يخلو العالم الإسلامي من المراهنات، رسميًّا على الأقل، كونها محرمة دينيًّا، ومع ذلك فإن أغلبية الدول الإسلامية تجيز رسميًّا اليانصيب ومسابقات الحظ التلفزيونية والإذاعية غير التنافسية، على الرّغم من أن هذا، تبعًا للتفسير الديني، يدخل في باب المحظور لأنه مال مكتسب دون عمل.

على أن المراهنات تعتبر في الغرب، صناعة كبرى بمليارات الدولارات ومصدرًا كبيرًا لخزائن البلاد، وتبعًا للإحصاءات الرسمية في بريطانيا مثلاً، فقد ظلّ حجم الأموال المتداولة في مجال القمار يتراوح حول 80 مليار دولار (120 مليار دولار) في الفترة منذ العام 2006. وهذا على الرغم من الأزمة المالية التي اجتاحت العالم منذ قرابة السنتين. وفي الولايات المتحدة يرتفع الرقم الى حوالى 100 مليار دولار.

وفي بريطانيا، مثلاً، يراهنون على كل شيء بدءًا من نتائج الألعاب الرياضية الى ما إن كانت نجمة سينمائية حامل ستضع مولودًا ذكرًا أو أنثى أو توأمًا، وحتى حول احوال الطقس غدًا وما إن كان الجليد سينزل في يوم الكريسماس فيجعله laquo;أبيضraquo;.. وهكذا دواليك. أما الشرط الوحيد للمقامرة فهو أن يكون الشخص فوق سن معينة، تحدد في بريطانيا، مثلاً، بالثمانية عشر عامًا.

الأرجحيات

في قلب صناعة المراهنات في الغرب دور المقامرة التي تسمى laquo;بوك ميكرزraquo; أو laquo;بوكيزraquo; والكازينوهات ومواقع الانترنت في الآونة الأخيرة بالطبع. أما البوكيز فيقصدها العملاء لوضع مراهناتهم على أسس متفق عليها تسمى laquo;oddsraquo; أو laquo;الأرجحياتraquo; أو laquo;فرص حدوث الشيءraquo; التي تحددها تلك الدور. وتتيح لها هذه الأرجحيات تحقيق الربح بغض النظر عن ناتج الحدث المتراهن عليه.

وتتوصل الدور لتحديد الأرجحيات على ذلك النحو عبر عمليات حسابية لا تخلو من تعقيد. وبشكل مبسّط خذ مثلاً فريقًا لكرة القدم يخوض مباراة ضد آخر. وتجد هنا ثلاثة احتمالات في مسألة فوزه أو تعادله: الأول فوزه في ملعبه، والثاني تعادله، والثالث فوزه في ملعب الفريق المنافس.

في هذه الحالة يمكن لدار المراهنة أن تقول إن فرص الفريق في الفوز على ملعبه laquo;متساويةraquo; أو 1-1 أو 50 في المئة. وتحدد هذه النسبة إضافة الرقمين وقسمة الرقم الثاني على ناتج الإضافة. فيصبح الأمر هنا 1 مقسومًا على 2 = frac12; أو 50 في المئة. وإذا حددت الدار فرص تعادله بأرجحية 2-1، صارت النسبة 33 في المئة لأن 2 + 1 = 3. وقسمة 1 على 3 تعطينا ثلثًا أو 33 في المئة. وبالطريقة نفسها تصبح فرص فوز الفريق على ملعب منافسه 5-1 مساوية لحوالى 16 في المئة.

المراهنات والقانون

بينما تركز دور المراهنة الأميركية على نتائج المنافسات الرياضية الاحترافية والطلابية، يتوسع نطاقها كثيرًا في بريطانيا وآيرلندا فتشمل كل شيء ذي تطورات أو نتيجة. وهي ممارسة تخضع، مثل كل شيء آخر ليد القانون. ففي بريطانيا مثلاً فإن لها شقًا مشروعًا وآخر غير مشروع في الوقت نفسه. فبينما تستطيع الدور استخراج رخصة لنشاطها، تعجز في اللجوء الى المحاكم للحصول على دين مستحق لها من جهة مقامِرة.

كما ان القانون يحظر على دور القمار الأجنبية فتح فروع لها على أراضي البلاد. ويذكر أن حكومة هارولد ماكميلان المحافظة هي التي سنت قانون دور المراهنات التي بلغ عددها بعيد ذلك 15 ألفًا. لكن قرابة نصف هذه اغلقت بأوامر حكومية أو نتيجة الإفلاس.

وفي الولايات المتحدة تترك الحكومة الفيدرالية لكل ولاية إصدار تشريعاتها الخاصة بالمراهنات. وقد حاولت البلاد، في إطار حظر الدور الأجنبية، سد الطريق على المواقع الإلكترونية لكن laquo;هيئة التجارة العالميةraquo; حالت دون ذلك. وفي دول أخرى مثل كندا والسويد وسنغافورة واليابان لا يسمح الا للدور المملوكة للدولة بأخذ مراهنات بأي شكل من الأشكال.

بالأرقام

أكثر أنواع القمار انتشارًا في بريطانيا هو يانصيب laquo;اللوتريraquo; الذي شارك فيه 57 في المئة من سكان البلاد العام الماضي. وتأتي خلف هذا بطاقات الحك (20 في المئة) وسباق الخيل (17 في المئة) والكازينوهات وماكينات القمار (14 في المئة) ثم القمار الإلكتروني (6 في المئة).

ويبلغ عدد أفرع دور المراهنات في بريطانيا 8 آلاف و862، وأشهرها laquo;وليام هيلraquo; (2228 فرعًا) وlaquo;لادبروكسraquo; (2080 فرعًا) وlaquo;كورالraquo; (1630 فرعًا)، يعمل فيها مجتمعة أكثر من 57 ألف شخص. ويبلغ متوسط صافي أرباح أي من الدور الكبيرة الثلاث من المراهنات على مباريات كرة القدم وسباق الخيل والكلاب وحدها حوالى 1.5 جنيه في العام (2.25 مليار دولار).

وفي كلارك كاونتي (التي تقع فيها عاصمة القمار لاس فيغاس) كان صافي أرباح الكازينوهات 10.6 مليارات دولار للعام 2007، وكان نصيب كازينوهات لاس فيغاس منها 8.2 مليار دولار. وعلمًا فقد كان أكبر الرابحين رجلاً في الثانية والتسعين من عمره الآن فاز في العام 1989 بأكبر جائزة فردية في تاريخها وهي 4.6 ملايين دولار، وفاز العام الماضي بالكبرى مجددًا وهي 21 مليون دولار.

وتبعًا لتقديرات الخبراء الماليين، فإن حجم الأموال المتداولة في المراهنات على نطاق العالم يبلغ أكثر من 155 مليار دولار سنويًا. ويقول هؤلاء إن معدل نمو أسواقه في الصين وسنغافورة وتايلاند هو الأسرع على الإطلاق إذ يبلغ 15 في المئة سنويا. ويقولون إن حجم الأموال المتداولة فيه ستبلغ قرابة 40 مليار دولار في العام 2012 مقارنة بـ18.3 مليار دولار في 2007.