أم محمد بلباسها العسكري

ما إن تنظم أحد الأحزاب العسكرية الكبيرة في قطاع غزة، خصوصًا الإسلامية منها، نشاطًا جماهيريًا، حتى تلجأ إلى العنصر النسائي، وكثيرًا ما ترصد عدسات الكاميرات عشرات النساء وهن يحملن الأسلحة، إلا أن الوقائع على الأرض تبيّن أن كل تلك الصور ليست سوىإستعراض إعلامي، ولا أساس له على أرض الوقع، إلا من زوايا محدودة للغاية.

غزة: التقت quot;إيلافquot; عددًا من النساء اللواتي إنخرطن في صفوف الأحزاب الفلسطينية المسلّحة، وتعرفت على الطريقة التي تجد فيها كل إمرأة نفسها لتحقيق quot;أسمى أمانيهاquot;.

quot;فلسطينquot; شابة من سكان مدينة غزة، وتبلغ من العمر 29 عامًا، تعمل في المجال النسائي الخيري بحركة الجهاد الإسلامي منذ عام 2003، تتحدث لـquot;إيلافquot; فتقول: quot;عملنا إجتماعي إنساني وثقافي توعوي بالدرجة الأولى، وليس عمل عسكري مقاوم، ولكننا ننتمي إلى حركة مقاومة، أما لقاءاتنا فتكون إجتماعية لبث روح المحبة والتعاون بينناquot;.

وعن الكيفية والأسباب التي دفعتها للإلتحاق في صفوف حركة الجهاد الإسلامي تقول: quot;إلتحقت بالحركة منذ أن كنت طالبة في المدرسة من خلال الأهل وأنشطة العمل، ومن حبي الشديد لها، وعملها الجهادي، وأفكار الدكتور فتحي الشقاقي، لاسيما وأن الحركة ركزت على القضية الفلسطينية وأنها عنوان المرحلةquot;.

وتتراوح أعداد النساء في صفوف حركة الجهاد الإسلامي من 70 إلى 80 على مستوى مدينة غزة، أما على مستوى القطاع فالعدد أكثر من 300 كما تقول quot;فلسطينquot;.

وتوضح أن خروج الفتيات بزي عسكري على الإعلام في المهرجانات الإحتفالية، لا يعني أنهن يطبقن الأعمال العسكرية على أرض الواقع، وتضيف: quot;عملنا إجتماعي ونتمنى أن يكون مقاوم، ولكن الوضع بغزة مختلف وهناك حصار، وليس هناك مقاومة، ولو أننا في الضفة الغربية، فيمكن أن يكون هناك مقاومةquot;.

وأنهت quot;فلسطينquot; حديثها قائلة: quot;لن أتردد في الإنضمام إلى صفوف المقاومة إذا اتيحت لي الفرصة، وجميع النسوة تطالبن بالمقاومة، وكل الشعب يتمنى مقاومة العدو، فمثلاً هنادي جرادات، ومرفت مسعود، وهبة دراغمة نفذوا عمليات إستشهادية من حبهن للمقاومة، ونحن نتمنى أن نكون مثلهنquot;.

للعمل العسكري أسراره
quot;أم محمدquot; إحدى النساء اللواتي التحقن في صفوف كتائب الناصر صلاح الدين، الذراع المسلح لحركة المقاومة الشعبية المبايعة لنهج الإخوان المسلمين، والأقرب إلى حركة المقاومة الإسلامية حماس، تقول لـquot;إيلافquot;: quot;ما دفعني للإلتحاق بالمقاومة هو الدفاع عن الوطن وحبنا له، والدفاع عن شرفنا وممتلكاتنا المقدسة وعن الأرض، وكي نكون قدوة لأبنائنا وبناتنا بأن يندفعوا نحو المقاومةquot;.
وتتلقىquot;أم محمدquot; أوامرها من المسؤولة عنها، فتوضح: quot;طبيعة عملنا ليست علنية، فالعمل له أسراره، ولا أستطيع الحديث عن آلية العمل، وأين أذهب، وفي أي المناطق أجلسquot;.

وتشير إلى العلاقة ما بين الرجال والنساء في العمل العسكري فتقول: quot;لنا تنسيق مع الرجال المقاومين، فلهم دور كبير، ولكننا أيضا لدينا أشياء خاصة بنا، فإن كان هناك توجيهات نتلقاها من المسؤولة عنا، وننظم اللقاءات والإجتماعات وأحيانًا الندوات، وبهذه الطريقة نوصل المعلومات إلى بعضنا البعضquot;.

وتضيف: quot;تدربت قبل سنة، فحملت البندقية والرشاش وأطلقت النار، وكان ذلك في أماكن تدريب سرية، وكنا بصحبة بعض النساء والرجالquot;. وتتحدث عن قبول الأهل لفكرة إلتحاق المرأة لصفوف المقاومة فتقول: quot;الأهل لا يرغبون ولا يتقبلون هذا الشيء، ولكن الله سبحانه وتعالى راضٍ، أما زوجي وأبنائي فيشجعونني، فهذا فخر وشرف لهم، وليس عيبًا ولا خطأquot;.

لا دورات عسكرية مخصصة للنساء

quot;أبو أحمدquot; الناطق الإعلامي بإسم سرايا القدس الذراع المسلح لحركة الجهاد الإسلامي تحدث لـquot;إيلافquot; حول إنخراط النساء في العمل العسكري، فقال: quot;عمل النساء في المقاومة ليس جديدًا بل هو منذ عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، فقد كانت النساء تخرجن مع الجيوش المقاتلة، ويساعدن في تطبيب الجرحى وتقديم الماء والمعونات، أما اليوم فقد إختلفت المهام والرؤية، فهناك مواجهة مفتوحة مع العدو سواء في فلسطين أو كل مناطق المواجهة مع الإحتلال، لذلك إختلفت الوسيلة التي تجاهد بها هؤلاء النسوةquot;.

ويضيف quot;أبو أحمدquot;: quot;نحن في الجهاد الإسلامي كنا من أول المبادرين إلى انخراط النسوة في العمل المقاوم، وطبعا سبقتنا كتائب شهداء الأقصى وهذا للتاريخ فقط، وكانت العملية الإستشهادية الأولى لكتائب الأقصى، وبعدها تقدمت سرايا القدس في هذا المجال من خلال عملية الإستشهادية هبة دراغمة في حيفا، وعملية هنادي جرادات أيضًا في حيفا، والكثير من العمليات والواجبات الجهادية التي تنفذها النسوةquot;.

ويتحدث quot;أبو أحمدquot; عن لجنة مختصة بالعمل النسائي الإجتماعي والدعوي وليس الجهادي فقط، فيقول: quot;للتوضيح فقط فإن دور النساء في العمل العسكري ليس كبيرًا كما هو دور الرجال، لأن هناك مواصفات خاصة يحتاج إليها المقاوم من ناحية البنية والمسؤولية، ولا تتوفر كثيرًا في معظم النساء بسبب الإرتباطات الإجتماعية والأسرة والزوج والبيت، وهذه الأمور جميعها تفرض علينا ألا تكون النساء متداخلات بشكل كبير في العمل الجهادي، ولكن هناك نوعيات خاصة جدًا نستطيع أن ندمجها في العمل العسكريquot;.

ويتابع قائلاً: quot;هناك أمور محددة وخاصة جدًا حسبما يتطلب العمل، فعندما ينتقى شخص لتنفيذ عمل ما، ربما تكون هناك مواصفات في إمرأة أفضل من الرجال، لذلك يتم إختيارها، أما أن يتم إعداد دورات مخصصة للنساء للعمل في هذا المجال فذلك غير موجود لديناquot;.

وإذا ما كانت المرأة ستضيف جديدًا للعمل العسكري إذا ما انخرطت في صفوفها إلى جانب الرجال يقول quot;أبو أحمدquot;: quot;لكل إنسان طبيعته، فالرجل يختلف عن المرأة، وربما بعض التسهيلات التي تقابل المرأة تساعدها في الوصول إلى أماكن لا يستطيع الرجال الوصول إليها، وأيضًا طبيعة الإنسان، فالمرأة لديها جرأة وإرادة وشخصية قد تضيف جديد إلى العمل المقاوم، ولديها أيضًا الذكاء، ولا بد أن نعترف بأن المرأة في كثير من الأحيان تكون أذكى من الرجل وهذا معروف علميًّاquot;.

ويبين quot;أبو أحمدquot; بأن العمل المقاوم هو عمل تكاملي فيقول: quot;ربما تكون هناك إبداعات للنساء في العمل المقاوم، وبشكل عام لا يمكن أن يعمل الرجل بمفرده أو المرأة بمفردها، وهذا ما يحدث الآن، فيتم التخطيط والتأطير وفق أساس علمي سليم ويكون التنفيذ سواء كان المنفذ رجلاً أو إمرأة فالجميع يستطيع أن يقدمquot;.