شيخ الأزهر الجديد مؤهّل لتولي المنصب وتطويره |
جاءت نتائج إستفتاء quot;إيلافquot; الأسبوعي حول منصب شيخ الأزهر بوضعه الحالي متفقة مع آراء علماء دين وخبراء حيث النسبة الأعلى أجمعت على تراجع تأثير منصب الأزهر.
القاهرة: أصبح منصب شيخ الأزهر بوضعه الحالي محل جدل ونقاش بعد وفاة شيخه الرحل محمد سيد طنطاوي الذي وافته المنية في الأراضي السعودية الأسبوع قبل الماضي بعد 14 عامًا قضاها على رأس أعلى منصب ديني في العالم الإسلامي.
وانطلق بعضهم مما اعتبروه إساءة السياسة إلى شيخ الأزهر الراحل وتراجع تأثير هذا المنصب المرموق في السنوات الاخيرة، للمطالبة بضرورة إعادة النظر في طريقة اختيار منصب شيخ الأزهر وعلاقة هذه المنصب بالدولة، مشيرين الى أنه للارتقاء بهذا المنصب ولعودة تأثيره في العالم الاسلامي، لا بد من أن يتم اختيار شيخ الأزهر بالانتخاب، بدلاً من التعيين وتحقيق الاستقلالية التامة لهذا المنصب عن الدولة وتحديد علاقته بوزارة الاوقاف وأجهزة أخرى.
لكن هذه الأصوات التي وصلت الى البرلمان قوبلت بمعارضة على الجانب الأخر من المؤيدين لاستمرار الوضع كما هو عليه بتعيين شيخ الازهر وفق ما تتبعه الدولة منذ العام 1961 بعد تفعيل قانون الأزهر وإلغاء هيئة العلماء.
قراء إيلاف: منصب شيخ الأزهر غير مؤثر
إزاء هذا الجدل الدائر أجرت إيلاف استفتاءها الأسبوعي حول منصب شيخ الأزهر بوضعه الحالي على الجمهور، وطرحت ثلاثة خيارات أمام القراء، ما بين مؤثر او غير مؤثر او لا اهتم، وكانت النتائج مثيرة للاهتمام فمن بين 6999 قارئًا شاركوا في الاستفتاء قال 1222 شخصًا ان منصب شيخ الأزهر لا يزال مؤثّرًا بنسبة 17.46 % من الأصوات.
لكن المفاجأة ان هذه النسبة من التصويت كانت الأقل بالمقارنة بالخيارين الآخرين، حيث أعرب 1843 صوتًا عن عدم اهتمامهم بمنصب شيخ الأزهر بنسبة شكلت 26.33 % من جملة من شاركوا في الاستطلاع، أما النسبة الأكبر من الأصوات فقد ذهبت إلى الاختيار الثاني، حيث رأى 3934 مشاركًا ان منصب شيخ الأزهر غير مؤثر بنسبة تمثل 56.21% من جملة المشاركين.
واتفق مع نتائج الاستفتاء نسبيًا علماء دين وخبراء استطلعت quot;إيلافquot; آراءهم أيضًا حول منصب شيخ الأزهر بوضعه الحالي، وأسباب تراجع تأثيره، وما يمكن فعله كي يعود لهذا المنصب رونقه وتأثيره في العالم الاسلامي.
وعلى الرغم من إجماعهم تقريبًا على تراجع الأزهر، إلا أنهم في الوقت ذاته أكدوا ان هذا التراجع عرضي ويرتبط في الأساس بشيخه، واختلفوا حول آلية اختياره بين مؤيد للدولة باعتبار ان هذا المنصب ديني وليس سياسي، ومعارض يرى ان قوة شيخ الأزهر لن تتحقق إلا برفع الدولة قبضتها عن هذا المنصب وفتح الباب أمام الانتخاب من بين شيوخه، ومعالجة ملفات أخرى، وهناك من طالب بفتح الباب امام خريجي الأزهر من جنسيات أخرى، مشيرين الى شيوخ تولوا هذا المنصب من جنسيات أخرى، كانوا من أعظم تولوا هذا المنصب.
صفوت حجازي: يجب ألا يكون مقتصرًا على المصريين
يرى الداعية الاسلامي الشهير الشيخ صفوت حجازي ان منصب شيخ الأزهر منذ قديم الأزل هو شيخ الإسلام وإمام المسلمين وإمام أهل السنة، وهو يمثل مرجعية، لكن هذا المنصب على حد رأيه quot;فقد مصداقيته بوجود الأشخاص الذي تشغله، وبتحكم رئيس الحكومة والدولة، وبتحول الشيخ الذي يشغل هذا المنصب الى موظف وأداة من أدوات السلطةquot;.
وبرأي حجازي حتى يعود لهذا المنصب قوته وتأثيره ، quot;يجب أولا ان يتم اختيار شيخ الأزهر بالانتخاب وليس بالتعيين، ولا بد من ألا يكون هذا المنصب قاصرًا على الجنسية المصريةquot;، مشيرًا إلى ان الشيخ خضر حسين كان من أعظم الشيوخ والعلماء الذين تولوا الازهر، وكان تونسيًّا، واكد حجازي ايضًا على ضرورة quot;ان يكون خريجًا من الأزهر، وان تتاح له الحرية والاستقلالية عن الحكومة المصريةquot;.
وأشار الداعية الى العديد من الملفات التي يجب ان توضع على قائمة أولويات الشيخ الجديد لوضع الأزهر في المسار السليم على رأسها ملف quot;إعادة مصداقية الأزهرquot;، ويندرج تحته إعادة النظر في مناهج الأزهر والإدارة و التداخلات بينه وبين وزارة الأوقاف، ووضع معايير جديدة لقبول الطلبة وإعادة النظر في الجامعة نفسها وكيفية إصلاحها، وكذلك ملف المشايخ، مؤكدا على ضرورة إعادة النظر في وظائفهم ومكانتهم واختيار الرجل المناسب للمكان المناسب.
كما اكد حجازي أيضا على ضرورة إعادة النظر في quot;التضارب في الفتاوىquot; بين مشايخه ودار الإفتاء ووزارة الأوقاف، وطالب حجازي أيضًا بإبعاد السيطرة الأمنية على كل ما يخص الأزهر، وان تتوقف الحكومة عن استغلال أوقافه وان يكون للأزهر جهاز إعلامي مستقل.
عبد المعطى بيومي: تجديد الدماء وتماسك الرؤية الازهرية
واتفق المفكر والدكتور عبد المعطى بيومي عضو مجمع البحوث على تراجع الازهر، حيث قال انه quot;لا شك ان هناك تراجعًا في دور الأزهر لكن هذا التراجع من خارجه وليس من داخلهquot;، ويعتقد انه في الفترة القادمة سيتجاوز الأزهر هذا التراجع، ويرى المفكر ان منصب شيخ الأزهر مؤثر جدًّا من واقع دوره الكبير في تراجع المؤسسة الدينية وقوّتها.
وطالب بيومي بتجديد الدماء في منصب شيخ الازهر بتحديد مدة لتولى المنصب بدلاً من مدى الحياة، حيث ان ذلك يؤدي الى اطمئنان شيخ الازهر بعدم عزله ما ينعكس بالسلب على دوره وادائه لواجبه تجاه الأزهر والأمة الإسلامية.
ويعتقد بيومي ان احد أسباب تراجع الأزهر يعود الى الشيخين السابقين وقراراتهما بتقليص حجم المناهج وتقليل عدد السنوات، قائلا ان quot;الحقيقة العلمية التى كان يأخذها طالب الأزهر قبل 30 عامًا كانت عميقة ودسمة، لكن المناهج في 30 سنة الأخيرة تقلصت وعدد سنوات الدراسة قلت، ما ادى الى صعود الطالب الى الكلية مبتسراquot;.
ويرى المفكر ان الحل هو ان تعود سنوات الدراسة والمناهج كما كانت، ويجب ان يضع الشيخ الجديد احمد الطيب على رأس أولوياته الحفاظ على الكتلة الأزهرية، في ظل تنامي الأصوات التي تطالب بفصل الكليات العلمية والدينية ويجب ان يحافظ الشيح الجديد على تماسك الرؤية الأزهرية،
مجدي الدقاق: لا يجب ان يخضع منصب شيخ الازهر للتكتلات السياسية
بينما يختلف مجدي الدقاق رئيس تحرير مجلة أكتوبر وعضو لجنة السياسات بالحزب الوطني الحاكم مع الاصوات التي تطالب بانتخاب شيخ الازهر، مشيرًا الى ان منصب شيح الأزهر منصب رمزي وله قيمة رمزية للإسلام والدين المعتدل ويتصور ان هذا المنصب الديني الرفيع لا يجب ان يخضع الى التكتلات السياسية والانحياز والتحزب بل يتم الاختيار على أساس العلم والتفقة والمكانة لأنه ليس منصبًا سياسيًّا يترك لاختيارات الناس.
وأشار الدقاق إلى ان quot;السياسة لها ظروفها والاختيار على أساس التكتلات والانحيازات الشخصية يُخضع هذا المنصب للسياسة، ولا يجب ان يحدث ذلك لأن الأزهر منارة دينية وثقافية تعبر وسطية الإسلام وبالتالي الذين يفكرون في ان يلعب الأزهر ابعد من هذا الدور فانهم يخطئون في حق الأزهر، لان دوره لابد ان يكون في الدفاع عن الدين و إظهار الصورة الطيبة للدين ونشر قيم الدين الاسلامي وأبرزها التسامح والمحبة والتعاون مع الشعوب والوجه الحضاري للإسلام والحوار مع المختلفين معنا وليس إعلان الحرب لان الدين دين المساواة والإخاء والسلام وليس دين القتال والاعتداء على معتقدات الآخرينquot;. ومن هذه الرؤية، الكلام لا يزال على لسان الدقاق، quot;يكون انتخاب شيخ الأزهر غير صحيح والدور السياسي الذي يتصوّره بعضهم لاستخدام الأزهر في الصراع الدولي والديني غير صحيح quot;.
عبد العظيم حماد: ارفض أن تعلو أي سلطة عن سلطة الدولة
اما عبد العظيم حماد الخبير السياسي ونائب رئيس تحرير جريدة الأهرام فيرى أن منصب شيخ الأزهر له تأثير، quot;لكن تأثير هذا المنصب يختلف من شيخ الى شيخ ومن نظام الى نظامquot;. وبسؤاله عن مدى تأثير هذا المنصب في عهد شيخ الأزهر الراحل الدكتور محمد سيد طنطاوي والعودة الى نظام الانتخاب كما كان يحدث من قبل، قال حماد ان quot;الشيخ عمومًا كان موضع جدل لأسباب سياسية وأنا لا أتذكر ان هذا المنصب كان يتم بالانتخابquot;. ورفض حماد بشدة ان يكون منصب شيخ الأزهر او غيره اعلى من سلطة الدولة quot;ارفض تمامًا ان تعلو سلطة الأزهر او الكنيسة او اي مؤسسة أخرى فوق سلطة الدولةquot;.
التعليقات