وجد البعض في لبنان من خلال المراهنات على quot;المونديالquot; فرصة لكسب بعض المال لتدبر الأمور بحيث تتخذ اشكالا مختلفة تصل الى المئات بل والآلاف من الدولارات، على الرغم من أن ليس هناك أي نص في القانون اللبناني ينظم عملية المراهنة بأشكالها المختلفة، بل على العكس فإنه يمنعها ويعاقب عليها.
بدا العلم البرازيلي الكبير الذي كان يغطي واجهة البناية المقابلة للسور الشرقي لمطار بيروت الدولي أمرا عاديا، بعد quot;هستيرياquot; بطولة العالم في كرة القدم والتي اصابت اللبنانيين على مختلف اعمارهم وفئاتهم الاجتماعية، واتخذت الحياة في حي quot;البركاتquot; الشعبي في الضاحية الجنوبية لمدينة بيروت طابعا مختلفا تماما عنوانه quot;المونديالquot;، بدءا برفع اعلام الدول الممشاركة في البطولة فوق اسطح المنازل وتعليقها على هوائيات السيارات. وتحول حديث quot;المونديالquot; الموضوع الوحيد للجلسات والسهرات، حيث اعيد ترتيب الحياة اليومية وفقا لمواعيد المباريات، وارتفعت شاشات العرض على اشكالها وانواعها في المطاعم الصغيرة وباحات الأزقة .
كان كل ذلك امرا طبيعيا في ظل حمى الاهتمام بكأس العالم في كرة القدم لدى اللبنانيين الذين سرعان ما تنسحب روح quot;الزكزكةquot; والتحدي الشخصي في ما بينهم بعيدا عن الهدوء والموضوعية كالعادة في الاحداث التي يعيشونها. ولان البرازيل تكتسب تأييدا كاسحا كان موعد لقائها مع هولندا ذروة الاهتمام لدى سكان الحي.
في احد المقاهي التي رفعت الشاشات للمتابعين ، كانت الحماسة تطغى على الاجواء خصوصا في الشوط الاول اثر تسجيل الهدف البرازيلي لكن الاوضاع انقلبت الى حزن وصمت في الشوط الثاني بعد تغير مجرى المباراة، باستثناء شاب واحد كانت ترتسم ملامح السعادة على وجهه . لكن هذا الشاب لم يكن من مشجعي هولندا فكان السؤال عن سبب سعادته فكان الجواب بانه تراهن مع احد رفاقه على نتيجة المباراة بمبلغ مئة دولار اميركي . مجددا كان السؤال عن سوابقه في المراهنة فكان التاكيد بانه ربح مراهنات عديدة منذ بداية المونديال .
ويوضح اكثر عقب السؤال عن quot;كمية الاموال التي كسبها quot; ان المراهنات تتخذ اشكالا مختلفة فأحيانا تكون زجاجة مرطبات او جهاز هاتف خلوي او ساعة يد وصولا الى المبالغ المالية التي قد تبدأ بدولار اميركي وتصل الى المئات بل والآلاف منها.
وبما ان المراهنة نوع من القمار المرفوض اجتماعيا ودينيا واخلاقيا وقانونيا كان الجواب بانه عاطل عن العمل منذ اشهر ، ووجد في المونديال فرصة لكسب بعض المال لتدبر امره .
ولا يقتصر الامر على هذا الشاب فحسب، بل يلجأ عدد كبير من ابناء الحي الى المراهنة وقد تصل المبالغ موضع المراهنة الى الاف الدولارات قد تساعدهم على تأمين احتياجاتهم .
وقد اختصرت الجملة الاخيرة كل الموضوع، انها الازمة الاقتصادية التي تتحول الى ارض خصبة لجذب المراهنين وتجعل المراهنات على انواعها عملا عاديا في لبنان .
يتدخل في الحوار عماد وهو الشاب المهاجر الى استراليا والعائد الى لبنان من اجل قضاء العطلة الصيفية، مؤكدا ان المراهنات على انواعها تبدو عملا يوميا وعاديا في الكثير من دول العالم،ومن بينها استراليا التي يوجد في كل حي من احياء مدنها مكتبا للمراهنة على مختلف انواعها، بدءا بسباقات الخيل والكلاب وصولا الى المباريات الرياضية واحيانا عدد المقاعد التي يتوقع ان تفوز بها الاحزاب السياسية خلال الانتخابات البرلمانية، ويتم ذلك وفقا للقانون وتقنية المعلوماتية التي لا تسمح باي خلل او خلاف بين المراهنين، وتنتهي بانتهاء الحدث موضوع الرهان.
ويلفت عماد الى ان المراهنات حول كأس العالم في كرة القدم، تحوز على النسبة الاكبر من المراهنات والتي وفقا لتقدير الكثير من المكاتب المتخصصة بهذا الشأن، يمكن ان تصل الى ما يقارب العشرة مليارات دولار اميركي في كافة انحاء العالم، وخصوصا بعد التقدم الكبير في اساليب المراهنة حيث لم تبق نتيجة المباريات هي المهمة فقط، بل تصل المراهنات الى حدود توقع التعادل السلبي او الايجابي وحتى عدد الاهداف، ويستند الكثير منها إلى الدراسات التي تقوم بها المكاتب الاستشارية المتخصصة بكرة القدم .
ويتوقف المحامي ميشال ضاهر عند ظاهرة المراهنات التي تجتاح الاوساط الاجتماعية اللبنانية الغنية منها والفقيرة والتي قد يكون الوضع الاقتصادي احد اسبابها، ولكنه ليس الوحيد حيث هناك بعد سيكولوجي يرتبط بالنفس الانسانية التي تميل الى التحدي والمغامرة واثبات الذات، ما يدفع الكثير من دول العالم الى ادخال نظام المراهنات في البورصة، وافتتاح المكاتب الخاصة التي ترعى هذه الظاهرة، وتنظمها في شتى الانواع والمجالات والتي تبدو في كثير من الدول والمجتمعات اشبه بشراء علبة سجائر او زجاجة مرطبات.
ويوضح المحامي ضاهر بانه لايوجد في لبنان اي مكاتب تعنى بالمراهنة، بما في ذلك المراهنات المتعلقة بكرة القدم، واذا ما حصل هذا الامر فانه يتم من خلال العلاقة الخاصة بين الافراد المعنيين بذلك فقط، الا اذا كان هناك ارتباط بمكاتب معتمدة خارج لبنان عبر شبكة الانترنت.
ويؤكد ضاهر ان ليس هناك اي نص في القانون اللبناني ينظم عملية المراهنة باشكالها المختلفة، لان لا قانون حتى الآن صادر عن المجلس النيابي يرعى ذلك، بل على العكس فان القانون في لبنان يمنع المراهنات ويعاقب عليها، حيث يوجد مجال وحيد للمراهنة هو سباق الخيل الذي يخضع لنظام خاص بالجمعية المسؤولة عن ذلك، اما المراهنات الاخرى التي تأخذ شكل القمار، فانها تتم بتراخيص محددة لا تتعدى الجمعية المعنية مثل كازينو لبنان .
التعليقات