اسطنبول: من شان الأزمة التي نشبت بين تركيا وإسرائيل اثر الهجوم الإسرائيلي على اسطول المساعدة الانسانية المتوجه الى قطاع غزة وما اسفر عنه من مقتل تسعة اتراك، ان تعزز سلطة رجب طيب إردوغان، رئيس الحكومة المنبثق من تيار اسلامي محافظ والذي يخوض اختبار قوة مع المعارضة العلمانية وانصار كمال اتاتورك.

ومنذ اندلاع الأزمة بين البلدين الاثنين، يتظاهر عشرات الالاف في اسطنبول منددين بإسرائيل ومصلين عن ارواح الاتراك الذين سقطوا على ايدي كوماندوس إسرائيلي على متن سفينة مافي مرمرة. وتجمع نحو عشرة الاف متظاهر الجمعة مرددين في باحة جامع بيازيد الكبير عقب صلاة الجمعة quot;فلتسقط إسرائيلquot; وquot;اخرجي من فلسطينquot; وquot;تحيا الانتفاضةquot;.

وقد صلى ما بين 15 وعشرين الف شخص عن ارواح ضحايا الهجوم الخميس امام مسجد آخر في اسطنول مرددين quot;نحن جنود حماسquot; حركة المقاومة الاسلامية التي تسيطر على قطاع غزة. واحرق المتظاهرون مساء الثلاثاء صور الرئيسين الإسرائيلي شيمون بيريز والاميركي باراك اوباما في احدى ساحات اسطنبول.

ورغم ان رئيس الوزراء رجب طيب إردوغان لا يستعمل العبارات نفسها، الا ان انتقاداته الشديدة لإسرائيل منذ مطلع الاسبوع تواكب شعارات الشارع وقسم من ناخبيه في الاوساط الشعبية. واتهم إردوغان الدولة العبرية quot;بنسف السلام الاقليميquot; وحذر من ان quot;صداقة تركيا ثمينة لكن عداءها عنيف جداquot;.

من جانبه حذر الرئيس عبد الله غول الخميس من ان العلاقات بين بلاده وإسرائيل التي كانت استراتيجية quot;لن تعود ابدا كما كانت عليهquot; بعد الهجوم. ويبدو رئيس الوزراء الذي بات بطل القضية الفلسطينية في نظر الراي العام التركي وحتى العالم العربي، كانه يتناغم مع عشرات الاف المتظاهرين الذين يرفعون اعلاما فلسطينية.

حتى ان صحيفة حريات دايلي نيوز ذهبت الى القول ان الحكومة التركية شجعت الناشطين المتضامنين من الفلسطينيين على التوجه الى قطاع غزة. وكتب محمد علي بيراند ان quot;هذه العملية نحو غزة تمت بموافقة ضمنية من وزارةquot; الخارجية التركية.

وصرح لفرانس برس ان quot;الهدف كان ان تتحول هذه العملية بمثابة ناطقquot; باسم حكومة إردوغان. وقبل ابحار السفينة مرمرة وسفينتين اخريين تابعتين لquot;مؤسسة المساعدة الانسانيةquot; الاسلامية التركية القريبة من حزب الرفاه، اكتفى وزير الخارجية احمد داود اوغلو بدعوة الجانبين الى الاعتدال.

وقال في 25 ايار/مايو quot;نامل الا يحصل توتر وان تتصرف إسرائيل والمنظمات غير الحكومية ضمنم المعقولquot;. واعتبر احمد انسيل من جامعة غلطة سراي في اسطنبول ان هذه الأزمة الخطيرة مع إسرائيل لا يمكن الا ان تفيد إردوغان. وقال quot;انها مفيدة سياسيا له وستزيد في شعبيته في انتظار 2011quot; موعد الانتخابات التشريعية المقبلة.

الا ان بيراند قال quot;على المدى القصير، يعتبر إردوغان بمثابة سوبرمان ويستفيد كثيرا من الوضع، ولكن على المدى الطويل حذار ان يتفوق عليه من هو اسلامي اكثر منهquot;. كما ان القطيعة مع إسرائيل تأتي قبل ثلاثة اشهر من اختبار كبير لرئيس الوزراء اذ انه سينظم استفتاء لتعديل الدستور في 12 ايلول/سبتمبر المقبل، الا اذا اقر المجلس الدستوري عكس ذلك. وتهدف مبادرة السلطة هذه الى الحد من نفوذ القضاء والجيش، وهما معقلا انصار العلمانية المناهضين للحكومة.