أنقرة تهدد بإعادة النظر في علاقاتها مع إسرائيل

إسرائيل تهاجم quot;أسطول الحريةquot; ومقتل اكثر من عشرة اشخاص

دبي: كرست تركيا نفسها بعد الهجوم الاسرائيلي على quot;اسطول الحريةquot; ومواقف انقرة الحازمة حيال اسرائيل، بطلة في نظر الشارع العربي الذي يئس من عجز انظمته عن مواجهة الدولة العبرية، وهي باتت تمثل بحسب المحللين نموذجا مقبولا لشعوب المنطقة في وجه النموذج الايراني.

فمن المحيط الى الخليج مرورا بالقدس والمدن العربية في اسرائيل، حمل متظاهرون اعلاما تركية الى جانب صور رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان، واعادت تركيا العلمانية الى الاذهان زمن السلطنة العثمانية التي حكمت دول المنطقة لقرون.

وقال المحلل السياسي المتخصص في الشؤون التركية ميشال نوفل لوكالة الانباء الفرنسية ان quot;التزام تركيا المتزايد بالحقوق الفلسطينية واصرارها عليها، وتصعيد اردوغان وصعوده الى واجهة الصراع مع اسرائيل تجعل الشارع العربي ينظر اليه مثل عبدالناصر الجديدquot;.

وبحسب نوفل الذي اصدر كتابه quot;عودة تركيا الى الشرقquot;، فان quot;تركيا لم يعد ينظر اليها كحصان طروادة للغرب في المنطقةquot;، في اشارة الى تحالف تركيا الوثيق مع الولايات المتحدة واوروبا واعترافها باسرائيل قبل اي دولة اسلامية اخرى. ويضيف نوفل ان الدور التركي الجديد quot;وازن وموازن، اي انه يعوض عن انكفاء الانظمة العربية ويضع حدا لاسرائيل من جهة، ويحمل توازنا ايجابيا في وجه ايران من جهة اخرىquot;.

وفي كل مناسبة او تظاهرة نظمت في العالم العربي خلال الايام الماضية حول quot;اسطول الحريةquot;، كانت الحشود تصفق مطولا وبحرارة لتركيا. ففي صنعاء هتف عشرات الالاف في الشوارع quot;تركيا تركياquot; ووصف نواب في الكويت انقرة بالquot;بطلةquot; وquot;الشجاعةquot;.

وصفق المشاركون في مؤتمر فلسطين للاستثمار، الذي افتتح الاربعاء في بيت لحم، بحرارة استثنائية عندما اشار الرئيس الفلسطيني محمود عباس الى تركيا. وقال المحلل السياسي والصحافي المخضرم المقيم في لندن عبد الوهاب بدرخان ان quot;الخط التركي يمثل خشبة الخلاص للشارع العربي مقابل عدم جدوى الانظمة العربية وعدم جدوى ما تقوم بهquot; لتحقيق مكاسب في وجه اسرائيل.

ويرى بدرخان ان quot;شعبية تركيا كان يمكن ان تكون مجيرة لايرانquot; التي هي ايضا تضع نفسها في مواجهة شرسة مع اسرائيل، quot;لكن الصراع السني-الشيعي حال دون ذلك، اضافة الى طابع التحدي والفوقية والاستكبار على العرب في الدور الايرانيquot;، على حد قوله. ووقف وزير الخارجية التركي احمد داود اوغلو الاثنين امام مجلس الامن الدولي وقال ان اسرائيل quot;فقدت كل شرعية دوليةquot;.

من جانبه، قال المحلل السياسي ورئيس تحرير صحيفة القدس العربي الصادرة في لندن عبد الباري عطوان لوكالة الأنباء الفرنسية ان quot;تركيا ادركت بحسها الذكي ان البوابة الفلسطينية هي الوحيدة التي يمكن ان تعطيها دورا كبيرا في العالم الاسلاميquot;، ولو ان شعبيتها لدى العرب quot;تقوم ايضا على انها نموذج اقتصادي وديموقراطي واسلامي معتدلquot;.

واضاف عطوان انه quot;لو ترشح اردوغان في العالم الاسلامي لحكم العالم الاسلامي دون اطلاق رصاصة واحدةquot; وquot;لاول مرة يضع العرب القومية جانبا وتطغى الاسلامية المعتدلة على القومية العربيةquot;. واكد عطوان ان تركيا تحظى بقبول اكبر في المنطقة مقارنة بايران quot;لان الاتراك سنة ولانهم لا يتصادمون مع الغرب كما تفعل ايرانquot;، كما ان لتركيا بحسب قوله تأثير كبير لكونها عضو في الحلف الاطلسي.

وبحسب المحللين الثلاثة، تعطي تركيا تحت حكم حزب العدالة والتنمية صورة ايجابية عن اسلام منفتح وديموقراطي، وهي صورة تجذب المسلمين العرب الذي سئموا من الصاق صورة الارهاب بهم. لكن صعود الدور التركي بشكل quot;صاروخيquot; في العالم العربي لا يمكن ان يكون من دون حدود او من دون اثارة حساسيات لدى القوى العربية التقليدية.

وقال نوفل ان quot;هناك تشككا عربيا على المستوى الرسمي ازاء الدور التركي، لا سيما لدى مصرquot; التي تعد القوة العربية الابرز، لكن التشكك يبقى مضمرا quot;لان اي نقد علني لتركيا ليس شعبيا وليس رابحاquot;. ورأى نوفل ان quot;بعض الانظمة تريد استخدام تصاعد الدور التركي في المواجهة مع ايران او في الصراع السني-الشيعي وتركيا لا تريد ذلكquot;.

اما بدرخان فدعا الى quot;النظر الى الدور التركي المتصاعد بشيء من الواقعية فالدور لن يذهب ابدا ابعد مما تقتضيه مصلحة تركياquot;. وخلص الى القول ان انقرة quot;لا تستطيع ان تخرج من المظلة الاميركية والمظلة الاميركية لها شروطها وحدودها وهي ان يبقى دوما لاسرائيل موقع كبيرquot;.