بحث الملك عبدالله بن عبد العزيز خلال زيارته الى واشنطن، التطورات الاخيرة في المنطقة والعلاقات مع الولايات المتحدة،خصوصا وان هذا العام يصادف ذكرى مرور 65 عاما على اللقاء التاريخي بين فرانكلين ديلانو روزفلت والملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود. إيلاف رصدت اصداء الزيارة التي أجمعت على أهميتها وثقلها في قيادة شارة التغيير.
واشنطن: كانت كلمة العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز في رده على ترحيب الرئيس الاميركي باراك اوباما شيقة وقوية، اذ نوه بأهمية المكانة التي يتبوأها اوباما في العالم بوصفه رجلا كريما طيبا. كما ثمن الملك نزاهة الرئيس وغيرها من الصفات الشخصية الحميدة التي أكسبته احترام الزعماء والناس الاعتياديين على اختلاف مشاربهم في العالم.
كما اكد الملك عبد الله الصداقة الوثيقة بينه وبين اوباما وشدد على ان العلاقات بين مواطني البلدين وسائر الأديان فيهما لا تقل أهمية، فهو يريد ان يرى غصن زيتون يرتفع حيثما امكن في الشرق الأوسط ونزاعاته الصعبة.
رغم شح التصريحات الرسمية حول الزيارة،فان ما لا ريب فيه هو ان الزعيمين بحثا في العمق مسألة اعفاء ستانلي الن ماكريستال من قيادة القوة الدولية للمساعدة في إحلال الأمن (ايساف) والقوات الاميركية في افغانستان وتعيين ديفيد هاول بترايوس خلفا له.
وقال عضو بارز في الوفد المرافق للعاهل السعودي ان الملك عبد العزيز يهمه التواصل مع الشعب الأميركي بصرف النظر عما إذا كانت الادارة ديمقراطية أو جمهورية، وهو يحترم رئيس الدولة الذي ينتخبه الشعب معتبرا ان الصداقة طريق طويلة لا نهاية له.
رسالة الملك عبد الله الأساسية التي فهمها مَنْ تحدثت ايلاف معهم في واشنطن هي الصداقة العميقة بين المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة والمرونة في التعامل مع قضايا اميركا الدولية.
بارت فيشر |
لدى القانوني الدولي في واشنطن بارت فيشر ملاحظات عن أفضليات بناء علاقة اجتماعية وتجارية ذات منافع متبادلة بين البلدين. وقال فيشر لايلاف quot;إني اعمل اساسا في مجال التجارة الدولية والاستثمار لمساعدة الشركات الاميركية في تنفيذ مشاريع مشتركة حول العالم من أجل الوصول الى اسواق أجنبية ودعم صادرات الولايات المتحدة من البضائع والخدماتquot;.
اما عن أهمية زيارة الملك عبد الله فقال quot;لا شك في ان السعوديين هم شركاؤنا الاستراتيجيون في تلك المنطقة من العالم وشراكتهم بالغة الأهمية بمفردات الأمن القومي. فالأمن القومي يقوم على الحاجة المتبادلة، الى موارد الطاقة من جانبنا، وهو امر بديهي، ولكن ايضا الى الأمن من جانبهم بدخول الولايات المتحدة صانعة سلام وصاحبة نفوذ سلمي في تلك الرقعة من العالمquot;.
وأضاف quot;اعتقد ان اساس الشراكة طويلة الأمد هو طريق ذات اتجاهين، والتجارة طريق ذات اتجاهين وعلينا ان نكون حاضرين في كل مناحي الاستثمار والمشاريع المشتركة في هذا البلد. فنحن نستطيع ان نحيي الصحراء ونستطيع ان نساعد قطاعات الطاقة فضلا عن العمل في مجالات الطاقة الشمسية والطاقة البديلة والكتلة الحياتية والمحروقات العضوية. وثمة العديد من المنجزات الطبية في الولايات المتحدة التي تستطيع المملكة العربية السعودية توظيفها وتسخيرها لانقاذ أرواح وتحسين ظروف المعيشة لجميع السعوديين عموما. فالمسألة لا تتعلق بحاجة الولايات المتحدة الى النفط السعودي بل الحقيقة الماثلة في اننا بحاجة الى احدنا الآخرquot;.
بدوره، لاحظ عضو بارز في الوفد السعودي ان زيارة العاهل السعودي لكندا والولايات المتحدة كانت زيارة تاريخية، وقال إن الملك عبد الله جدد واضفى عنفوانا متجددا على العلاقات الوثيقة التي بدأها الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود قبل 60 عاما. وكان الملك لفت خلال اجتماعه مع اوباما الى ان هذا العام يصادف ذكرى مرور 65 عاما على اللقاء التاريخي بين فرانكلين ديلانو روزفلت والملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود على متن المدمرة الاميركية كوينسي في عام 1945. وقد اكد الزعيمان في ذلك اللقاء عزمهما على مواصلة تعزيز هذه العلاقات الحيوية بين المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة.
الصميدعي: الملك صديق الشعب العراقي
السفير سمير شاكر محمود الصميدعي متحدثا الى ايلاف |
إيلاف، وفي سياق رصدها المواقف العربية والدولية حول زيارة الملك عبدالله الى الولايات المتحدة والتطورات الاخيرة في المنطقة، التقت سمير شاكر محمود الصميدعي السفير العراقي في واشنطن الذي لديه علاقات طيبة مع المملكة منذ 1994، فقال لـ ايلاف: quot; ذهبتُ مع جميع السفراء العرب عمليا لاستقبال الملك عبد الله في واشنطن. هذا جزء من تقاليد الضيافة المتعارف عليها. وكان من دواعي سروري أن ارى الملك وأُرحب به مثلما فعل جميع السفراء العرب.
في الحقيقة، المرة الأخيرة التي رأيت الملك فيها كانت في الرياض قبل سنوات عندما كان ولي العهد، وكنتُ احد رؤساء المعارضة العراقية الذين زاروا المملكة العربية السعودية بناء على دعوة.كان ذلك نحو عام 1994. وقتذاك طرحنا قضيتنا عليه وكان، كعهده،متعاطفا جدا. استمع الينا وكانت ملاحظاته نابعة من حرصه على العراق كبلد، واعتقد انه أثبت منذ ذلك الوقت انه صديق الشعب العراقي، وهذا أمر مهم. فهو وقف الى جانب الشعب العراقي على امتداد سنوات الاضطراب التي شهدها تطور العراق فكسب احترام العراقيينquot;.
واضاف quot;للأسف ان العراق يعاني الآن الصراعات والتنافس. وتتركز الانظار على تشكيل الحكومة. وأي تأثير خارجي يُنظر اليه بارتياب في السياق السياسي. ولكننا نعرف اننا في العراق نحتاج في نهاية المطاف الى علاقات عمل ودية مع سائر الجيران، ومنهم بالطبع المملكة العربية السعودية. في السبعينات والثمانينات قمتُ بنشاط مهم في المملكة كرجل اعمال ومهندس تصميم.
أقمتُ صداقات كثيرة وكان لي مكتب في الرياض ثم في جدة، وكان لي شرف العمل على توسيع مسجد الرسول في المدينة المنورة وكذلك توسعة المسجد في مكة. وفي تلك الأيام أتذكر اني وجدت الكثير من الدعم والصداقة، وما زلت اتمتع بصداقة الكثير من السعوديين، ولدي الكثير من الذكريات العزيزة عن تلك الفترةquot;.
وحول موقف الاميركيين من مستوى الحداثة الذي بلغته المملكة العربية السعودية في كافة المجالات قال السفير quot;إن المملكة العربية السعودية بلد يتسم بخصوصية فريدة. وكونها مهد الاسلام يمنحها ثقافة متميزة. وهي تعيش مرحلة انتقال الى الحياة العصرية. هناك مَنْ يحنون الى الماضي وهناك مَنْ ينظرون الى الأمام ولكنها قطعت شوطا بعيدا. واعتقد ان الفضل يعود الى الملك عبد الله بصفة خاصة في اتخاذ خطوات جريئة لقيادة بلده الى القرن الحادي والعشرين. ولهذا السبب يحظى الملك باحترام ومحبة السعوديين، وعلى نطاق واسع في العالم الإسلاميquot;.
وعن امكانية دمج البدو والقبائل العراقية بالمراكز الحضرية، قال الصميدعي quot;نعم بالتأكيد. تقليديا كانت عشائرنا من الناحية العملية امتدادا لقبائل الجزيرة العربية. ولدى العديد من قبائلنا شطر في الجزيرة العربية وشطر في العراق وسوريا. وشمر على سبيل المثال قبيلة كبيرة اصولها من جبل شمّار في منطقة ناجد. وبالتالي تربطنا اواصر قبلية وعائلية تمتد قرونا من الزمن. فنحن في الحقيقة شعب واحد، ولهذا السبب يكون الأمر طبيعيا بالنسبة لنا. فعندما ازور المملكة العربية السعودية اشعر اني في وطني ولا أشعر اني في بلد أجنبي. وعلى الغرار نفسه يشعر السعوديون انهم في وطنهم حين يزورون العراقquot;.
بولتن: إيران مصدر انعدام الاستقرار
جون بولتن |
بدوره استبعد جون بولتن السفير السابق لدى الأمم المتحدة وحاليا زميل معهد quot;اميركان انتربرايزquot; أقدم معهد لأبحاث السياسة العامة، quot;ان تنجح سياسة الحل على اساس الدولتين بين الفلسطينيين و الإسرائيليين على الوجه الصحيحquot;. وقال لـ إيلافquot; لا اعتقد انها من مصلحة الفلسطينيين. ولا اعتقد ان هناك مُحاورا مسؤولا من الجانب الفلسطيني في هذه المرحلة.
لذا أنا أؤيد ما نسميه حل quot;الثلاث دولquot;، القائم على اعادة غزة الى مصر، واعادة رسم الضفة الغربية، وما لا يُضم منها الى اسرائيل يوضع تحت مسؤولية الاردن وربط الفلسطينيين في الضفة الغربية وغزة باقتصادات عاملة حقيقية لأني اعتقد ان هذا في النهاية أكثر أهمية لهم ولخير عائلاتهم من الركض وراء مَثَل سياسي اعلى مجرد لن ينجح في نهاية المطافquot;.
وحول المحادثات الاسرائيلية السورية، قال بولتن quot;لا اعتقد ان هناك أي امكانية للنجاح ما دامت سوريا خاضعة لهيمنة ايران. اعتقد ان ايران تستخدم سوريا للمساعدة في تمويل ارهابيين مثل حزب الله يواصلون الضغط على اسرائيل. لا اعتقد ان سوريا تتحرك بصورة مستقلة عن ايران حول أي قضية ملموسةquot;.
كما اعتبر ان المحادثات الاسرائيلية اللبنانية التي اثيرت لن تحقق نتيجة للأسباب نفسها. وقال quot;إن حزب الله يسيطر على السياسة في لبنان ومع ذلك يستمر في ممارسة وظائفه الأساسية بوصفه منظمة ارهابية. لذا لا اعتقد ان هناك أي امكانية لاقامة سلام وطيد حتى يكف حزب الله عن كونه منظمة ارهابيةquot;.
وحول امكانية دخول الملك عبد الله هذا المعترك السياسي ومحاولة التشجيع على ايجاد حلول، قال بولتن quot;اعتقد ان ما يستطيع الملك ان يفعله بالدرجة الرئيسة هو ان يحاول اقناع اوباما بأن ايران وسعيها الى امتلاك اسلحة نووية ودعمها المستمر للارهاب الدولي هي المصدر الحقيقي لانعدام الاستقرار في الشرق الأوسط. واعتقد ان السعوديين يدركون ذلك الى حد ما ولكن عليهم القيام بدور قيادي أكبر لمنع ايران من النجاح في سعيها من اجل الهيمنة في المنطقةquot;.
كما أكد بولتن اهمية زيارة الملك عبدالله الى واشنطن وقالquot; انظري، نحن لدينا علاقة متينة مع المملكة العربية السعودية.ولدينا علاقات اقتصادية عريقة ولدينا مصلحة مشتركة في ألا تمتلك ايران اسلحة نووية.لذا اعتقد انها زيارة بالغة الأهمية وآمل في أن يكون الملك قد اقنع اوباما بأن التهديد النووي الايراني تهديد خطر، كما هو بالفعلquot;.
*** ترجمة عبدالاله مجيد
*** التصوير خاص بـ إيلاف: غلوريا ستار كينز
التعليقات