أدت حالة الفقر وانتشار الأمراض في مملكة ليسوتو إلى طلب مواطنيها من جنوب إفريقيا استعمار بلادهم.

ناشد عشرات الآلاف من مواطني مملكة ليسوتو الفقيرة جنوب افريقيا ضم أراضيهم اليها بعد إفلاسها التام بفعل تفشي الإيدز وسط شباب البلاد وتناقص متوسط الأعمار الى مستويات متدنية مخيفة.

وتأتي هذه السابقة التاريخية في وقت أغلقت فيه جنوب افريقيا حدودها في وجه الآلاف الذين يحاولون العبور اليها من ليسوتو، في إطار إجراءاتها لتأمين أراضي البلاد وهي تستضيف منافسات كأس العالم 2010.

ونقلت صحيفة laquo;أوبزيرفرraquo; البريطانية عن نتاتي مانياني، مدير جمعية laquo;Aids Has Killed Usraquo; (قتلنا الإيدز) في ليسوتو قوله: laquo;بلادنا تناضل الآن من أجل بقائها. عدد السكان 1.9 مليون نسمة، منهم 400 ألف يتيم لشخص أصيب بالإيدز. وقدانخفض متوسط الأعمار الى 34 سنة. هذا وضع مستحيل ويائسraquo;.

وقبل أيام نظم عشرات المئات مسيرة عبر ماسيرو عاصمة ليسوتو وسلموا عريضة الى برلمان البلاد وأخرى الى مفوضية جنوب افريقيا السامية (السفارة) يناشدون فيها حكومتي البلدين أن تصبح ليسوتو جزءا من أراضي جنوب افريقيا التي تحيطها بالكامل.

وقال فوياني تيهالي وهو نقابي شارك في تأسيس laquo;حركة ميثاق شعب ليسوتوraquo; لغرض الانضمام لجنوب افريقيا: laquo;جمعنا أكثر من 30 ألف توقيع. واليابسة التي تحيط بنا من كل النواحي هي يابسة جنوب افريقيا ولا أحد غيرها. وقد كنا احتياطي العمل ايام التمييز العنصري فيها، أي كنا جزءا لا يتجزأ من نضالها من أجل الحرية، وحان الوقت لمكافأتنا. لا داعي البتة لاستقلالنا بعملة وجيش خاصينraquo;.

وليسوتو هي أعلى دولة في العالم ولا توجد فيها أي أراض يقل ارتفاعها عن 1400 متر فوق مستوى البحر. كما أنها أجمل بلاد القارة من حيث الجبال والوديات والغابات والأنهار التي تعبر الطرق بدلا من العكس. لكن هذه البقعة الطبيعية الساحرة تخبئ مآس إنسانية هائلة في طياتها والإيدز واحدة فقط منها.

فقبل 12 عاما غُمرت وديان بأكملها لتوفير الغذاء لجوهانسبرغ على مبعدة 250 كيلومترا. ومع ذلك فقد جف ثلث آبار البلاد. وصارت مكننة صناعة الماس حديثا سببا في عطالة آلاف شباب البلاد الذين استغنت عن خدماتهم المناجم في جنوب افريقيا. وحتى صناعة النسيج التي كانت توظف 50 ألف شخص انهارت في خضم الأزمة المالية العالمية. وبينما يحصل العامل في ليسوتو على 95 دولارا في الشهر، يحصل نظيره في بلومفمونتين الجنوب أفريقية القريبة على 320 دولارا لأداء الوظيفة نفسها.

وكأن كل هذا لا يكفي، فقد دمر الإيدز، الذي ابتليت به البلاد مع تدفق الأيدي العاملة الأجنبية في زمن الخير، البقية من دعامات الاقتصاد. ويكاد معدل الوفيات من هذا البلاء الذي يصيب ثلث السكان أن يتجاوز الآن معدلات المواليد.

ولهذا كله فقد صار سكان ليسوتو، الخائفون على مصائرهم ومصير بلادهم، على قناعة بأن سبيل خلاصهم الوحيد الآن يكمن في يصبح وطنهم جزءا من جنوب افريقيا وبغض النظر عماذا تسمي ذلك.. استعمارا بالطلب، أو غيره.