قاعدة إطلاق صواريخ في جنوب لبنان

تعلم الحكومة اللبنانية، وزراء وجماعة، أنquot;حزب اللهquot; يستعد للحرب كأنها واقعة اليوم وليس غداً، لكن الحزب ينفي عند سؤال المسؤولين الكبار فيه أن تكون ثمة حرب على الأبواب، ويصر على قراءته: لاشيء في الأفق من هذا القبيل، وجّل ما تسمعون وتشاهدون تهديدات إسرائيلية ليس إلا، ومن قبيل الحرب النفسية. وعندما سأل أحد الوزراء رئيس كتلة quot;حزب اللهquot; النيابية ( الوفاء للمقاومة) محمد رعد عن إمكان التنسيق لتنظيم أعمال الإغاثة ومساعدة الناس في حال اندلاع حرب كان جوابه إنها لن تقع، وبالتالي لا لزوم. في هذا الجو حض الأمين العام للأمم المتحدة بان كي ndash; مون رئيس الجمهورية اللبنانية ميشال سليمان على دعوة هيئة الحوار الوطني إلى الإنعقاد للبحث في موضوع سلاح quot;حزب اللهquot;، فأعلن سليمان تركيبة هيئة جديدة للحوار تثير اعتراضات قد لا تتجاوز الشكل، لتجتمع بعد نحو عشرة أيام.

بيروت: لم يخف الوزير اللبناني الذي كان يتحدث إلى quot;إيلافquot; دافعه إلى الطلب المكرر عدم ذكر اسمه صراحة، فهو مثل عدد كبير من زملائه يحرص على أجواء التوافق مع quot;حزب اللهquot; وفريقه، ولا يريد لأي موقف صريح يعلنه أن يؤدي إلى quot;خراب البصرةquot; مع هذا الحزب وما ومن يمثل. وهو قال إن ما يخشاه بالأكثر فريق الغالبية هو تكرار ما حصل قبيل اندلاع حرب تموز/ يوليو 2006 عندما أبلغ الأمين العام لـquot;حزب اللهquot; السيد حسن نصرالله شركاءه في طاولة الحوار بوضوح أن حزبه لن يقدم على أي عمل يحتمل أن يؤدي إلى حرب مع إسرائيل، وزاد على ذلك إنه لن يدمر لبنان من أجل ثلاثة أسرى لدى إسرائيل.

الرئيس الإيراني أحمدي نجاد والسيد حسن نصرالله

الوزير قال إن السيد نصرالله كان صادقاً بالطبع وليس ثمة ما يوحي إنه كان يعلن غير ما يضمر، وليس هذا المقصود بالحديث عن تلك الواقعة. هذا يقود إلى الإستنتاج إن التعليمات بتنفيذ عملية عسكرية ما تمر بهرمية عسكرية وتتخذها قيادة عليا تدرس الإحتمالات والظروف والنتائج ثم تقرر، وهذه الهرمية لطالما تحدثت عنها قيادة quot;حزب اللهquot;، وتبين لاحقا إن الحلقة الرئيسية فيها كانت عند القائد العسكري والأمني للحزب عماد مغنية الذي اغتيل في دمشق وكان شديد الإرتباط بالقيادة العسكرية والأمنية في طهران.

quot; quot;لا حرب على لبنان، أقله ليس الآن. ولكن ماذا عن المستقبل المتوسط والبعيد المدىquot;؟ يوضح الوزير نفسه إنه يتحدث عن الأشهر المقبلة، ويلاحظ تغيرا في طريقة التعامل اللبناني الرسمي مع التهديدات الإسرائيلية، فرئيس مجلس الوزراء سعد الحريري دعا قبل أيام في الفاتيكان إلى التعامل مع التهديدات على أنها تهديدات لا أكثر ولا تعني إن حربا وشيكة ستقع، لكنه خلال زيارته لقطر التي تنتهي اليوم أوضح أن التهديدات جدية، وحض جميع الدول على التحرك لمواجهة الوضع. هل يطلب الحريري من قطر التوسط لدى إيران لتهدئة الموقف وعدم الإندفاع في خيارات خطيرة لا يمكن التراجع عنها بعد الخطوة الأولى؟ الوزير يجيب: quot;لا أعلم. مثل هذه الأمور تبحث في حلقة ضيقة عادةquot;.

إنما لا يمكن تجاهل نذائر التوتر المتصاعد، وإن لم يصل إلى مستوى دق طبول الحرب، فبعد زيارة الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد لدمشق وعقده لقاء قمة ثلاثية، مثّل فيها لبنان السيد حسن نصرالله، بدا أن أحمدي نجاد قرر السير أبعد على حافة الهاوية في ظل تصاعد الخلاف الإيراني مع الغرب في موضوع الملف النووي، وهو يرتكز على تحليل فحواه إن إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما لن تسمح لحكومة نتنياهو بشن حرب لا ضد إيران، ولا ضد quot;حزب اللهquot; أو سورية. وانطلاقا من اقتناعه بأن المنطقة ستبقى في المدى المنظور في حال quot;لا حرب ولا سلمquot; يستغل الوقت لتعزيز الأوراق الإيرانية في المنطقة. في لبنان حيث يحصد quot;حزب اللهquot; وحلفاؤه مكاسب كبيرة يوميا في السياسة وquot;على الأرضquot; ويتحكم عمليا في اتجاهات البلاد بحكم الأمر الواقع، وفي العراق حيث يقترب موعد الإنسحاب الأميركي وتتطلع إيران إلى وضع مميز للشيعة ndash; خلافا لحليفتها سورية التي تفضل من خلفية قومية صيغة تحالفية متكافئة بين السنة والشيعة والأكراد تحكم البلاد- وفي الأراضي الفلسطينية حيث الإنقسام بلغ حدوده القصوى مجددا وسقطت احتمالات نجاح quot;المبادرة المصريةquot;، وفي اليمن الذي يظهر إنه رسا بفضل وساطة سورية لدى إيران على خسارة عسكرية للحوثيين في مقابل اعتراف سياسي بهم.

هل تريد سورية من التحالف مع إيران تقوية وضعها بالظهور مظهر القادرة على خوض الحرب مع إسرائيل ( نظرية حلول إيران محل مصر) من أجل السير من جديد في المفاوضات غير المباشرة عبر تركيا ؟ لا تبدو الظروف حاليا متوافرة لإحياء الحوارات لا تحت الطاولة ولا فوقها، فهذه مرحلة التصعيد، بحسب الوزير الذي يلاحظ إنعكاسات على لبنان حيث يرى فائضاَ في القوة لدى الفريق المتحالف مع إيران وسورية. قوة مستعادة ترجمتها تركيبة هيئة الحوار الوطني التي أعلنها الرئيس سليمان متجاوزا فيها نتائج الإنتخابات النيابية في حزيران/ يونيو الماضي. فمن قال إن صناديق الإقتراع هي التي تقرر مصائر الدول في الشرق الأوسط المصاب بلعنة الخيارات الفوقية؟

وعبثا يذكر منسق الأمانة العامة لقوى 14 آذار/ مارس الدكتور فارس سعيد بأن الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر اكتفى بأن يكون لبنان دولة مساندة في جبهة الحرب مع إسرائيل، وبعده حوّل الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد لبنان دولة مواجهة، أما الرئيسان نجاد وبشار الأسد فحوّلا لبنان دولة المواجهة الوحيدة في العالم العربي ضد إسرائيل. يستدرج الرجل بذلك الحديث عن ضرورة مشاركة جامعة الدول العربية في جلسات هيئة الحوار الوطني لموازنة مصلحة العرب فيها بمصلحة إيران، خصوصا إن quot;اتفاق الدوحةquot; الذي يرعى صيغة التوافق في لبنان نص على هذه المشاركة. وجواب quot;حزب اللهquot; لا يتأخر على هذه الدعوة، فأين هي جامعة الدول العربية ؟ هل سمع بها أحد بعد ما جرى ويجري في الأراضي الفلسطينية ولا سيما حصار غزة ؟ ولماذا لا تشارك في الحوار اللبناني الأمم المتحدة أيضا ومنظمة الوحدة الأفريقية ومنظمة الأونيسكو حتى، على قول عضو كتلة quot;حزب اللهquot; النائب نواف الموسوي الذي يسأل أيضا: من يمثل الأميركيين في هذا الحوار؟.