مع إقتراب موعد الإنتخابات المصريّة، وظهور منافس جديدللرئيس حسني مبارك، متمثل بشخص محمد البرادعي، تعيش الساحة المصريّة السياسيّة في حالة غليان لم تشهدها منذ عقود، حيث كثفت التكهنات حول هوية الشخص الذي سيحكم البلاد، أكبر حليفلواشنطنفي المنطقةوشريك السلام الذي لا غنى عنه بالنسبة إلى تل أبيب. وعلى الرغم من الحظوظ القليلة للبرادعي بالفوز في الإنتخابات بسبب القوانين المصريّة التي تصبّ في صالح مبارك أو نجله، إلا أن التحليلات ترى أنه سينتشل مصر من حالة الركود التي عاشتها في عهد مبارك، وأدت إلى تراجع مكانتها في العالم العربي.

القاهرة: ترصد صحيفة لوس أنجلوس تايمز الأميركية في تقرير تنشره على صدر موقعها الإلكتروني على شبكة الإنترنت، ما أسمته بحالة الغليان السياسي التي تهيمن على مجريات الأحداث في مصر الآن، مع قرب موعد الانتخابات وظهور منافس جديد للرئيس المصري حسنيمبارك الذي يقود البلاد منذ فترة طويلة، في وضعية لم يسبق لمصر أن شهدتها منذ عقود.

وبعد أن تستهل الصحيفة حديثها بإبراز طبيعة الأجواء التي رافقت الإعلان عن خضوع الرئيس مبارك خلال الآونة الأخيرة لعملية جراحية في ألمانيا، تمضي لتشير إلى أن موجة التكهنات قد تم تكثيفها بالفعل حول هوية الشخص الذي سيحكم مصر، التي تعتبر أكثر الحلفاء العرب أهمية بالنسبة إلى الولايات المتحدة وشريك السلام الذي لا غنى عنه بالنسبة إلى إسرائيل. ثم تنتقل في الإطار ذاته لتقول إن انتخابات الرئاسة مقرر لها العام 2011، ويبدو من المُرجح أن محمد البرادعي، الرئيس السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية الذي يحظى باحترام كبير، سوف يدخل في تحدٍّ ضد الرئيس مبارك، إن ترشح من جديد، أو على الأرجح، ضد نجل الرئيس، جمال.

إلى هنا، تواصل الصحيفة حديثها بالتأكيد على أن قانون الانتخاب المصري يزيد من احتمالية فوز الرئيس مبارك أو خليفته المحدد مرة أخرى. ومع ذلك، فإن احتمال وضع حد لرئاسة مبارك، تزامنًا مع وصول منافس خطر مثل البرادعي، قد تسببا في إحداث حالة من الغليان السياسي التي لم يسبق للقاهرة وإن شهدت مثيلًا لها منذ عقود. وتتابع الصحيفة بالقول إن كثيرًا من الأمور تسير الآن على المحك بالنسبة إلى مصر والمصريين. خاصة وأن انتخابات الرئاسة القادمة تحظى باحتمالية أن تكون أول سباق انتخابي بين متنافسين متكافئين، مقدمة بذلك انفراجة نحو ديمقراطية حقيقية. كما أنها ستكون فرصة لاستعادة بعض من مكانة أمة وادي النيل في العالم العربي.

وبعد تأكيدها على أن مصر بدأت تشهد تراجعًا مهينًا في نفوذها بالسياسة العربية والعلم ووسائل الإعلام، منذ اغتيال الإسلاميين المتطرفين للرئيس السادات العام 1981، تمضي المجلة لتقول إن البرادعي، 67 عامًا، يمثل الآن الأمل الأفضل منذ فترة طويلة لمصر، من أجل تنشيط النظام السياسي، الذي يخضع لأكثر من نصف قرن لهيمنة شخصيات عسكرية وأجهزة أمنية متواجدة في كل مكان. وعلى الرغم من عدم التمكن من معالجة المشاكل الاقتصادية والاجتماعية، التي ازدادت تعقيدًا نتيجة للنمو السكاني السريع، إلا أن الأمور بدأت في التحسن بعد ذلك، مع مرور ما يزيد عن عقدين للرئيس مبارك في السلطة. ومع حدوث انتعاشة اقتصادية غير مسبوقة للبلاد خلال العام الماضي، نمت الفجوة بين الأثرياء والفقراء إلى معدلات مثيرة للقلق.

ثم تمضي الصحيفة لتقول إن المصير الذي لم يُحسم بعد للفلسطينيين الذين يعيشون تحت وطأة الاحتلال الإسرائيلي، يجثم على مصداقية الرئيس مبارك في العالم العربي. وعلى الرغم من مرور سنوات لعبت فيها مصر دور الوساطة، إلا أنه لم يتمكن من المصالحة بين الفصائل الفلسطينية المتنافسة. وتلفت إلى أن أجرأ مبادرات السلام العربية في السنوات الأخيرة لم تأتِ من مصر، بل من العاهل السعودي، الملك عبد الله. كما ثبت أن قطر هي الوسيط الأكثر نشاطًا في النزاعات الإقليمية بين الدول العربية. وتابعت في الإطار ذاته لتقول إن الشغل الشاغل للنظام الحالي الآن هو العمل على احتواء جماعة الإخوان المسلمين ذات الشعبية في البلاد، خاصة في أعقاب الفوز اللافت الذي حققته في الانتخابات البرلمانية العام 2005.

وفي ظل هذه الأجواء، جاءت عودة البرادعي إلى البلاد في التاسع عشر من شهر شباط / فبراير الماضي، ليقوم بجس النبض السياسي وحشد التأييد لترشيح محتمل للرئاسة. وبكل المقاييس، ترى الصحيفة أن البرادعي يمثل في واقع الأمر التحدي الأكبر لهيمنة عائلة الرئيس مبارك على السلطة. وإلى الآن، لا تزال تبدو فرص إجراء مصر لأي شيء يقترب من انتخابات تنافسية حقيقية على الصعيدين البرلماني والرئاسي فرصًا قاتمة. ويرى مطلعون على باطن الأمور داخل الحزب الوطني الديمقراطي أن الأثر الصافي لعامل البرادعي هو زيادة احتمالات إقدام الرئيس مبارك على ترشيح نفسه لولاية أخرى العام 2011 ، إن كان بوسعه ذلك من الناحية البدنية. وهو التشخيص الذي يلقي بشكوك خطرة على الآمال الخاصة ببزوغ فجر حقبة ديمقراطية جديدة.