مع احتدام الجدل حول مشروع المركز الإسلامي المفترض أن يتم تشييده بالقرب من موقع أحداث الحادي عشر من سبتمبر، حذّر متابعون من أنّ المعارضة التي يبديها كثيرون ضدّ هذا المشروع، قد تساهم في زيادة عدد المتشددين المسلمين الأميركيين.

واشنطن: في وقت ما زال يكتنف فيه الجدل مشروع المركز الإسلامي المفترض أن يتم تشييده بالقرب من منطقة غراوند زيرو، موقع أحداث الحادي عشر من سبتمبر، نقلت اليوم صحيفة كريستيان ساينس مونيتور الأميركية عن بعض المنتقدين قولهم إنه في حالة نجاح الاعتراض الذي يبديه كثير من معارضي المشروع، فستزداد فرص حدوث أكثر الأشياء التي يخشونها، وهو زيادة عدد المتشددين المسلمين الأميركيين.

وفي مستهل حديثها، قالت الصحيفة إن النقاش اللاذع الذي يدور حاليا ً بصورة متزايدة حول تشييد ذلك المبنى الذي يُطلق عليه quot;مسجد غراوند زيروquot; في حي مانهاتن، على بعد بنايتين تقريبا ً من برجي مركز التجارة العالمي اللذين دمرهما تنظيم القاعدة في الحادي عشر من شهر أيلول / سبتمبر عام 2001، يحاكي نقاشات مماثلة في القارة الأوروبية ومن الممكن، إن أصبح الخطاب مألوفا ً، أن يحظى بعواقب عريضة وسلبية على دمج وتكامل المجتمع الإسلامي المتنامي في الولايات المتحدة الأميركية.

ورغم تأكيد بعض المعارضين لفكرة بناء المركز الإسلامي على أنهم يشعرون فقط بالقلق إزاء مشاعر أقرباء ضحايا هجمات الحادي عشر من أيلول / سبتمبر، لأن أولئك الأشخاص الذين قاموا بتنفيذ الهجمات كانوا مسلمين، إلا أن آخرين ينظرون إلى محاولة بناء المركز على أنها خطوة هجومية ضمن ما يعتبرونها حرباً ثقافية.

ومضت الصحيفة بعدها لتقول إن تجربة الولايات المتحدة مع مواطنيها المسلمين، والعكس بالعكس، تعد تجربة مختلفة تماما ً وأكثر إيجابية عن نظيرتها الموجودة في معظم أنحاء أوروبا، حيث بدأت أولا ً الدول التي تحظى بهويات دينية وعرقية متجانسة إلى حد كبير، تتعامل مع تدفقات كبيرة من المهاجرين المسلمين بعد الحرب العالمية الثانية.

وفي الوقت الذي يقول فيه المسلمون داخل القارة الأوروبية إنهم أكثر عرضة للإحساس بالغربة داخل المجتمع الذي يعيشون فيه، وإنه لا يتاح أمامهم سوى عدد قليل من الفرص الاقتصادية، التي أدت جميعها بعد ذلك إلى انجذاب عدد أكبر نسبيا ً من الشباب الأوروبي المسلم إلى أيديولوجية العنف التي يتبناها تنظيم القاعدة وزملاؤهم المسافرون، كانت الولايات المتحدة على النقيض من ذلك، لأنها كانت وما زالت أمة للمهاجرين، يحظى فيها إلى الآن هؤلاء الوافدون الجدد بالقدرة على توطيد أقدامهم داخل البلاد بصورة أسرع من باقي المهاجرين في أجزاء أخرى من العالم.

وفي سياق التصريحات التي أدلى بها لكريستيان ساينس مونيتور، قال إحسان باغبي، أستاذ الدراسات الإسلامية في جامعة كنتاكي، إن الولايات المتحدة كانت محظوظة بأن أوائل الأشخاص المسلمين الذين هاجروا إليها كانوا أفضل تعليمًا وأكثر ازدهارًا عن نظرائهم في أوروبا، وأن وجود الجالية الإسلامية الأميركية من أصل إفريقي قد قدَّم بالفعل قالبًا لنموذج إسلامي أميركي عندما وصولهم، رغم قلة عددهم في بداية الأمر. وتابع باغبي في هذا السياق بقوله :quot; تلك هي الفلسفة التي يقبلها الدين، وبغض النظر عن ماضيهم أو ديانتهم، سيتم استثناء الأشخاص باعتبارهم مواطنين كاملي الحقوق .. وهذا فهم إيجابي يدل على أن أميركا مجتمع منفتحquot;.

على صعيد متصل، أكد اليوم الإمام فيصل عبد الرؤوف، المدير التنفيذي لمبادرة قرطبة، التي تدعم بناء المجمع الإسلامي، أن التطرف يشكل تهديدا ً أمنيا ً في الغرب والعالم الإسلامي على حد سواء، حسب ما نقلت عنه اليوم تقارير صحافية. وقال في كلمة ألقاها اليوم في أحد مساجد العاصمة البحرينية، المنامة، ضمن الجولة التي يقوم بها حاليا ً في المنطقة وستستمر 15 يوماً بتمويل من الخارجية الأميركية، إنه يأمل في جذب الانتباه إلى التحديات المشتركة لمحاربة المعتقدات الدينية المتطرفة.

وفي وقت ما زال يسعى فيه حاكم ولاية نيويورك، ديفيد باترسون، إلى التزام لغة الحوار مع مطوري المشروع المقترح، قال اليوم في تصريحات إذاعية، أبرزتها صحيفة نيويورك دايلي نيوز الأميركية، إن الوضع يزداد سوءًا كل يوم، مضيفًا quot; هناك عدد من الطرق التي قد نقترح على المطورين أنها ستهدئ الموقف، الذي يخرج عن نطاق السيطرة بصورة متزايدة يوماً بعد الآخرquot;. وكشف باترسون في السياق ذاته أيضًاعن عدم وجود خطط للاجتماع مع الأشخاص المسؤولين عن تنفيذ المشروع.