تشهد مصر حالة من الجدل الشديد حول طريقة اختيار خليفة الإمام محمد سيد طنطاوي شيخ الأزهر، ويطالب البعض بضرورة استقلال هذا المنصب عن الحكومة وانتخابشيخه بدلا من تعيينهأسوة بما يحدث في الكنيسة.

القاهرة: أثارت وفاة الإمام الراحل محمد سيد طنطاوي شيخ الأزهر الشريف الجدل مجددا حول طريقة اختيار خليفته، حيث علت أصوات تطالب بفصل الأزهر عن السلطة وتحقيق الاستقلالية الكاملة له، وانتخاب شيخه بدلا من تعيينه كما كان يحدث قبل عام1961.

وكان يتم اختيار شيخ الأزهر بالانتخاب قبل أن تقوم الدولة بإلغاء هيئة كبار العلماء وتفعيل قانون الأزهر. وينتظر أن يقوم الرئيس المصري حسني مبارك بتعيين شيخ جديد في الأيام القادمة بعد عودته من رحلته العلاجية في ألمانيا.

ويرى المؤيدون لانتخاب quot;الإمام الأكبر شيخ الجامع الأزهرquot; ضرورة استقلال هذا المنصب عن الحكومة أسوة بما يحدث في الكنيسة، حيث يتم انتخاب البابا، باعتبار أن هذا المنصب ديني وليس سياسيا وانه لا يمثل الحكومة المصرية، وإنما يمثل المسلمين السنة في جميع أنحاء العالم.

ويعتقد أصحاب هذا الرأي أن السياسة وليس الدين أساءت إلى الإمام الراحل وكانت السبب في الهجوم الذي تعرض له طوال السنوات الـ 14 التي قضاها في منصبه، وفق ما يقول الكاتب الصحافي أكرم القصاص، مشيرا إلى أن السياسة ورّطت الشيخ الجليل في فتاوى متناقضة عندما قال quot;من يفجر نفسه من الفلسطينيين في الإسرائيليين ليس شهيداquot;، ثم تراجع بعد ذلك عن الفتوى بعد الهجوم عليه واعتبر quot;المجاهدين ومفجري أنفسهم شهداءquot;.

وقد تعرض الشيخ الجليل إلى هجوم شديد أيضا اثر اجتماعه بالرئيس الإسرائيلي شيمون بيريز ومصافحته على هامش أحد المؤتمرات. وكان يرى الأمام الراحل، الذي عرف بالوسطية والاعتدال، ذلك من زاوية حوار الأديان.

وقد أدلى بدلوه بفتاوى حول الجدار الفولاذي وحرب العراق وفوائد البنوك اختلف معه الكثير من علماء الدين فيها. ويطالب القصاص السلطة بأن quot;تبعد علماء الدين عن السياسة حتى لا يساء فهمهم ولا يسيء إليهم احدquot;.

وقال الدكتور فوزي ناصر في جامعة الأزهر لـquot;إيلافquot; إن دور الأزهر تراجع كثيرا من بعد سيطرة الدولة على الأزهر واختيار رئيسه بالتعيين، مطالبا بتحقيق الاستقلالية الكاملة لهذه المؤسسة الدينية السنية الكبرى نظرا لأنه لا يمثل الحكومة وإنما مسلمي العالم اجمع.

وأوضح أن quot;حال الأزهر لن ينصلح إلا بالعودة إلى النظام القديم عبر الانتخاب من هيئة كبار العلماء حتى لا تكون عين الشيخ على الدين ومصالحه وقضاياه وليس مصالح الحكومةquot;.

ودفن شيخ الأزهر، الذي أصيب بنوبة قلبية مفاجئة صباح يوم الأربعاء الماضي، في البقيع في المدينة المنورة. ويوجد أسماء كثيرة مرشحة لخلافته من بينها الشيخ نصر فريد واصل المفتي السابق وفضيلة الدكتور علي جمعة المفتي الحالي والدكتور احمد الطيب رئيس جامعة الأزهر والدكتور احمد عمر هاشم رئيس اللجنة الدينية في مجلس الشعب والدكتور محمود حمدي زقزوق وزير الأوقاف.

وأقيم مساء أمس عزاء كبير لفضيلته في مسجد عمر مكرم في القاهرة حضره كبار رجال الدولة، ووزراء حاليون وسابقون، وفنانون ورجال أعمال وقضاة وسفراء وممثلون من الأحزاب و التيارات السياسية كافة وجماعة الإخوان المسلمين. وشهد العزاء ارتباكا غير عادي من كثرة المعزين والوفود لدرجة دعت المسؤولين عن المسجد إلى التنبيه بإخلاء أماكن للوفود القادمة.

وأدى المسلمون صلاة الغائب على روحه في جميع المساجد في لجمهورية عقب صلاة الجمعة ودارت خطبة الجمعة عن حياة الشيخ وعلمه وانتقد أئمة الحكومة لعدم إعلانها الحداد، والقنوات الفضائية لاستمرارها في بث الاغاني والعري.