تشير تقارير الى أن تراجع نفوذ مصر في المنطقة وخصوصًا دورها الإقليمي تجاه القضية الفلسطينية لصالح تركيا وإيران يكمن وراء محاولة الرئيس المصري كسب الود الإسرائيلي ليخلف جمال مبارك والده في حكم البلاد، في الوقت الذي يسطع نجم تركيا بعد تصريحات رئيس وزراءها المنددة بإسرائيل.
في تقرير مطول تنشره على صدر موقعها الإلكتروني تحت عنوان quot;نفوذ مصر المتراجعquot;، تبرز صحيفة quot;انترناشيونال هيرالد تريبيونquot; الأميركية حقيقة تراجع الدور المصري على الساحة، وتلفت في هذا السياق إلى الدور الذي نجحت تركيا في اكتسابه، وتخص بالذكر في هذا الجانب رئيس الوزراء التركي، رجب طيب أردوغان، بعد التصريحات القوية التي علَّق من خلالها على حادث الاعتداء الإسرائيلي على أسطول الحرية. وتشير لما قاله عبد الباري عطوان، رئيس تحرير صحيفة القدس العربي اللندنية، عندما أكد على أن مثل هذه التصريحات والمواقف الرجولية (الخاصة بأردوغان) قد اختفت من قواميس القادة العرب، لافتا ً في الإطار ذاته إلى أن الأنظمة العربية تمثل الآن الأصدقاء الوحيدين المتبقيين لإسرائيل.
ثم تبرز الصحيفة حقيقة ما يدور من أحاديث عن تقلص دور مصر، والإشارة بشكل غير مباشر إلى الرئيس مبارك، كما كان يقصد عطوان في مقالته التي كتبها حول الأحداث الأخيرة في المنطقة. وتمضي بعد ذلك لتؤكد على أن حادث الأسطول الأخير جاء ليمثل حدا ً فاصلا ً بالنسبة لمصر، وإلى حد أقل بالنسبة للمملكة العربية السعودية.
ثم تمضي الصحيفة الأميركية لتقول إن ما يحدث الآن عبارة عن خطوة أخرى - قد تكون محورية - على طريق التوازن الاستراتيجي المتنقل للسلطة في منطقة الشرق الأوسط : حيث بدأت تتسرب القضية الفلسطينية تدريجياً من بين يدي الرئيس مبارك. وبعدها تتحدث الصحيفة عن أن قادة تركيا وإيران، ومعهم الرئيس السوري بشار الأسد، هم من بدؤوا يدركون الآن رياح التغيير.
وبعد ذلك، تمضي الصحيفة لتشير إلى حالة العزلة المتزايدة التي يعيشها النظام في مصر، بالإضافة إلى تعاونه مع إسرائيل. ثم تدَّعي الصحيفة أن دوافع النظام المصري لتقديم الدعم لإسرائيل هي دوافع معروفة في المنطقة: فهناك قناعة لدى النظام في مصر بأن المدخل المؤدي للحصول على ضوء واشنطن الأخضر لجمال مبارك كي يخلف والده في حكم البلاد يكمن في تل أبيب بدلا ً من واشنطن. وتقول الصحيفة أيضا ً إن الرئيس مبارك يحظى بالحد الأدنى من الدعم في الولايات المتحدة، وأن واشنطن إذا ما تجاهلت مبادئها الديمقراطية لدعم جمال، فإن ذلك سيحدث لأن إسرائيل تقول إن quot;غض الطرفquot; الأميركي هذا هو أمر ضروري بالنسبة لأمنها.
وتحقيقا ً لهذه الغاية، عمل الرئيس مبارك على إضعاف مكانة حماس في غزة، وعمل كذلك على تقوية مكانة الرئيس محمود عباس. وأنه قد تابع تلك السياسة على حساب الوحدة الوطنية الفلسطينية. وتشير الصحيفة في السياق نفسه إلى أن quot;وساطةquot; السلام المصرية أحادية الجانب يُنظر إليها على أنها جزء من المشكلة بدلا ً من كونها جزء من أي حل فلسطيني.
ومن المفارقات أن يكون هذا الموقف بالضبط هو الذي فتح الباب أمام تركيا وإيران ليقوموا بوضع يدهم على رعاية القضية الفلسطينية. بيد أن الصحيفة ترى أن ثمة خلاف إقليمي أعمق يقف وراء ردة الفعل التركية الحادة تجاه الهجوم الإسرائيلي على السفينة التركية، وتقول أيضاً إن تلك الفجوة نابعة من قناعة شبه عالمية بأن quot;عملية السلامquot; الفلسطينية ndash; الإسرائيلية قد فشلت.
ومع هذا، تقول الصحيفة إن مصر ترفض أن تتراجع في ظل هذه الظروف المتغيرة حتى مع حدوث تحول في ميزان القوى الإقليمية تجاه الطبقة الشمالية من دول الشرق الأوسط - وهي سوريا، وتركيا، وإيران، وقطر، ولبنان. ويوجد لدى مصر بشكل متزايد ذاكرتها الخاصة بعظمة الماضي الذي ترتكز عليه. وفي ظل الظروف المعاصرة، تراجع نفوذ مصر لبعض الوقت. وتمضي الصحيفة لتشير إلى أن مصر قد يخلصا إلى أن ثمن رؤية انتقال عصا القيادة في مسألة رئيسية ومثيرة للمشاعر مثل هذه إلى أيدي غير عربية، إيران وتركيا، هو ثمن باهظ، ومخجل للغاية في ذات الوقت.
التعليقات