماسية هو الرئيس بشار الأسد خلال اجتماع المجلس الأعلى اللبناني السوري عام 2005 وبحضور الرؤساء إميل لحود ونبيه بري وعمر كراميquot; .
ويذكر المصدر الذي يعكس على ما يبدو وجهة نظر القيادة السورية quot;ان التشبيه مع صدام حسين يجافي الواقع التاريخي والتصرف الاخلاقي، وخصوصاً بعد الجهود التي بذلها الرئيس بشار الأسد خلال زيارة الحريري سوريا لوضع العلاقات على طريق الاحترام المتبادل والمصلحة المشتركة للبلدين والشعبين الشقيقينquot; .
لم تمض ساعات على نشر هذا التصريح وما تردد عن تلقيه قبلها quot;رسالةquot; من دمشق تعرب له فيها عن استغرابها لما صدر عنه حتى صاغ رده التصويبي في دردشة مع الاعلاميين في السراي الحكومي اكد فيه quot;انه قرر السير في خط لن يتراجع عنه وعملية الثقة مستمرة على قدم وساق ولن يعطلها شيء لا كلمة من هنا ولا كلمة من هناك (...)quot; . قررت السير في اعادة بناء هذه العلاقة لانها في مصلحة لبنان وسوريا والمصلحة الوطنية والعربية quot; .
وفيما لم يصدر أي تعقيب على ما ادلى به الحريري علمت quot;إيلافquot; من مصادر سورية متابعة ان تأكيد الأخير رغبته في المضي بما تم التفاهم حوله مع الرئيس الأسد لا بد ان يساهم في محو آثار كلامه الذي نشرته الصحيفة الايطالية متسائلة اذا ما كان هذا الكلام من بنات افكاره ام مستوحى من فكرة أوعز له بها احد مستشاريه او قريب منه وعندها لابد من مراجعة صاحبها والتنبه من quot;فذلكاتهquot; وحتى لا تبقى الشبهات تحوم فوق مستشار معين ممن تنهال عليه السهام من كل حدب وصوب كما هو حال مستشاره الاعلامي الزميل هاني حمود الذي حمل عليه اكثر من طرف في المعارضة متهماً إياه بمعاداة سوريا فتبين انه أحد أبرز المشجعين في فريق الحريري لزيارة الأخير الى دمشق كما قال لنا النائب عاصم قانصو نقلاً عما سمعه من الحريري نفسه حين التقاه قبل أيام من توجهه الى العاصمة السورية .
هذا وتترقب الاوساط السياسية في لبنان الخطوة التالية التي ستقدم عليها دمشق بعد الحركة الموفقة التي قام بها الحريري، آخذةفي الاعتبار الملاحظات التي أبداها اكثر من مسؤول سوري في معرض تقييمه لمجريات الأمور بعد زيارة الحريري الى سوريا ، حيث ذكر انه خلافاً للاتفاق الذي تم بين الرئيس السوري ورئيس الحكومة اللبنانية بتهيئة الأجواء الاعلامية لمرحلة ما بعد هذه الزيارة دأبت الوسائل الاعلامية التابعة لتيار المستقبل على استضافة شخصيات سياسية واعلامية معادية لسوريا كما قامت باجراء مقابلة مطولة مع رئيس الهيئة التنفيذية لـquot;القوات اللبنانيةquot; الدكتور سمير جعجع قبل يومين من مهرجان الوفاء للرئيس رفيق الحريري حمل فيها كالمعتاد على كل من سوريا والمقاومة .
وابدت الاوساط السورية المتابعة استياءها من بعض ما ورد في كلمة رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة خصوصاً لجهة تشبيهه المقاومة بـ quot;الميليشياquot; وتساءلت عن موقف الرئيس الحريري منها وصحة ما قاله كل من النائب محمد الحجار وعقاب صقر من ان السنيورة يعبر عن وجهة نظر الحريري انما على طريقة السنيورة. وفي معرض نفي هذه الاوساط ان تكون دمشق وراء الجمود الحاصل في انطلاقة التعاون بين الحكومتين وتبادل زيارات العمل بين الوزراء فيهما ذكّرت بما كان الرئيس الحريري طلبه من وزراء حكومته بابداء ملاحظاتهم ومرئياتهم في الاتفاقات والمعاهدات المبرمة بين البلدين لتتم مناقشتها مع الجانب السوري متسائلة اذا ما كان هذا العمل قد انجز ام بعد. كما ان على الراغب في اقامة علاقات جديدة ومختلفة عما قبل ان يبادر الى تقديم تصوره بهذا الشأن .
بدورها تتوقف مصادر لبنانية متابعة لخط سير العلاقات السورية ndash; اللبنانية بعد زيارة الحريري الأولى الى دمشق عند الأسباب التي تحول دون قيام دمشق بخطوة ملموسة على الأرض كترجمة للنتائج التي اسفر عنها اللقاء بين الأسد والحريري، كأن يصار على سبيل المثال الى البدء بترسيم الحدود ولو من الشمال، او الكشف عن أسماء اللبنانيين الموقوفين في السجون السورية بتهم جنائية والذين يقدر عددهم بحوالى 140 موقوفاً، هذا اذا وضعت جانباً مسألة اعادة البحث في الاتفاقات والمعاهدات ريثما تنجز دراستها. وكذلك معالجة قضية السلاح الفلسطيني خارج المخيمات .
ومهما يكن من أمر ورغم الملاحظات التي يسردها هذا المسؤول أو ذاك في دمشق أو بيروت فثمة اتفاق بين الطرفين ألا عودة الى الوراء في وقت يجري التحضير فيه للزيارة رقم 2 التي سيقوم بها الحريري هذه المرة الى دمشق بحيث تكون زيارة عمل بامتياز يجلس فيها رئيسا الحكومتين معاً مدركين ان ما شهده بلداهما من تباعد على مدى خمسة أشهر لا يمكن الخروج منه في خمسة أسابيع .
التعليقات