يعيش أكثر من 50 مطلوبا بتهمة ارتكاب جرائم في بريطانيا ومن بينهم مسؤولين في نظام صدام حسين.

لندن: قال ناشطون في مجال حقوق الانسان ان اكثر من 50 مطلوبا بتهم القتل والتعذيب يعيشون في بريطانيا بمنأى عن الملاحقة القانونية. ونقلت صحيفة الاندبندنت عن الناشطين ان عددا قياسيا من مرتكبي اعمال قتل جماعية وممارسة التعذيب وجدوا ملاذا آمنا في بريطانيا محولين اياها إلى واحدة من عواصم مجرمي الحرب في العالم.

من بين المشتبه بارتكابهم جرائم حرب ويعيشون في بريطانيا مسؤولون كبار في نظام صدام حسين ومسؤول في قسم التحقيقات الجنائية في زمبابوي برئاسة روبرت موغابي وقائد شرطة كونغولي اعترف بارتكاب جريمة خلال مقابلة صحفية.

ولكن على الرغم من ان وزارة الداخلية سلمت اسماء 51 من المشتبه بهم الى الشرطة ، لم تصل قضية واحدة الى حد المحاكمة امام القضاء البريطاني. ورُفضت خلال السنوات الخمس الماضية طلبات 500 آخرين من المشتبه بهم للإقامة في بريطانيا أو الهجرة اليها ومنحهم حق اللجوء بسبب توجس الحكومة البريطانية من ضلوعهم في جرائم حرب.

وقالت صحيفة الاندبندنت ان هذه الأرقام حصلت عليها منظمة quot;ايجيز ترستquot; Aegis Trust لحقوق الانسان التي تعمل ضد جرائم الإبادة ، وانها ترسم صورة عن بريطانيا وتحولها الى الوجهة المفضلة لمجرمي الحرب المطلوبين. وتشير هذه الاحصاءات الى ان شيئا يُذكر لم يحدث لتقديم مرتكبي جرائم الحرب الى العدالة رغم القوانين التي شُرعت لملاحقتهم.
وقال نك دونافان مدير الحملات في منظمة quot;ايجيز ترستquot; ان الوقت حان لتطبيق القانون ومن الضروري القيام باعتقالات تثبت ان القانون رادع ذو مصداقية. وحث دونافان وزارة الداخلية البريطانية على تخصيص موارد كافية لإجراء التحقيقات ذات العلاقة والتفكير في احياء الوحدة المتخصصة بملاحقة جرائم الحرب في اسكتلند يارد.

واشارت صحيفة الاندبندنت الى ان هذه الوحدة أُلغيت في عام 1999 بعد غلق ملفات قلة من النازيين المشتبه بهم كانوا يعيشون في بريطانيا. ولكن جرائم الابادة الجماعية وجرائم الحرب التي شهدتها يوغسلافيا السابقة ورواندا وجمهورية الكونغو الديمقراطية والصومال ودارفور جددت المخاوف من افلات مجرمي الحرب من العدالة بالفرار الى بريطانيا ، بحسب الصحيفة.

ورغم الأمثلة الأخيرة على اعتقال متهمين بارتكاب جرائم حرب في بريطانيا فان هذه القضايا كلها تتعلق بتسليم المتهمين بعد صدور مذكرات القاء قبض بحقهم من دول اخرى وستحال ملفاتهم الى القضاء خارج بريطانيا.

وكانت الحكومة البريطانية اصدرت منذ تسعة اعوام قانونا جديدا يمنح القضاء صلاحية تقديم المتهمين بارتكاب جرائم حرب في الخارج الى المحاكمة في بريطانيا. وحتى الآن لم يصدر بموجب هذا القانون إلا حكم واحد بادانة جندي بريطاني. وفي عام 2004 أُحيلت ثلاثة ملفات فقط تتعلق بارتكاب جرائم حرب الى شرطة اسكتلند يارد لمواصلة التحقيق فيها ، من اصل 47 ملفا. وبحلول العام الماضي ارتفع عدد المتهمين الذين أُحيلوا على الشرطة الى 18 متهما من اصل 143 قضية. وفي نهاية شباط/فبراير هذا العام سلمت وكالة امن الحدود البريطانية ثمانية اسماء أخرى.

ومن اكثر القضايا اثارة للجدل ملفات اربعة روانديين أُلقي القبض عليهم عام 2006 في بيوتهم في مناطق مختلفة من بريطانيا للاشتباه بضلوعهم في ابادة التوتسي وقتل معتدلين من الهوتو عام 1994. ونفى اربعتهم التهم الموجهة اليهم. وفي نيسان/ابريل العام الماضي نقضت المحكمة العليا قرارا اتخذته وزيرة الداخلية وقتذاك جاكي سمث يسمح بتسليم الأربعة الى بلدهم بعدما قرر قضاة المحكمة انهم سيواجهون خطر quot;حرمانهم من اجراء محاكمة عادلة إذا أُعيدوا الى روانداquot;. واطلق قرار المحكمة دعوات تطالب باصلاح القانون فورا بعدما قال منتقدون انه يؤكد وضع بريطانيا بوصفها quot;ملاذا آمناquot; من العدالة لتعذر اعادة المشتبه بهم الى بلدهم أو محاكمتهم في بريطانيا عن أي جرائم ارتكبوها قبل عام 2001. وستُلغى هذه الحدود الزمنية بما يتيح تقديم المتهمين الى المحاكمة عن جرائم يعود تاريخ ارتكابها الى حد عام 1991.

وشدد دونافان على ضرورة تطبيق هذه القوانين وبخلافه ستبقى بريطانيا ملاذا آمنا لمجرمي الحرب لافتا الى ان بريطانيا تؤوي الآن متهمين من رواندا ويوغسلافيا السابقة والصومال وافغانستان. وقال متحدث باسم شرطة اسكتلند يارد ان كل قضية تُعامل على انفراد في ضوء المعلومات التي تتلقاها عن اشخاص مشتبه بارتكابهم جرائم حرب. واوضح متحدث باسم مكتب الادعاء العام ان تعديل القوانين سيتيح للإدعاء العام النظر في الجرائم المرتكبة منذ عام 1991 بعد تحقيقات الشرطة واحالة ملف الأدلة اليه.