الأسبوع الذي انتهى، كان على المستوى الإقليمي، أسبوع السكود، على وقع الضجة الإعلاميةـ السياسية التي أحدثتها اتهامات تل أبيب لدمشق بأنها تقوم منذ فترة بتزويد حزب الله في لبنان بهذا النوع من الصواريخ البالستية، فضلاً عن توجيه تهديد من إسرائيل لسوريا بإعادتها إلى العصر الحجري.

ريما زهار من بيروت،ونضال وتد من تل أبيب: يقول الخبراء العسكريون إن تزويد حزب الله بصواريخ سكود المتوسطة المدى ليس واردًا لمجموعة أسباب أبرزها أنه لا يحتاج إلى هذا النوع من الصواريخ، وهي من طراز متخلف بالمقارنة مع الصواريخ المتطورة التي يملكها، فضلاً عن أنها ليست دقيقة التصويب. وفي تقدير الخبراء إن الجيل الثالث (المطور) من عائلة سكود لا يزال قيد التجربة، وأن الوقت لم يحن بعد لاقتنائه، فضلاً عن أنه لا يشكل جزءًا من منظومة الحزب التي تنوعت كثيرًا في السنوات الخمس الأخيرة، وباتت تضم شبكة مضادة للطيران يمكن نشرها في مختلف المناطق اللبنانية.

قراء إيلاف: الحرب على الأبواب

أما قراء إيلاف فيعتبرون بمعظمهم أن تهديد إسرائيل لسوريا على خلفية سلاح السكود هو جدي، بينما يرى القسم الآخر انه مجرد تهديد ولا يفسر بشيء، بينما ترى نسبة منهم أنها مناورة للعودة إلى المفاوضات، وقد بلغت أصوات القراء عمومًا 8155 صوتًا وقد صوّتوا على الشكل التالي:37,47% إي 3056 منهم رؤوا أن تهديد إسرائيل لسوريا بإعادتها إلى العصر الحجري هو جدّي ويمهد إلى الحرب في المنطقة، بينما رأى 36,74% أي 2996 منهم أن الأمر مجرد تهديد ولا يفسر بشيء، بينما ما نسبته 25,79% أي 2130 رؤوا ان الأمر يشكل مناورة للعودة إلى المفاوضات quot;غير المباشرةquot;.

إيلاف لم تتوقف عن استطلاع آراء القراء، بل توجهت أيضًا بالسؤال إلى سياسيين لبنانيين وخبراء ومحللين إسرائيليين واستفسرت عن رأيهم في الموضوع.

إقرأ أيضًا

محللون إسرائيليون لإيلاف: الحرب مع سوريا ليست بالحسبان

غالبية قراء ايلاف يرون حربًا في تهديد إسرائيل لسوريا

دمشق تكشف أوراقها وتعلن عن مفاجآت تنتظر تل أبيب

سيناريو العراق..هل يتكرر؟

يقول النائب السابق الدكتور مصطفى علوش لـquot;ايلافquot;إن الغاية من اتهام إسرائيل سوريا بتزويد حزب الله بصواريخ السكود يدخل ضمن إطار السيناريو المشابه لما حصل في العراق وفي أماكن أخرى بالنسبة للتحضير للاعتداء على بلد ما، خصوصًا إذا ما بحثنا من الناحية العسكرية عن صواريخ السكود، فهي أقل دقة من الصواريخ الموجودة أصلاً عند حزب الله الآن، ولكن قد تكون ضخامة صواريخ السكود وشهرتها، هما ما تدفع الإسرائيليين وربما الولايات المتحدة الأميركية للبحث فيهما الآن، لتشكل ورقة ضغط من الناحية السياسية، او ربما التحضير لاعتداء.

ويضيف:quot;الملف النووي الإيراني هو العنوان الأساسي لهذه المرحلة سياسيًا وعسكريًا وربما اقتصاديًا من خلال العقوبات التي تفرض، لذلك اعتقد أن أي موضوع يثار على جوانب هذا الموضوع هو متعلق بشكل مباشر بالموضوع النووي الإيراني وقد تكون إسرائيل تحاول اليوم الوصول إلى ضرب إيران من خلال لبنان وإضعاف حزب الله وإضعاف القوة المنتشرة والتابعة لإيران في المنطقة او ربما لادراج إيران في معارك مباشرة من خلال حزب الله، فالمسألة الاساسية كما قلت ليس في صواريخ السكود بل النووي الإيراني.

ويتابع:quot;سوريا هي من تطالب بالمفاوضات غير المباشرة ومن يرفض هي إسرائيل، ولا اعتقد أن الضغط اليوم باتجاه المفاوضات بل هو في الاتجاه الذي تحاول أن تعتمده الدول الغربية خلال السنوات الماضية، من خلال كيفية سحب سوريا من التحالف مع إيران.

عن تهديد إسرائيل سوريا بإعادتها الى العصر الحجري يقول:quot;هذه كلمات اعتقد إنها استعراضية وليست حقيقية، لأن الضوابط الدولية متعددة الاوجه، وليست متعلقة بمدى القوة العسكرية لأي دولة من الدول.

علوش: قد تكون إسرائيل تحاول اليوم الوصول إلى ضرب إيران من خلال لبنان وإضعاف حزب الله وإضعاف القوة المنتشرة والتابعة لإيران في المنطقة او ربما لادراج إيران في معارك مباشرة من خلال حزب الله.

ويتابع:quot;لا اعتقد بان الإدارة الأميركية سوف تنجر بشكل مباشر مع الرغبات الإسرائيلية والشبق الإسرائيلي نحو إشعال الحرب، لان إدارة الرئيس الأميركي باراك اوباما لا تزال تعول على مسار سلمي على الأقل بالنسبة للشرق الأوسط وبالنسبة للعملية السلمية بين العرب وإسرائيل، وتريد ان تصنع حلفاء في الملف النووي الإيراني وان تقلل من الأعداء.

حزب الله: إسرائيل مأزومة

بدوره تحدث النائب السابق في كتلة حزب الله الدكتور اسماعيل سكرية لـquot;إيلافquot; فقال إن إسرائيل اليوم تعيش في قلق ومأزق من تطور الملف النووي الإيراني وتنامي قدرة المقاومة في لبنان، وخوفها من الممانعة السوريا الايرانية في وجه الطروحات الإسرائيلية والاميركية، وهذا يجعلها تفتعل دائمًا عناوين كبيرة حتى تحاول خلق جو ابتزازي وضغط على العالم، للنفاذ إما برادع ما اما لدعم إسرائيل اكثر وأكثر او لتصل إلى حرب.

ويضيف:quot;إحتمال الحرب وارد، لكن إسرائيل لا تضمن نجاحها وإلا كانت شنت تلك الحرب منذ زمن بعيد. ولو استطاعت إسرائيل إثبات ان صواريخ السكود وصلت الى لبنان لماذا لمتقصفها وهي على الطريق، حيث فعلت ذلك في سوريا ومحلات عدة.

عن تهديد إسرائيل سوريا بإعادتها إلى العصر الحجري يقول:quot;هذه لغة تدين إسرائيل وتسيء إليها، وهي لغة غير مقبولة عالميًا، فلا دولة اليوم تقول لأخرى سارجعك الى العصر الحجري، واليوم إسرائيل هي أعجز من ان تحمي نفسها، بعد هزيمتها في حرب تموز/يوليو، وهو كلام يعبر عن ان إسرائيل متوترة الإعصاب وقلقة.

ويتابع: quot;أميركا غير متأكدة اليوم ولا تريد ان تأخذ على عاتقها فريقًا ضد آخر، ولو كانت متأكدة من هذا الفعل لكانت استغلت الامر ضد سوريا. وإسرائيل اليوم أحرجت أميركا بما فيه الكفاية بطروحات السلام مع اوباما، وتنتهج منهج التشدد.

حزب الله: لو استطاعت إسرائيل إثبات ان صواريخ السكود وصلت الى لبنان لماذا لمتقصفها وهي على الطريق، حيث فعلت ذلك في سوريا ومحلات عدة.

ويضيف سكرية:quot;أقول أن هذا الاتهام جزء من الحرب النفسية وحرب الأعصاب، وموقف حزب الله قد صدر من هذا الاتهام ويضيف:quot; لا يحق لإسرائيل بهذا الاتهام لأن المقاومة يحق لها أن تتسلح بأي شكل من الأشكال، إذ ما زالت أرضنا محتلة ويحق لنا أن نستعين بأي سلاح لتحرير تلك الأرض.

تقدير الموقف من وجهة نظر إسرائيلية

المحلل السياسي الإسرائيلي، يوآف شطيرن في حديث خاص مع quot;إيلافquot;يقولإن التلاسن الكلامي بين سوريا وإسرائيل هو ظاهرة بتنا نشهدها من حين لآخر، وهي بمثابة أداة تستخدمها إسرائيل للضغط على سوريا، دون أن يكون الهدف منها تصعيدًا عسكريًا حقيقيًا.

ولفت شطيرن إلى أن إسرائيل تنقل الرسائل لسوريا بعدة طرق ومن خلال عدة قنوات، تركيا وفرنسا، وأطراف أخرى ولكن عندما يتعلق الأمر بقضية لها إسقاطاتها وتأثيرها ووزنها مثل نقل صواريخ سكود من سوريا لحزب الله، تطفوا الأمور إلى السطح وتصدر التصريحات المحذرة. كما يتأثر ذلك بشك كبير بالموقف الأميركي من سوريا. فمنذ فترة طويلة وإدارة أوباما لا تتعجل ترتيب علاقتها مع سوريا وإزالة الشوائب المعيقة لهذه العلاقة، إذ إن أوباما، على ما يبدو يعتقد أن سوريا لا تسير وفق ما كان يفضله هو على الرغم من أنه يمكن الافتراض بأن المطالب التي توجهها الإدارة الأميركية لسوريا أقل مما يبدو إعلاميا.

وأضاف شطيرن، الذي يعمل أيضًا في مركز بيرس للسلام إنه يعتقد بأن على سوريا أن تمتنع عن الخطوات التي تقوم بها مؤخرا لأن ذلك سيحسن مكانته الدبلوماسية ويظهر إسرائيل بمظهر الرافض للسلام. وخلص شطيرن إلى القول إن هذه المناوشات الكلامية بين إسرائيل وسوريا مرشحة للتواصل لكنها لا تقترب إطلاقا من التصعيد العسكري الحقيقي.

محاولة لرسم ميزان ردع

نيشر: هدف التصعيدالرئيس، إسرائيليا، هو بالذات الامتناع من الوصول إلى حالة من الاشتباك العسكري أو التصعيد العسكري.

ويتفق موقف شطيرن هذا مع موقف محرر شؤون الشرق الأوسط في الإذاعة الإسرائيلية ، يوسي نيشر، الذي كان اعتبر في حديث خاص مع quot;إيلافquot; في الأسبوع الماضي أن هذا التصعيد هو تصعيد موسمي نشهده في كل صيف تقريبا، معتبرا أن هدفه الرئيس، إسرائيليا، هو بالذات الامتناع من الوصول إلى حالة من الاشتباك العسكري أو التصعيد العسكري.

وأشار نيشر إلى أن كثيرا من هذه المناوشات، صدرت عن جهات يمينية في الحكومة، وأن نتنياهو مضطر بفعل تشكيلة حكومته اليمينية إلى غض الطرف تفاديًا لشق الحكومة أو إسقاطها.

الاعتبارات الداخلية لكلا الطرفين حاضرة بقوة

أما المستشرق الإسرائيلي ميخائيل كوميم فيرى أن كل هذا التصعيد مرتبط أساسا بالمصالح والاعتبارات التي توجه كل من هذه الدول، فسوريا معنية بالإبقاء على سيطرتها على لبنان، من جهة، والوصل إلى سلام مع إسرائيل يعيد لها أكبر ما يمكن من هضبة الجولان. في المقابل فإن إسرائيل تسعى إلى تحقيق الهدوء على الجبهة الشمالية وسلام مع سوريا دون إعادة الجولان.

وفي هذا السياق يرى كوميمأنه من السهل على إسرائيل مواصلة تصوير حزب الله والاحتفاظ به كعدو يهدد تقريبا كل العالم. ويرى كوميم أن حزب الله يسعى بدوره إلى التشييع في لبنان وباقي أقطار العالم كجزء من الدور الإيراني، وأنه يتغطى بعباءة الوطنية اللبنانية ومواجهة الاحتلال الإسرائيلي. ويستعين حزب الله لتحقيق هذا الهدف بسوريا للإبقاء الصراع الدائم مع إسرائيل على نار هادئة.

كوميم:نصر اللهصادق في حديثه عندما يقول إن إسرائيل ليست بحاجة لذريعة لإشعال الحرب، لكنه يكون مفضلا دائما أن يتوفر quot;سببquot;.

وبحسب كوميم، فإن نصر اللهصادق في حديثه عندما يقول إن إسرائيل ليست بحاجة لذريعة لإشعال الحرب، لكنه يكون مفضلا دائما أن يتوفر quot;سببquot; أو عامل يمكن أن تشرح به سبب خروجك للحرب سواء لمواطنيك أم للعالم.

ويلفت كوميم أيضًا إلى أن هناك دوافع أخرى تفسر هذا التصعيد من جانب إسرائيل وفي مقدمتها محاولة حكومة نتنياهو لفت الأنظار عما يدور على الساحة الفلسطينية - الإسرائيلية وعن quot;التدخلquot; الأميركي الفظ، وفق اعتقاد إسرائيل بما يحدث على المسار الإسرائيلي الفلسطيني.