كشفت جلسة مجلس الوزراء اللبناني عن عدم تنسيق بين مكونات فريق المعارضة السابقة، كما حدث في الجلسة النيابية.


بيروت: quot;سنرى خلال المناقشات ما إذا كانت هذه الحكومة، حكومة وحدة وطنية quot;عن جدّquot;، وما إذا كان التعامل سيصبح إيجابيا، أم أن النقاش سيظل يواجه معارضات أو إطالة في الوقت لتضييع المواضيع quot;. هذا الكلام قاله في جلسة مجلس الوزراء رئيس الحكومة سعد الحريري وفقا لما نقل أحد الوزراء إلى quot;إيلافquot; في روايته للتمهيدات التي أوصلت إلى تعيينات جزئية في السلك القضائي. وتابع نقلا عن الحريري قوله للوزراء : quot;أساساً كنّا نقول حكومة الوحدة الوطنية استثناء وليست القاعدة، فقيل لنا بالعكس حكومة الوحدة الوطنية تستطيع أن تعمل أكثر وأن تكون فعّالة، فسنرى إذا كانت حكومة الوحدة فعّالة فعلاً بتعاطيها مع المسائلquot;.

وسط هذا الجو صوّت مجلس الوزراء في الجلسة التي انعقدت في مقر رئاسته في السرايا، وكشفت النتيجة مرة أخرى عدم تنسيق وسوء تفاهم بين مكونات فريق المعارضة السابقة، تماما كما حصل في الجلسة النيابية للتصويت على قانون خفض سن الاقتراع ، عندما صوّت نواب quot;حزب الله quot;وحركةquot; أملquot; مع القانون وامتنع نواب quot;تكتل التغيير والإصلاح quot; الذي يترأسه الجنرال ميشال عون عن التصويت، منسجمين بذلك مع موقف نواب قوى ١٤ آذار/ مارس. لتكشف جلسة مجلس الوزراء استمرارهذا الاهتزاز الناجم عن خلل في آلية التنسيق والتشاور أو عن تباين في النظرة الى المسائل الداخلية في الادارة والدولة والنظام، إذ كان من أهم وقائع جلسة تصويت وزراء الرئيس نبيه بري الى جانب صدور التعيينات في المراكز الثلاثة التي كانت تخضع للبحث ، وهي رئاسة ديوان المحاسبة ورئاسة مجلس الخدمة المدنية ورئاسة هيئة التفتيش القضائي، فأيد وزراء بري موقف الرئيس سعد الحريري الذي أصر على اصدار التعيينات واللجوء الى التصويت لحسمها ردا على اعتراض وزراء العماد عون على بتها في شكل مجتزأ دون مراكز أخرى مهمة في هذه الأجهزة الرقابية مخصصة للمسيحيين. وكانت المفاجأة في تصويت وزير الطاشناق ابراهام ددايان لمصلحة اصدار التعيينات رغم عضوية حزب الطاشناق الذي ينتمي إليه في تكتل التغيير والاصلاح. وفي ذلك مؤشر الى حرص الطاشناق على العلاقة مع الحريري والى استمراره في التمايز الذي كان بدأه مع تسمية الحزب الأرمني للحريري رئيسا للحكومة مخالفا بذلك رأي كل قوى المعارضة.

كذلك سجل في الجلسة وقوف وزراءquot; حزب اللهquot; وquot;أمل quot;مع رأي وزيرة المال ريا الحسن الرافض لاقتراح وزير الاتصالات شربل نحاس( الممثل لتكتل عون) صيغة لموضوع رواتب أعضاء الهيئة الناظمة للاتصالات المؤجل منذ فترة، تقوم على صرف سلفة خزينة او تدوير الاعتمادات، على ان يعقد اتفاق بين الوزير والهيئة حول هذا الموضوع، وفي النتيجة لم تمرهذه الصيغة.
وكان الحريري لوّح بحسب القريبين منه بإطاحة حكومته بعد انتهاء فترة السماح من عمرها ( مئة يوم) إذا لمس لمس اليد نيةعرقلتها إلى ما لا نهاية، خصوصا في موضوع الموازنة ، quot;فإذا كانت مكونات السلطة الحالية ،بفعل مزايداتها،ستقود المالية العامة الى مزيد من المديونية ،متسترة برفض الضرائب quot;المخترعة quot;، فهو سيوقف مسيرته معها ويعلن فشل حكومة الوحدة الوطنية ولن يقف مكتوفا في حال تحولت حكومة شلل وتعطيل.

ويلمس الحريري عرقلة ومزايدات، على ما تقول هذه الأوساط ، في مواضيع التعيينات والإنتخابات البلدية والموازنة التي يفترض أن يكون مشروعها جاهزا الأسبوع المقبل. وتؤكد إن زيادة الضريبة على القيمة المضافة الى 15 في المئة لم تكن واردة في اي وقت، لكن بعض الجهات المشاركة في الحكومة أطلقت حملة إعلامية ضنتها شائعات في هذا الشأن لغايات معروفة، وهذا ما لن يقبل به الحريري.

وذكرت بأن رئيس الحكومة عقد اجتماعات عدة مع ممثلي عدد من الاطراف في الحكومة، طلب خلالها من فريق الخبراء الماليين والاقتصاديين ان يعرضوا امامهم جميع الفرضيات الممكنة لتمويل الحاجات الاساسية للمواطنين. على ان هذه الفرضيات المختلفة لم تمثل قرارا، بل مادة للمناقشة والبحث، وكانت احداها زيادة نسبة الضريبة على القيمة المضافة الى 15 في المئة مع تخفيضات متناسبة على ضرائب اخرى تحد من تأثيرها على الغالبية الساحقة من اصحاب الدخل المتوسط والمنخفض، اي غالبية اللبنانيين. وعلى رغم ان الرئيس الحريري كان قد قرر سلفا عدم السير بالزيادة الى 15 في المئة، الا انٍ طرحها من بين عدد من الفرضيات الاخرى من قبل فريقه الاستشاري شكل مناسبة غير مقصودة لكشف النيات.

في اليوم التالي ظهر عنوان احدى الصحف المحلية بعنوان: 15 في المئة TVA، وتبعته حملة مركزة على رئيس الحكومة لاظهار مشروعه الاقتصادي كأنه يتلخص بهذه الزيادة. فتمكن الرئيس الحريري من التأكد من ان نية البعض في الحكومة هي النيل من رصيده، وليس تحقيق اولويات المواطنينquot;، بحسب الأوساط القريبة منه التي أضافت : quot;ظهر في الاجتماعات نفسها ان الطرح البديل من زيادة الواردات بما يوفر التمويل اللازم لحاجات المواطنين من قبل هذا البعض، هو المزيد من المديونية لكن الحريري quot;يرفض رفضاً قاطعاً ونهائياً زيادة المديونية ونسف ما تم انجازه في مجال خفضها خلال السنوات السابقةquot;.

ويخشى الحريري باستمرار أن يكون ثمة مخطط لتحمله تبعة إخفاق حكومته في حال عجزت عن تقديم الحد الأدنى المطلوب ، لا سيما في المواضيع الحياتية الملحة للمواطنين. ولن يترك نفسه يغرق مع هذه الحكومة إلى ما لا نهاية إذا كان إنقاذها متعذرا، بحسب مراقبين يعتبرون محايدين .