دافع ديفيد كاميرون عن حكومته الائتلافية بين حزب المحافظين بزعامته وحزب الديمقراطيين الاحرار بزعامة نِك كليغ، وأعلن عن إطلاق عملية تدقيق في النفقات الباهظة التي أجراها سلفه غوردن براون.
لندن: كشف رئيس الحكومة البريطانية ديفيد كاميرون الاحد في اول حديث تلفزيوني له منذ توليه رئاسة الحكومة الثلاثاء عن ان الائتلاف الحكومي يستند الى قيم مشتركة ودوافعه لا تعود الى تعطش الى السلطة.
وقال كاميرون في مقابلته مع تلفزيون quot;بي بي سيquot; quot;ان الامر ليس عبارة عن مجموعة من الاشخاص التقوا سعيًا لتسلم السلطة من اجل خفض النفقاتquot;، مشددًا على أن الائتلاف بين الحزبين quot;يستند الى قيم، ونحن نؤمن بالفعل انه لا بد من مزيد من الحرية في مجتمعنا وان الدولة باتت ضخمة جدًا ومتسلطة جدًاquot;.
وبعد الانتخابات البرلمانية غير الحاسمة الاسبوع الماضي وحد حزب المحافظين بزعامة كاميرون والذي ينتمي ليمين الوسط وحزب الديمقراطيين الاحرار المنتمي ليسار الوسط جهودهما لتشكيل اول حكومة ائتلافية في بريطانيا منذ العام 1945 .
وكان المحافظون البريطانيون قد حلّوا في المرتبة الاولى في انتخابات مجلس العموم التي جرت في السادس من ايار/مايو الماضي وتحالفوا مع الديموقراطيين الاحرار الذين حلوا في المرتبة الثالثة لتشكيل الحكومة الائتلافية الجديدة.
وانهى هذا الائتلاف الاول من نوعه منذ الحرب العالمية الثانية حكم حزب العمال الذي دام 13 عاما، الا ان الخلافات في وجهات النظر بين الحزبين خصوصًا بشأن اوروبا والملفين النووي والدفاعي تطرح تساؤلات كثيرة حول مدى قدرة هذا الائتلاف على الاستمرار.
واكد كاميرون انه يعتبر نفسه quot;محافظًا ليبراليًاquot; مضيفًا quot;انا ليبرالي لانني اؤمن بالحرية وبحقوق الانسان الا انني محافظ لانني متشكك ازاء ما يتعلق بالنظريات الكبرى لاعادة صوغ العالمquot;، وراى كاميرون ان هذه الحكومة ستكون عبارة عن quot;تحالف تقدميquot; مستعيرا عبارة استخدمها حزب العمال في السابق لوصف تحالف محتمل بين العمال والديموقراطيين الاحرار.
وأكد كاميرون ان كليغ الذي بات نائب رئيس الحكومة سيكون quot;في قلب الحكومةquot;. واوضح ايضًا ان كليغ سيحل مكانه اذا دعت الحاجة للرد على الاسئلة الاسبوعية امام اعضاء مجلس العموم كما ستكون له كلمته في التعيينات.
وشنّ كاميرون هجومًا عنيفًا على التركة التي خلفتها حكومة غوردن براون العمالية خصوصًا في المسائل المالية، واعلن عن اطلاق الاثنين عملية تدقيق مستقلة حول النفقات العامة quot;العشوائيةquot; التي قامت بها الحكومة السابقة منذ نحو عام.
وقال quot;ما شاهدناه حتى الان (في الحسابات) هو عبارة عن امثلة معزولة عن سوء الادارة، واذا اردنا ان نكون صريحين فاننا نقول انها سؤ تصرفquot;، واضاف كاميرون quot;ان حكومة حزب العمال اتخذت قرارات حول النفقات خلال العام الماضي ما كان يمكن لاي حكومة سليمة ان تتخذهاquot;. ولم يستبعد كاميرون بشكل قاطع زيادة الضريبة على القيمة المضافة لتعزيز خزينة الدولة الا انه شدد على ان بند النفقات quot;هو الذي سيتحمل القسم الاكبر من العبء للحد من العجزquot;.
والتقى كليغ الاحد في مؤتمر مغلق ناشطي حزبه في برمنغهام (وسط) الذين وافقوا بquot;اكثرية ساحقةquot; على الائتلاف الحكومي مع حزب المحافظين حسب ما نقلت وكالة برس اسوسييشن التي اوضحت ان نحو عشرة اشخاص فقط من اصل نحو الفي ناشط من الديموقراطيين الاحرار لم يوافقوا على الائتلاف.
وكان كليغ اعلن في مقابلة نشرت السبت في الغارديان ان الائتلاف الحكومي quot;فاجأ لا بل صدمquot; البعض داخل حزبه. وافاد استطلاع للراي نشرته الاحد صحيفة الاندبندنت ان ثلث ناخبي الديمقراطيين الاحرار يعتبرون ان نِك كليغ quot;ضحى بافكارquot; الحزب بتحالفه مع المحافظين وكان من الافضل التحالف مع العمال.
كما انتقد الزعيم السابق لحزب الديموقراطيين الاحرار تشارلز كندي في مقابلة مع الاوبزرفر هذا الائتلاف معربًا عن تخوّفه من ان يتعرض انصار حزبه الى الاستيعاب من قبل المحافظين.
وكان قدعقد رئيس الوزراء البريطاني الجديد ديفيد كاميرون الخميس، اول اجتماع لحكومته الائتلافية التي تصدّر اولوياتها إنقاذ الاقتصاد الهش.
وشكك محللون بنجاح الائتلاف الحكومي التاريخي متوقعين ألا يستمر طويلاً، في حين سيكون أول اختبار لهذه الشراكة هو تقليل العجز القياسي في موازنة بريطانيا والذي يزيد على 11 في المئة من الناتج القومي. واجتمع نائب رئيس الوزراء الجديد كليغ وأربعة من وزراء حزبه مع زملائهم الجدد من quot;المحافظينquot; في مقر رئاسة الحكومة في quot;10 داوننغ ستريتquot; في اول اختبار لإمكانية نجاح وعدهم بتطبيق quot;سياسة جديدةquot; في بريطانيا. وتتركز اولوية الحكومة الجديدة التي تعد اول حكومة ائتلاف في بريطانيا منذ الحرب العالمية الثانية، على معالجة العجز القياسي في الموازنة وإنعاش الاقتصاد من الركود العميق الذي يعاني منه، اضافة الى تحدي وضع موازنة جديدة للبلاد خلال 50 يومًا.
وأسندت عدد من الحقائب الوزارية المهمة الى quot;المحافظينquot; ومن بينها حقيبة المال التي حصل عليها جورج اوزبورن، وحقيبة الخارجية لوليام هيغ والدفاع التي شغلها ليام فوكس.
اما حزب الديمقراطيين الأحرار فحصل على خمسة مناصب من بينها منصب نائب رئيس الوزراء الذي اسند الى كليغ ووزير شؤون الأعمال فينس كيبل فيما حصل كريس هيون على حقيبة الطاقة والتغير المناخي، ويتوقع ان يحصل عدد آخر على مناصب وكلاء وزارات.
ويتعين على الحزبين التكيف مع العمل معًا بعد سنوات من الخلافات وبعد خوض معركة شرسة في الحملة لانتخابات السادس من ايار (مايو) الجاري التي اسفرت عن برلمان معلق للمرة الأولى منذ العام 1974.
وحصل حزب كاميرون على اكبر عدد من المقاعد الا انه لم يحصل على الغالبية التي تؤهله تشكيل حكومة، مما دفعه الى التحالف مع حزب الديموقراطيين الأحرار.
وطلبت الملكة اليزابيث الثانية من كاميرون تشكيل حكومة في وقت متأخر الثلاثاء بعد استقالة رئيس الوزراء quot;العماليquot; غوردون براون. وعلى الأثر، انتعشت بورصة لندن كما انتعش الجنيه الإسترليني بعد ايام من التوتر، كما افتتح مؤشر quot;فوتسيquot; لأسهم 100 شركة على ارتفاع طفيف امس.
وأكد وزير الخارجية الجديد وليام هيغ على قوة الائتلاف الذي يعطي الحكومة الجديد عددًا كافيًا من المقاعد في البرلمان يمكنها تمرير مشاريعها من القوانين.
التعليقات