على الرغم من تشريع قيادات حكومية وبرلمانية كويتية الأبواب أمام ختام هادئ لدور الإنعقاد البرلماني الذي طوي أخيرًا، إلا أن دور الإنعقاد المقبل الذي ينطلق في الأسبوع الأخير من شهر تشرين الأول- أكتوبر المقبل يحمل نيّة برلمانيّة للتصعيد الشامل.

سقطت كل المساعي البرلمانية الجادة لإطالة أمد دور إنعقاد البرلمان الكويتي، على وقع مماحكات سياسية بين الحكومة ومجلس الأمة، إلا أن الحكومة وعبر أغلبية برلمانية مريحة باتت تعتمد عليها بالأزمات قد نجحت بسهولة في إنهاء دور الإنعقاد في موعده الدستوري بلا أي تأجيل، وذلك عبر إمرار قانون موازنة الدولة، الذي لا يمكن طي دور الإنعقاد دون إقراره، إذ شهدت الأسابيع الأخيرة مناوشات بين الحكومة والبرلمان على وقع التغيب الحكومي تارة والبرلماني تارة أخرى عن جلسات مهمة للبرلمان الكويتي خصصت لحسم ملفات معلقة، إذ رحل بعضها دون حسم الى دور الإنعقاد المقبل، الذي ينطلق في السادس والعشرين من شهر تشرين الأول-أكتوبر المقبل.

وفي الساعات الأخيرة من عمر دور إنعقاد البرلمان، سعت أطراف حكومية وبرلمانية الى إبقاء الباب مواربًا لتعاون أكبر وأكثر عمقًا في دور الإنعقاد المقبل، على وقع التفاهم والإنسجام خلال العطلة الصيفية الطويلة، وسط تحضير أطراف برلمانية على الجانب الآخر لسلسلة مشاريع من التصعيد السياسي ضد حكومة الشيخ ناصر المحمد الصباح، وفتح أكثر من ملف وقضية خلال العطلة الصيفية، لإطلاقها كأزمات في وجه الحكومة مع بدء دور الإنعقاد البرلماني المقبل، علمًا أن الحكومة وعبر تفاهمات مع البرلمان قد أرجأت حسم أكثر من قضية وملف، وهو ما يبقيها مفتوحة على شتى إحتمالات التصعيد.

وبحسب قراءة خاصة بالمشهد السياسي الكويتي فإن ملفات حقوق المرأة الكويتية الإجتماعية، والمالية بقيت دون حلول ترضي أطراف برلمانية واسعة، كما أن الملف الرياضي برمته، وأزمة الإتحاد الكويتي لكرة القدم لا تزال هي الأخرى بلا حل، وسط إعترافات حكومية وبرلمانية أن الإجراءات التي إتخذت حتى الآن لا تعدو كونها تسكينا للأزمة التي كانت عنوان إستجواب كاد يوجه الى رئيس الحكومة الكويتية، في حين يمكن النظر الى قضية ملف شراء فوائد قروض الكويتيين من المصارف الكويتية وشركات التمويل بأنها أم الأزمات الوشيكة بين الحكومة والبرلمان، خصوصًا أن الجدل الدستوري لا يزال مستمرًا حول أحقية البرلمان بإعادة طرح القضية للتصويت في دور الإنعقاد المقبل أم لا، إذ تطالب أغلبية برلمانية مريحة بإسقاط تلك الفوائد، وإعادة جدولة أصل القروض، إلا أن الحكومة ترفض هذا المشروع وتعتبره كارثيًا على الإقتصاد الكويتي، وسلامة ثروة الأجيال المستقبلية.

ويرى مراقبون وفقهاء الشأن الكويتي أن إحتدام الخلاف حول قضية القروض فإن من شأنه أن يعجل رحيل البرلمان الكويتي، لمنع إقرار هذا القانون الذي تتجاوز كلفته بحسب تقديرات غير رسمية ثلاثة مليارات دينار كويني (10 مليار دولار أميركي)، علما أنه وبحسب نصوص الدستور الكويتي فإن الوحيد المخول بإصدار قرار حل البرلمان وفقا للمادة (107) منه هو أمير الدولة، الذي استخدم هذا الحق أكثر من مرة، علمًا أنه لا يوجد أي قيود على عدد مرات إستخدام هذا الحق، إلا أن الدستور يلزم الأمير بألا يكون الحل التالي معللاً بالسبب نفسه للحل الأول.

وفي إشارة مباشرة الى ان التصعيد سيكون سمة الفترة المقبلة بين الحكومة والبرلمان فقد أصدرت كتلتي quot;العمل الشعبيquot; وquot;التنمية والإصلاحquot; البرلمانيتين المعارضتين (10 أعضاء) بيانًا مشتركًا اخيرًا حمل التهديد المباشر للحكومة بالذهاب الى أقصى درجة في توجيه المساءلة السياسية إذا ما استغلت العطلة الصيفية التي بدأت في إعطاء الضوء الأخضر لوزارة الدفاع الكويتية في إبرام عقود ومناقصات توريد أسلحة وطائرات، سبق للجان برلمانية وديوان المحاسبة أن دعت صراحة للتحقق من شبهات فساد تكتنفها، وهو ما نفته الحكومة أكثر من مرة، إذ يتركز الجدل على إهتمام الحكومة الكويتية بالتعاقد مع فرنسا على شراء صفقة طائرات (رافال) الهجومية العسكرية، وهي صفقة ترفضها أطراف برلمانية، فيما تقول الحكومة إن الإهتمام لم يتبلور الى اتفاق نهائي بين وزارتي الدفاع في الكويت وباريس.