صورة ضوئية عن قرار النائب العام

بعد نحو أسبوع من سيل المعلومات الجارف، والمبالغات والروايات الصحافية المتعددة والمتضاربة في الداخل الكويتي بشأن خلية التجسس الإيرانية، بدت الصحف الكويتية اليوم خالية من أي معلومات جديدة إمتثالاً لقرار النائب العام بحظر النشر تحت طائلة القانون، وسط معلومات عن إتصالات كويتيّة إيرانيّة لإحتواء الموقف، وإبقاء المسار الأمني هو المسيطر على قصة الشبكة.

الكويت: على الرغم من أن الصحف الكويتيّة الصادرة اليوم قد جمعت معلومات أكثر طيلة ساعات يوم أمس بشأن قضية خلية التجسس الإيرانية، إلا أن إدارات الصحف قد إمتثلت بدقة متناهية لأمر النائب العام المستشار حامد العثمان الذي أصدر مساء يوم أمس قرارًا أمس يقضي بحظر النشر، والبث في قضية شبكة التجسس المعروضة حاليًّا امام النيابة العامة الكويتية، وسط إلتزام كامل من الصحف الكويتية، وكذلك القنوات الفضائية المرخصة كويتيًّا، علمًا أن القرار المشار إليه لا يسري على الصحف ووسائل الاعلام خارج الكويت، كونها غير مخاطبة اصلاً بالقانون وغير معنية به، وهو الامر نفسه الذي ينطبق على آلاف المواقع الاخبارية والمدونات على شبكة الانترنت في ظل عدم وجود قانون في شأن النشر الالكتروني.

وحتى ساعات المساء أمس فإن السفارة الإيرانية في العاصمة الكويتية قد أبقت على نشاطها الدبلوماسي والإعلامي المكثف بشأن هذه القضية، والإتهامات التي وجهتها الى طهران أطراف برلمانية وإعلامية كويتية، قبل أن يلتقي السفير الإيراني لدى الكويتي علي جنتي وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء- وزير الخارجية بالوكالة روضان الروضان، إذ تؤكد معلومات quot;إيلافquot; بأن الوزير الكويتي إستعرض مع السفير الإيراني الوضع القائم، وسير التحقيقات، وإنعكاساتها على العلاقات الكويتية الإيرانية، وفيما إلتزم الوزير الكويتي الصمت بعد اللقاء، إستثمر جنتي ذلك اللقاء بإعلان مقتضب لوسائل الإعلام الكويتية بأن الوزير الروضان أحاطه علمًا بأنه لا دخل لطهران بهذه القضية، وأنها لا توجه إتهامات لأحد، وسط معلومات بأن وفدا أمنيا إيرانيا سيصل الى العاصمة الكويتية في غضون ساعات لإحتواء الموقف، وإبعاده عن الدائرة السياسة، وإبقاء مسار قضية التجسس المتهمة بها إيران حتى الآن، أمنيًا فقط، وسط سعي برلماني كويتي لعقد جلسة خاصة للبرلمان لمناقشة التهديدات والإختراقات الأمنية الأخيرة.

وبشأن قرار النائب العام الكويتي فإن القرار رقم quot;3quot; لسنة 2010 بشأن حظر النشر في الجناية رقم quot;2quot; لسنة 2010 quot;امن دولةquot; يتضمن مادتين, تنص اولاهما على ان quot;يحظر نشر او بث او اذاعة اي اخبار او بيانات او معلومات متعلقة بالجناية رقم 2 لسنة 2010 المشار اليها وما تجريه النيابة العامة من تحقيقات فيهاquot;, اما الثانية فتنص على ان quot;يعمل بهذا القرار من تاريخ صدوره ويعمم على الجهات المعنية للعمل به وتنفيذهquot;.

ويستند قرار النائب العام - الذي تولت وزارة الاعلام الكويتية توزيعه وتعميمه على الصحف ووسائل الاعلام - الى المادة رقم quot;75quot; من قانون الاجراءات والمحاكمات الجزائية الصادر بالقانون رقم 17 لسنة ,1960 والى القانون رقم quot;3quot; لسنة 2006 في شأن المطبوعات والنشر, والقانون رقم 61 لسنة 2007 بشأن الاعلام المرئي والمسموع, والى قرار النيابة العامة الصادر بتاريخ 4 مايو الجاري في الجناية المذكورة بجعل التحقيق فيها سريا.

الكويت: شبكة التجسس الإيرانية في قبضة النيابة العامة

وتنص المادة رقم quot;75quot; من قانون الاجراءات والمحاكمات الجزائية رقم 17 لسنة 1960 على انه quot;يجوز للمحقق، اذا اقتضت ضرورة التحقيق ذلك ان يأمر بجعله سريًّاquot; اما المادة quot;21quot; من القانون رقم 3 لسنة 2006 في شأن المطبوعات والنشر فتحظر نشر كل ما من شأنه quot;اهانة او تحقير رجال القضاء او اعضاء النيابة العامة او ما يعد مساسا بنزاهة القضاء وحياديته او تقرر المحاكم او جهات التحقيق سريتهquot;.

وتحدد المادة quot;27quot; في قانون المطبوعات والنشر العقوبة المقررة في حالة النشر - بالمخالفة لقرار النائب العام - اذ تنص على انه quot;اذا نشر في الصحيفة ما حظر في المادة (21) يعاقب رئيس التحرير وكاتب المقال او المؤلف بالغرامة التي لا تقل عن ثلاثة آلاف دينار كويتي ولا تزيد على عشرة آلاف دينارquot;، فضلاً عن انه quot;يجوز للمحكمة الجزائية ان تأمر بإلغاء الترخيص او تعطيل الصحيفة مدة لا تزيد على سنة واحدة ومصادرة العدد المنشور وضبط النسخة والدعامة الاصلية المثبت عليها اعدامها اغلاق المطبعة المستخدمة في الطبعquot;.


وفي إفتتاحيتها اليوم كتبت صحيفة القبس الكويتية تحت عنوان (بائع الوطن لا دين له ولا طائفة): quot;عندما انفردت القبس يوم الجمعة الماضي بنشر نبأ شبكة التجسس، لم نسعَ الى الإثارة، بل قمنا بواجبنا المهني في تقديم المعلومة للقارئ، وفق نهج القبس التي تقدم دائمًا المصداقية على السبق. ولما قررنا النشر، بعد وقت طويل من المتابعة والمراجعة، فرضنا على أنفسنا أشد القواعد الملتزمين بها في مثل هذه الحالات، وأهمها التأكد من صحة الخبر، ومن صدق مصدره، ثم التأكد من مصدر آخر موثوق به.. وهذا ما فعلناه. وفي ضوئه جاء النشر كالتزام مهني وأخلاقي.

اما الفرقة والتنابز والتهافت لتحقيق مكسب سياسي تافه، أو للتشفي واثارة النعرات، فهي أمراض ليست فينا. فنحن من أصلب الداعين إلى محاربتها، لأننا مؤمنون بأن شرف الغاية من شرف الوسيلة، وأن هذا الوطن الجميل هو لجميع أبنائه دون تمييز، وأنهم جميعاً له دون تفرقة. لقد بدأت الأجهزة الأمنية تحيل المشتبه فيهم إلى النيابة، فإن أثبت القضاء اتهامهم، فنحن معنيون بخيانتهم ولسنا معنيين بطوائفهم، فبائع الوطن لا دين له ولا طائفة.

وإن كان من كلمة نقولها مع وصول الملف إلى قضائنا العادل، فلا بدّ من إقرار أن الكويتيين، مع الأسف، في حالة صراع دائم، وخلافات وشقاقات مستمرة، تتفاقم في الأزمات وتتعقد عند الأخطار. والمؤسف أكثر انها تتجلى، وربما صارت تزدهر، عند التصدي للتحديات الخارجية والأجنبية، وهذا أمر غير طبيعي، فالشعوب تتكاتف وتتآزر في وقت المحن والشدائد، وهو ما كنا عليه أيام الغزوquot;.