السيارة التي استهدفت السياح الأسبان في 2007 |
بؤرة قلق جديدة في اليمن تتمثل في محافظة quot;مأربquot; القبليّة شرق العاصمة صنعاء، مواجهات وتفجيرات وقصف مدفعي واغتيالات لم تهدأ منذ أسبوعين حين قتل نائب المحافظ وأمين عام المجلس المحلي للمحافظة جابر الشبواني بطريقة غامضة لم يتم تفسيرها حتى الآن، حيث أعلن رسميًّا حينها أن الأمر تم عن طريق الخطأ. قضية الشبواني تم احتواؤها من قبل الرئيس علي عبدالله صالح وبالطريقة القبلية المتبعة في تلك المناطق، ثلاثة تفجيرات لأنابيب نفط منذ ذلك الحين وقطع لخطوط الكهرباء والغاز والنفط.
تعتبر محافظة مأرب القبلية مخزن الطاقة الأول في اليمن حيث تحتوي على كمية هائلة من مخزون النفط الذي اكتشف في الثمانينيات من القرن الماضي، وكذلك الغاز الذي أصبح يصدر إلى خارج البلاد عبر أنبوب يمتد إلى سواحل شبوة على البحر العربي.
كما تم تشغيل محطة كهربائية تعمل بالغاز وهي تستهدف دومًا في حال نشوب أي صراع هناك، إضافة إلى قطع خطوط الإمدادات التي تصل إلى مأرب في صنعاء وبقية المحافظات. حيث تم القطع لناقلات النفط والغاز بما يقارب 60 تقطعًا خلال العام 2009 وهو ماتسبب بأزمات الغاز المنزلي في العاصمة والمدن الأخرى لعشرات المرات.
وتعد مأرب من أبرز المناطق المتمسكة بالقبلية حيث تضم المحافظة قبيلة quot;مرادquot;، وهي الأكبر من حيث المساحة والسكان، تليها قبيلة quot;جهمquot; ومن ثم قبيلة quot;الجدعانquot; وقبيلة quot;عبيدةquot; إضافة إلى ما يطلق عليهم بـ quot;أشراف مأربquot;.
وتعتبر قبيلة عبيدة هي الأكثر تمركزا في قلب الثروات النفطية إلى جانب أبرز آثار اليمن ومملكة سبأ من عرش بلقيس ومعبد أوام وغيرها.
القاعدة تأوي إلى مأرب...
في غضون ذلك، تدور حاليا عمليات عسكرية شبه يومية في مناطق محافظة مأرب، حيث تنفذ القوات الحكومية منذ يومين حملة لتعقب عناصر القاعدة في وادي عبيدة، في حين يتم قصف منازل لعناصر يشتبه في إنتمائها للقاعدة.
أنبوب النفط الذي تم إستهدافه |
وكان اثتين من أبرز المطلوبين بتهمة القاعدة قد سلما نفسيهما للسلطات المحلية وسيتم بدء محاكمتهما في المحكمة الجزائية المتخصصة بقضايا أمن الدولة والإرهاب، وهما منصور دليل ومبارك الشبواني أحد أقرباء المسؤول السابق جابر الشبواني.
ودارت اشتباكات قبل أربعة أيام جرح خلالها قرابة 20 شخصًا بينهم قائد عسكري، في حين هاجمت القاعدة عسكريين وجرحت 9 منهم في وادي الحمة.
وكان القائد العسكري العميد محمد صالح الشائف قد لقي حتفه في كمين نصب له في إحدى مناطق المحافظة، وإتهمت مباشرة القاعدة بتنفيذ العملية.
وتعتبر محافظة مأرب إحدى المناطق التي حفلت بأحداث أمنية بارزة خصوصًا على الصعيد المتعلق بالقاعدة، حيث هزت اليمن هجمة في تموز/يوليو 2007 استهدفت موكبًا للسياح وقتلت 12 سائحًا غالبيتهم من الأسبان وذلك بالقرب من المعبد السبئي الأثري quot;أوامquot;.
وكانت المحافظة ذاتها قد شهدت مقتل القيادي في الصف الأول في تنظيم القاعدة أبو علي الحارثي الذي استهدفته طائرة quot;بريداتورquot; بدون طيار في العام 2002.
كما شهدت المنطقة في كانون الثاني/يناير الماضي هجومًا بالطيران الحربي استهدف مزرعة ومنزل للقيادي في القاعدة عائض الشبواني ولم يصب بأذى وهو لا يزال مطاردًا حتى اليوم.
واستهدفت القاعدة في مأرب عدد من الشخصيات الأمنية أبرزهم العقيد حمود قصيلة، مدير مباحث مأرب في أيار/مايو 2007، إضافة إلى إلى العميد محمد صالح الشايف أركان حرب اللواء 315 الذي قتل الأسبوع الماضي مع مرافق له.
المخاطرة بالنظام لحسابات خاطئة
وحول تلك القضايا يقول أمين عام مجلس تحالف قبائل مأرب والجوف علوي الباشا بن زبع لـquot;إيلافquot; إن quot;مايحدث في مأرب عمل قد يؤدي إلى صعدة أخرىquot;، مشيرًا إلى أن quot;هناك ضربات من قبل الدولة جوية أو مدفعية وأخرى من قبل القاعدة بعملياتها تستهدف أبرياء، وهذا سيجر القبائل إلى مواجهات مع الدولة ونحن حذرنا منها وقلنا أنه يجب التعامل معها بشكل مختلف تماماquot;.
وأضاف الباشا، وهو أيضًا نائب رئيس المنظمة اليمنية للتنمية والسلم الاجتماعي، إن quot;تواجد القاعدة لايستحق كل هذه التصرفات والتهويل، لكن يبدو أن هناك إصرار من قبل المعنيين في الأمر سواءً في الدولة أو من العناصر المحسوبة على القاعدة بأن يجروا المحافظة إلى إشعال نيران أطفأناها بالأمس، ولذلك نحن ننصح بأن يتوقف هذا المسلسل الدموي المؤسفquot;.
علوي الباشا بن زبع |
وعبر الباشا عن إعجابه بتعامل الرئيس علي عبدالله صالح فيما يتعلق بقضية دابر الشبواني، مشيرًا إلى أن التسوية تمكنت من احتواء الموقف، لكن المشكلة ان quot;القيادة العسكرية اتخذت قرارًا آخر وهو هدم بيوت مطلوبين ممن يشتبه في إنتمائهم إلى القاعدةquot;.
ورأى إن quot;إطلاق المدفعية على مدى عشرات الكيلومترات أو الكاتيوشا التي تصيب منازل مواطنين سواءً بقصد أو بغير قصد الأمر الذي يدفع القبائل إلى مواجهات، ونأمل أن يتوقف تصرف قيادة المنطقة بالتصرف على هذا النحوquot;.
ونفى الباشا إمكانية وجود أي تحالف بين القبائل والقاعدة، لكنه أعرب عن خشيته من quot;أن يكون بعض المسؤولين يريدون دفع القبائل للتحالف مع القاعدة، وأستبعد أن يكون أيضًا هناك تحالف بين القبائل والدولة، لكن من يتم استهداف منزله فإنه يضطر للدفاع عن نفسهquot;.
وتابع quot;أعضاء القاعدة هم على عدد أصابع اليد وقد قلنا هذا الكلام مرارًا وتكرارًا، وهناك إمكانية للتعامل معهم والتعاطي بما يؤدي إلى إبعادهم من المنطقة أو تسوية أوضاعهم مع الدولة، المشكلة أننا لانرى أن هناك جدية في احتواء هذا الملف، وهناك مسؤولون ومشائخ مستفيدون من بقاء الوضع على هذه الحالquot;.
واستخلص بن زبع ان quot;كل المؤشرات تقول إن الدولة قررت نقل الحرب من صعدة إلى مأرب، وكما دمروا صعدة فإنهم يتجهون لتدمير مأرب بإسم مكافحة الإرهاب، وهم يعرفون إن تواجد القاعدة في مأرب مبالغ فيه وإنه تحت السيطرة، ولكنهم يريدون الحصول على مساعدات من الخارج وينسون إن فتح جبهة في مأرب ستكلفهم أضعاف المساعدات المتوقعة، لذلك ننصحهم ونحذرهم إن الحسابات كلها في خسارة وقد تخاطر بالنظام نفسهquot; حسب قوله.
وأشار إلى أن الجيش قصف خلال الثلاثة الأيام الماضية بيوت 2 أو 3 مطلوبين هم ليسوا موجودين فيها أصلاً وهي بيوت محاطة بقرى آهلة بالسكان الأبرياء، وهذا تصرف غير معقول.
عمل غير أخلاقي
وكان مجلس تحالف قبائل مأرب والجوف أعلن رفضه القاطع لأعمال التطرف والإرهاب، مجددًا إدانته لأي شخص أو أشخاص يأوون أي عناصر خارجة على القانون. وحذر من أن محافظة مأرب تغرق، وإن لم يتم إنقاذها بقرار سياسي أو تدخل إقليمي ودولي فإن القبائل قد تتخلى عن مسؤولياتها وتدع القاعدة تسيطر على مأرب وquot;أنصار اللهquot; يسيطرون على الجوف.
واستنكر المجلس ما ورد في بيان نسب لجماعة القاعدة معتبرة أنه quot;بيان غير أخلاقي، سواء صحّت نسبته للقاعدة أو سربته أجهزة السلطة، فإدعاء استدراج الوسيط والغدر به لا يقره دين ولا عرف ولا أخلاق، وأكبر خيانة هي نقض العهود والغدر بالوسطاء وبطولات من هذا النوع تثير الاشمئزازquot;، وأضاف بيان التحالف إن quot;مأرب لن تكون ملاذا للإرهاب، وستظل منبعًا للخير والعطاء والتسامحquot;.
التعليقات