تعيش بريطانيا حالة من الضباب الكثيف الذي يلف مستقبلها السياسي والاقتصادي. فلا أحد يدري إلى اين ستسير المفاوضات.

لندن: فاز حزب المحافظين في الانتخابات النيابية البريطانية التي جرت الخميس بلا اكثرية مطلقة، محرزا 306 مقاعد، مقابل 258 لحزب العمال و57 لحزب الديموقراطيين الاحرار من اصل 650، بحسب النتيجة الرسمية المنبثقة من الدوائر كافة.

تتوالى الأحداث في بريطانيا laquo;المعلّقةraquo;. نِك كليغ، زعيم الليبراليين الديمقراطيين، يعلن أولا أن من حق ديفيد كاميرون زعيم المحافظين السعي لتشكيل الحكومة بناء على أغلبية حزبه الانتخابية. وبعد حوالي الساعة يحاول الزعيم العمالي غوردون براون استمالة كليغ اليه بمنحه laquo;حافزا - رشوةraquo; عبارة عن تشكيل حكومة تسعى لإصلاح النظام الانتخابي الذي يسعى اليه الليبراليون.

وبعدها بأقل من ساعة يتحدث كاميرون من جهته ليقول إنه يشكر كليغ على إقراره بأن من حق المحافظين تشكيل الحكومة. ومن باب laquo;رد التحية بأحسن منهاraquo;، يعلن إنه لا يمانع في النظر في الاستعانة بكتل أو كتلة خارجية (في إشارة الى الليبراليين أنفسهم).

ويمضى لشرح هذا الأمر بقوله إن ثمة اختلافات في البيانين السياسيين للحزبين المحافظ والليبرالي واضحة للعيان، وإنه كان يأمل في أن يكون باستطاعة حزبه الحكم منفردا لكن الناخبين لم يتيحوا له هذا برغم أن أغلبيتهم صوتت له.

لكنه قال أيضا إن هناك الكثير من الأشياء المشتركة التي تجمع حزبه والليبراليين. ومن هذه، على حد قوله، السعي لإصلاح النظام السياسي، ونظام الضرائب، وصون استقلال بريطانيا في الإطار الأوروبي، والبيئة وغيرها.

وبناء على كل هذا فهو يقدم لزعيم الليبراليين عرضا laquo;كبيرا مفتوحا وشاملاraquo; يتمثل في الجلوس الى طاولة المفاوضات حول كيفية تعزيز ما يجمع، والأهم، كيفية التعامل مع ما يفرّق. وشدد على أن السبيل الوحيد الى هذا يمر عبر laquo;التنازلات المشتركة واتضحيات المعقولة من الجانبينraquo;. وفي حال التوصل الى اتفاق حول كل هذه الأمور فهو على قناعة بإمكان خروج البلاد من حالة عدم اليقين التي أتى بها الناخبون.

بعبارة أخرى فإن كاميرون يعرض على كليغ الاستعانة به في تشكيل حكومة ائتلافية بينهما، جائزة له على استبعاده التحالف مع العماليين وتقرّبه الى المحافظين.

لكن هذا لا يعني بالطبع أن بريطانيا خرجت من الضباب الكثيف الذي يلف مستقبلها السياسي والاقتصادي. فلا أحد يدري الى أين ستسير المفاوضات، الطويلة ولا شك، بين المحافظين والليبراليين، خاصة عندما تصطدم بالعديد من المشاكل الحيوية التي تفرق الجانبين في مختلف المجالات وأهمها، بالنسبة لكليغ، إصلاح النظام الانتخابي.

وفي غضون ذلك يقبع غوردون براون في 10 داونينغ ستريت رئيسا للوزراء بقوة الدستور، الى حين نجاح مفاوضات كاميرون - كليغ.. أو فشلها وفي هذه الحالة قد يبدأ هو مفاوضاته مع زعيم الليبراليين... أي أنه يظل رئيسا للوزراء الى أجل غير مسمى حاليا، وعلى الأقل ليس قبل بداية الأسبوع المقبل.