تهدد الاستقالة المفاجئة لاثنين من كبار المسؤولين الامنيين الافغان في مرحلة حساسة من القتال الذي تقوده الولايات المتحدة ضد طالبان بترك فراغ في الحكومة الافغانية وتثير التساؤلات حول امكانية تحقيق الوحدة الوطنية في افغانستان.

كابول: استقال وزير الداخلية الافغاني حنيف اتمار ومدير الاستخبارات عمر الله صالح على خلفية الهجوم الصاروخي الذي شنه مسلحون على مؤتمر جيرغا السلام، الجمعية التقليدية التي حشدت الاسبوع الماضي 1600 ممثل عن القبائل والمجتمع المدني.

واحرج الحادث الرئيس حميد كرزاي الذي كان في منتصف كلمته عندما اطلقت الصواريخ. وذكرت الرئاسة الافغانية انه جرى استدعاء المسؤولين لمحاسبتهما عن الهجوم الفاشل، واستقالا بسبب quot;الانتهاك الامني الخطيرquot;. وتولى اتمار منصبه عام 2008 بينما يتولى صالح منصبه منذ عام 2004. ويحظى المسؤولان بالاحترام داخل البلاد وفي العواصم الغربية التي تمول الحرب المستمرة ضد طالبان.

واثناء عمله وزيرا للداخلية قام اتمار ببناء قوة الشرطة التي كانت تعاني من نقص المعدات والعدد. اما صالح فقد لعب دورا مهما في العمليات ضد طالبان. وفي ادارة تعاني من الفساد، كان ينظر الى هذين المسؤولين على انهما يتمتعان بالكفاءة والقدرة على القيام بعملهما كما انهما يتقنان اللغة الانكليزية.

ويعتبر تطوير قدرات افغانستان بحيث تتمكن من تولي المسؤولية الامنية على حدودها والقضاء على تمرد طالبان، عنصرا مهما في خطط الولايات المتحدة للانسحاب من ذلك البلد وانهاء الحرب المكلفة والدموية المستمرة منذ تسع سنوات.

الا ان اتمار وصالح تحفظا بشدة على اسلوب كرزاي بشأن اجراء محادثات سلام مع طالبان، وهو الاقتراح الذي ايده مجلس الجيرغا الاسبوع الماضي. كما اعرب قادة ومسؤولون اميركيون عن قلقهم من ان استراتيجية كرزاي غير مخطط لها بشكل جيد.

الا ان وزير الدفاع الاميركي روبرت غيتس تجنب انتقاد كرزاي لقبوله استقالة المسؤولين. وصرح غيتس للصحافيين الاثنين quot;امل ان يعين الرئيس كرزاي مكانهما شخصين بنفس قدراتهماquot;.
وتردد ان الجنرال الاميركي ستانلي ماكريتسال الذي قاد الاستراتيجية التي تهدف الى قمع تمرد طالبان وسحب القوات الاميركية تدريجيا ابتداء من الصيف المقبل، كان على وفاق مع المسؤولين المستقيلين.

وذكرت صحيفة quot;لوس انجليس تايمزquot; ان العديد من المسؤولين في واشنطن اعربوا عن قلقهم من ان تعيق استقالة المسؤولين الجهود التي تقودها الولايات المتحدة لاحلال الاستقرار في افغانستان طبقا للجدول الزمني الذي حدده الرئيس باراك اوباما.

واكدت صحيفة quot;فاينانشال تايمزquot; الاثنين على تلك المخاوف حيث ذكرت ان تقريرا ستصدره الحكومة الاميركية قريبا يشكك في الجهود لبناء قوات الامن الافغانية ويشير الى انه جرت المبالغة في تقدير قدرات تلك القوات. وتركت الرئاسة الافغانية احتمال عودة اتمار وصالح الى منصبيهما مفتوحة واقرت quot;بخسارة شخصين مهمينquot; الا انها قالت ان على الوزراء تعلم تحمل المسؤولية عن اخطائهم.

الا ان وحيد عمر المتحدث باسم كرزاي قال انه يجب محاسبة المسؤولين عن الهجوم على quot;احد اهم الاحداث التي جرت هذا العامquot;. وقال ان quot;القذائف الصاروخية كادت تسقط على الخيمة التي كان فيها رئيس البلاد وكافة الشخصيات المهمة في هذه الدولة .. وكان يمكن ان تتسبب في فوضى وازمة وطنيةquot;.

وصرح دبلوماسي غربي في كابول طلب عدم الكشف عن هويته ان العلاقات بين كرزاي وكل من صالح واتمار قد توترت بسبب معارضة المسؤولين لاقتراحات الرئيس بالمصالحة مع مقاتلي طالبان. وقال الدبلوماسي quot;نحن بالطبع نشعر بخيبة امل كبيرة. لقد كان الغربيون يدعمون هذين الرجلين خاصة اتمار، كما ان صالح يتميز بالنزاهة والشجاعةquot;.

واضاف quot;من الصعب جدا تعويض اتمار. وسنراقب الوضع عن كثب، ولكن ما حدث ليس جيدا بالنسبة لافغانستانquot;. وصرح هارون مير مدير مركز افغانستان للابحاث ودراسات السياسة ان استقالة اتمار وصالح ستكون لها quot;عواقب هائلةquot;، مشيرا الى ان صالح تمكن وبذكاء من اختراق طالبان. وقال مير لوكالة فرانس برس quot;اعتقد ان هناك اختلافات في الراي داخل الحكومة بشان مسائل كبيرة خاصة الامن وكيفية التعامل مع طالبانquot;.